"قبيلة الغفران" عشيرة عانت الكثير من أشكال الاضطهاد والانتهاك من النظام القطري المستمر منذ سنوات عديدة، إلا أن هذه القضية بدأت تطفو على السطح مجددا، بعد تعرض عدد من أفراد القبيلة مؤخرا لسحب الجنسية. هذه القبيلة هي أحد الفروع الأساسية لقبيلة "آل مرة" الأكبر التي تعد من أقدم القبائل التي سكنت قطر منذ مئات السنين، ويعيش معظم أبنائها في قطر والسعودية. أحدث الانتهاكات التي تعرضت لها هذه القبيلة إسقاط الجنسية عن "طالب بن لاهوم بن شريم المري"، شيخ قبيلة آل مرة، و50 من أفراد أسرته وقبيلته ومصادرة أموالهم، في خطوة لقمع الحريات وتكميم الأفواه. شكوى جديدة أبناء عشيرة "الغفران" يعتزمون إطلاق حملة للضغط على الدوحة لوقف "انتهاك قطر" بحقهم، كما يقومون بتجديد شكوى لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بخصوص هذه الانتهاكات. ويتهم أبناء العشيرة النظام القطري "بانتهاك حقوقهم بأشكال تشمل سحب الجنسية والحرمان من حق العمل والاستفادة من مساعدات الدولة". وسبق أن قدم أبناء القبيلة شكوى إلى مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في سبتمبر الماضي، شرحوا فيها أشكال تضررهم من تعسفات النظام القطري في إسقاط الجنسية عنهم، وما رافق ذلك من اعتقالات وتعذيب وترحيل قسري ومصادرة أملاك، ومنعهم من العودة إلى وطنهم. "سوف نسأل عن شكوانا السابقة إلى مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، وأسباب تجاهلها ونطرح قضيتنا في كل منبر إعلامي وحقوقي"، هذا ما أكد عليه جابر عبد الهادي المري أحد نشطاء القبيلة. وستوفد القبيلة وفدا يضم 12 فردا إلى جنيف للمشاركة في فعاليات لدعم مطالبها على هامش الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان التي تعقد في جنيف. المري أعرب عن أمله في أن تنصت مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان إلى شكاواهم وتساعدهم على إقناع الحكومة القطرية بإعادة الجنسية التي جُرد عدد كبير من أبناء العشيرة منها، حسب ال"بي بي سي". وأكد المري أن أبناء القبيلة لا يريدون الإضرار بوطنهم قطر، لكن نحن نواجه حكاما امتلأ صدرهم حقدا وكراهية لأي شخص يحمل اسم "الغفراني". ويبدو أن قضية "الغفران"، ستحاصر النظام القطري في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في جنيف في وقت عبر عدد من الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان عن صدمتهم جراء المعلومات التي توفرت لهم عن مأساة هذه القبيلة، مشددين على أنها ستظل وصمة عار في جبين النظام القطري، مؤكدين أنه على مفوضية الأممالمتحدة المختصة الاضطلاع بدورها في حماية حقوقهم من انتهاكات سلطات الدوحة المستمرة منذ أعوام. إنصاف ورد اعتبار ما يقرب من 40 منظمة حقوقية تمثل "الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان" بعثت برسالة إلى الأمير زيد بن رعد الحسين، رئيس المفوضية، تدعوه إلى إنصاف القبيلة. "المواطنون القطريون يتعرضون لظلم يجب دفعه عنهم، وأنه وقع جراء نزع جنسيتهم بشكل تعسفي من قبل السلطات القطرية التي حرمتهم من حقوقهم الأساسية، مما يمثل انتهاكا فاضحا لحقوق الإنسان"، هذا جزء من محتوى الرسالة التي بعثها رئيس الفيدرالية الدكتور أحمد الهاملي، والتي شدد خلالها على ضرورة رد الاعتبار للمواطنين القطريين الذين انتزعت جنسياتهم. "الفيدرالية" أشارت أيضًا إلى أن هذه الانتهاكات تمثل مخالفة قانونية واضحة تتناقض مع القوانين الدولية كافة، وأنها تمثل نوعا من العقاب الجماعي التعسفي الذي استنكرته الكثير من المنظمات الحقوقية الدولية، لذا قررت الفيدرالية تبني قضية آل الغفران من منطلق مهني وأخلاقي، وسلطت الضوء على ملف المأساة ولفت أنظار المجتمع الدولي إليها للقيام بدوره تجاههم. ازدواجية أم انقلاب؟ تعود بداية الاضطهاد القطري ل"الغفران" إلى عام 1996 عندما قام النظام بتوقيف الكثير من أبناء القبيلة هذا العام الذي سيطر حمد بن خليفة آل ثاني على الحكم بعد انقلاب على والده، إلا أن الأب حاول القيام بانقلاب لاسترداد الحكم دون جدوى وفشل في ذلك. بعدها تم اتهام عدد من أفراد تلك القبيلة من العاملين في الشرطة والجيش بالمشاركة في ذلك الانقلاب الفاشل الذي قام به الأب، وانحيازهم للحاكم الأسبق الشيخ خليفة خلال محاولته العودة إلى سدة الحكم من جديد. وخلال 2004 قامت الدوحة بإسقاط الجنسية عن 6 آلاف فرد منها، دون أي مبرر أو سبب يتفق والمعايير الدولية. إلا أن قطر دائما ما تؤكد أنها سحبت جنسية بعض أبناء عشيرة الغفران لأنهم مواطنون سعوديون، مشيرة إلى أن القانون يمنع ازدواجية الجنسية، وتنفي ممارسة أي انتهاكات بحق أفرادها المقيمين بقطر. موضحة أن أبناء العشيرة منتشرون في قطر والسعودية وغيرهما. إبادة جماعية ويبدو أن الدوحة لا ترغب في إبادة هذه القبيلة فقط، وذلك عقب تهديد مستشار أمير قطر تميم بن حمد "محمد آل مسفر" عبر تلفزيون قطر الرسمي بإبادة القبائل. وبدا بعد هذا التهديد أن أمير قطر تميم بن حمد سيُلاحق قريبا بتهمة "الإبادة الجماعية"، ويرى مراقبون إمكانية تحريك دعوى من هذا النوع أمام محكمة الجنايات الدولية ضد الدوحة، حسب "البيان". وتستند مطالب تحريك دعوى ضد الدوحة إلى أن التصريح صادر عن تلفزيون قطر الرسمي، وكون المسفر يعمل مستشارا لأمير قطر، إلى جانب أن الحكومة القطرية لم تعتذر عن التصريحات أو تشجبها. يبدو أن القبائل القطرية رفعت الكارت الأحمر لنظام تميم بن حمد بعد هذا التهديد المباشر في مقدمتها انتفاضة "الغفران" أمام العالم لفضح النظام القطري، إذ يوجه النظام التهديدات للقبائل القطرية بشكل علني، وصلت لحد "إبادة القبائل" التى تنتقد سياسات الدوحة.