يعيش الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أزهى عصور الديكتاتورية، خاصة بعد الصدام مع جيرانه من جانب، والاتحاد الأوروبي من جانب آخر، وذلك على خلفية مساعي الأخير الاستيلاء على الغاز فى البحر المتوسط، رافضًا تقديم أي تنازلات، مُعززًا مشاعره القومية من أجل حماية نفوذه بالمنطقة الاقتصادية القبرصية. ويبدو أن أردوغان قرر التصادم مع المعارضين لمشروعه التمددي في المنطقة بأكملها، حتى وصل إلى تهديد الحلفاء، وذلك بتسيير بوارجه العسكرية داخل الحدود الإقليمية للسلطات القبرصية من أجل تعزيز قبضته بالقوة الجبرية. تهديدات السلطان العثماني قوبلت باستهجان شديد من قبل جيرانه (قبرص واليونان)، اللذين سارعا إلى الاستعانة ب"الناتو والاتحاد الأوروبي" من أجل ردع التوغل العثماني وفرض القوة على مناطق ذات سيادة. اقرأ أيضًا: غاز المتوسط.. تركيا تؤجج الخلافات مع أوروبا لاستدراج قبرص وسرعان ما لقيت استغاثة قبرص الدعم الكامل من قبل الاتحاد الأوروبي، حيث قامت إيطاليا إحدى دول الاتحاد الأوروبي بإرسال سفينة عسكرية من أجل تأمين شركة إيني التي تمارس أعمال التنقيب لصالح قبرص في المتوسط. ليس هذا فحسب، فبالأمس، أدان قادة الاتحاد الأوروبي بشدة تركيا لمنع الشركات من التنقيب عن الغاز الطبيعي في المياه القبرصية، وذلك في الوقت الذي يستعد التكتل الأوروبي إلى عقد قمة أوروبية تركية بشأن التعاون المشترك. واعتبر أيضًا المجلس الأوروبي أن استمرار التحركات غير المشروعة من جانب تركيا في شرق البحر المتوسط وبحر إيجة، يزيد من تعقيد الأمور وقد يشعل خلافًا قديما في منطقة جنوب شرق البحر المتوسط، مطالبًا أنقرة بشكل عاجل بوقف هذه الأعمال واحترام حقوق سيادة قبرص في التنقيب عن مواردها الطبيعية واستغلالها. اقرأ أيضًا: غاز المتوسط.. مصر تدعم قبرص وإسرائيل تتدخل وتركيا تصمت التحذيرات الأوروبية لأنقرة، ستلقى حتما تجاهلًا، خاصة أن هناك خلافات بين أردوغان والاتحاد بشأن انضمام تركيا وإزالة أي معوقات للدولة العثمانية في أوروبا، إلا أن الاتحاد لم يبال بما ستؤول إليه مجريات الأمور في ظل تحركات الديكتاتور التمددية. وللعلم أيضًا فإن قضية التنقيب عن الغاز قبالة السواحل القبرصية، هي قضية خلافية بين شطري قبرص من جهة وبين تركيا والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى. تعنت تركيا بشأن حقوق قبرص عُلل من جانب السلطان العثماني بأن اتفاقات استكشاف الغاز تمثل خرقًا لحقوق القبارصة الأتراك في ثروة الطاقة المحتملة، وهو ما دفع السفن الحربية التركية إلى التحرك لوقف أعمال التنقيب. الحقيقة أن أردوغان لن ينجح في تحركاته في البحر المتوسط، حيث بدأت واشنطن بتوجيه أنظارها مجددا تجاه شرق البحر المتوسط، وذلك بعد إعلان شركة إكسون موبيل الأمريكية العملاقة العاملة في قطاع النفط، إرسال سفينة تنقيب تابعة لها إلى الجزيرة في الوقت الذي تعزز فيه البحرية الأمريكية وجودها بالمنطقة. حيث رفضت الولاياتالمتحدة مطلب الجانب التركي بالتفاوض على تلك الآليات بين مسؤولين رفيعي المستوى يكونون على الأقل على مستوى مساعد وزير، وهو ما كان مُخيبا لآمال السلطان العثماني. خلاصة الأمر، أنه يجب على تركيا احترام القانون الدولي وعلاقات حسن الجوار الجيدة، وتطبيع العلاقات مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما فيها جمهورية قبرص، وذلك من أجل إنهاء المقاطعة الغربيةلأنقرة، والتي تسبب بها الديكتاتور العثماني. كانت جزيرة قبرص قد تعرضت للتقسيم عام 1974 إلى جنوب ذي أغلبية من أصول يونانية، وهي الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، والتي تعترف بها أغلب دول العالم، وجزء شمالي ذي أغلبية تركية باسم جمهورية شمال قبرص التركية، ولا تعترف بها سوى تركيا، وهذا ما أجج الخلافات حتى تلك اللحظة حول ثروات البحر المتوسط.