زادت التوترات الطائفية في سريلانكا منذ العام الماضي، عندما اتهمت جماعات بوذية متشددة، المسلمين بإجبار أناس على اعتناق الإسلام وتخريب مواقع أثرية بوذية، في الوقت الذي تعاني الأقلية هناك من التطرف البوذي ومن تجاهل رسمي بعد انتهاء الحرب الأهلية هناك. وقالت شرطة سريلانكا اليوم الثلاثاء: إن "خمسة أشخاص على الأقل أصيبوا بجروح ولحقت أضرار بعدة متاجر وبمسجد في اشتباكات بين الأغلبية السنهالية البوذية والأقلية المسلمة في شرق البلاد". وصرح المتحدث روان جونسيكارا، بأن الشرطة نشرت قوة في بلدة أمبارا في شرق البلاد للسيطرة على الاضطرابات، بعدما هاجمت مجموعة من السنهاليين مسجدا وأربعة متاجر وعدة مركبات في ساعة متأخرة الليلة الماضية. استهداف المسلمين وأدان دبلوماسيون العام الماضي أعمال العنف ضد المسلمين وحثوا الحكومة على احترام حقوق الأقليات وحرياتها بعد أكثر من 20 هجوما على مسلمين منها حرق محال يملكها مسلمون ومساجد. ووعد الرئيس مايثريبالا سيريسينا ورئيس الوزراء رانيل ويكرمسينغ باحترام حقوق الأقليات، إلا أن الهجمات على المسلمين استمرت. مسلسل من العنف بدأت أحداث العنف الأخيرة خلال نوفمبر الماضي، بين الغالبية البوذية والأقلية المسلمة بعد وقوع حادث مروري اصطدمت خلاله دراجة يقودها بوذي بسيدة مسلمة في الشارع، ألقت قوات الشرطة في سريلانكا حينها القبض على 19 شخصا بعد أعمال عنف طائفية شهدتها جنوب البلاد. وقالت الشرطة: إن "امرأة من بين المعتقلين، بعد أن نشرت أخبارا كاذبة مفادها أن مسلمين كانوا على وشك تنفيذ هجوم على معبد بوذي". وفي عام 2014 أسفرت أحداث شغب أججتها جماعات بوذية متشددة عن مقتل ثلاثة مسلمين. أما عام 2013، فقد أصيب 7 أشخاص على الأقل في العاصمة السريلانكية كولومبو عندما قاد رهبان بوذيون المئات من أنصارهم إلى مهاجمة متجر لبيع الملابس يمتلكه مسلمون. كان قد اندلع توتر عرقي في سريلانكا تحول إلى حرب أهلية عام 1983، ففي أعقاب مذبحة مناهضة للتاميل، سعت جماعات انفصالية تاميلية في شمال وشرق الجزيرة إلى الانسلاخ عن الحكومة التي تهيمن عليها أغلبية سنهالية. وخلال الحرب وقعت أسوأ أعمال عنف ضد المسلمين في سريلانكا على يد متمردي التاميل، وبعد أن وضعت الحرب الدموية أوزارها بهزيمة المتمردين عام 2009، يبدو أن غضب الأغلبية وجد هدفا جديدًا في الأقلية المسلمة. حيث كان المسلمون بعيدين عن الأنظار بعد تمكن الجيش من دحر مقاتلي نمور التاميل عام 2009، لكنهم تعرضوا في السنوات الأخيرة لحملات من الكراهية يقودها رهبان بوذيون، في موقف مشابه لما يحدث للمسلمين الروهينجا. أحفاد التجار الغالبية العظمى من مسلمي جزيرة سريلانكا هم أحفاد التجار العرب والفارسيين الذين استقروا في الجزيرة، وتشير التقديرات الرسميَّة إلى أن أعداد المسلمين تقدر بنحو 7% من سكان البلاد، وهناك إحصائيات تقول: إن "عددهم يمثل نحو تسعة في المئة فقط، بينما يعتقد المسلمون أن أعدادهم قد تزيد على ذلك بما يصل إلى 17% من إجمالي السكان، ويبدو أن هذه الأرقام مهمة للغاية في سريلانكا، لأن التمويل من وزارة الشئون الدينيَّة البوذية لتنفق على كل دين بشكل تناسبي حسب أعداده. غير أن المسئولين أنفسهم في وزارة الشئون الدينية البوذية تجنبوا الإجابة عن مصدر إثارة التوترات الدينيّة في سريلانكا، مشيرين فحسب إلى أنها أطراف معينة أو أنها حوادث فرديّة، وزعم المسئولون أن شرطة الوزارة تلقت شكاوى عديدة عن التمييز من جميع الجهات، وهذا الموقف المتناقض تجاه القضايا الطائفية ينعكس بدوره على المستويات العليا من الحكومة أيضًا. ويبلغ عدد سكان سريلانكا 21 مليون نسمة ويدينون بالبوذية والهندوسية والإسلام والمسيحية، ويشكل البوذيون نحو 70% من السكان.