أعلنت محافظة القاهرة مؤخرا تطوير عدد من الأسواق الشعبية بالتعاون مع وزارة الثقافة لتطوير هذه الأسواق واستعادة طابعها الحضاري والتاريخي الذي كادت تفقده بسبب تجاهلها خلال السنوات الماضية، وتحمل الأسواق الشعبية القديمة في القاهرة داخل شوارعها عبق التاريخ، فبداخلها سنوات طويلة شاهدة على أحداث وذكريات كثيرة، وتعد هذه الأسواق من أهم ما يميز بعض المناطق ويجعل لها قيمة تاريخية، يتوافد عليها المواطنون من كل المحافظات، ومن داخل القاهرة تترد عليها كل الطبقات، بل أصبح بعضها مصدرا للسياح في مصر لشراء بعض ما يميز القاهرة من ملابس ومفروشات ومعادن. يأتي سوق العتبة على قائمة أولويات المحافظة في عملية تطوير الأسواق الشعبية، وهى من أشهر الأسواق الشعبية وأقدمها في مصر، وتضم نشاطات اقتصادية متعددة، حيث تعد من كبرى أسواق بيع الملابس والأحذية والحقائب ولعب الأطفال بأسعار في متناول الجميع. وكانت العتبة قديما تنافس في أناقتها وجودة بضاعتها محلات لندن وباريس ومنها محلات "هورنستينز"، و"فيتيل" و"ليبتون"، وكانت تضم عددا من البازارات ومحلات الميني فاتورة والرهانات التي كان يملكها اليهود. وبدأت شهرة العتبة كمركز تجاري وحيوي منذ عهد الخديو إسماعيل، ولكنها لم تكن بالصورة التي هي عليها الآن، فكانت العتبة قديما مليئة بجميع الجنسيات ممن يحرصون على التسوق منها، ويتردد عليها سيدات المجتمع المصري، ولكن الآن تغيرت البضائع المعروضة وتغيرت الطبقات المترددة على المكان، فبعد أن كانت سوق العتبة تعرض أفضل البضائع والأقمشة المستوردة من أوروبا، أصبحت تعرض البضائع رخيصة الثمن المستوردة من الصين ودول جنوب شرقي آسيا. حمزة مسعود أحد أصحاب المحلات بالعتبة قال ل"التحرير" إن قرار تطوير الأسواق التاريخية جاء متأخرا، فبعد أن كانت سوق العتبة ذات مكانة تجارية عالية ومحط أنظار كل الطبقات، أصبحت أشبه بالأسواق العشوائية، التي تغزوها حملات الحي من أجل طرد الباعة الجائلين الذين استوطنوا السوق بالكامل دون تنظيم لأماكنهم، وأصبحت العتبة تعتمد على البضائع ذات الأسعار الرخيصة لتصبح في متناول الجميع، مشيرا إلى أنهم يطالبون الحكومة، ليس فقط بتطوير واجهات المباني لاستعادة مظهرها الحضاري، ولكن يطالبون أيضا بعمل دراسات تعيد للعتبة تاريخها التجاري. ومن جانبه قال إبراهيم النادي أحد الباعة الجائلين بسوق العتبة، إنه يخشى أن يكون أول قرار لتطوير السوق، هو طرد الباعة الجائلين الذين لا يملكون مصدر رزق آخر، لافتا إلى أن البائعين يطلبون تنظيم باكيات لهم داخل السوق بشكل حضاري بدلا من أن يتركوا السوق، لافتا إلى أنه لا يوجد أحد ضد عملية التطوير ولكن لا بد من مراعاة البائعين والحفاظ على مصدر أرزاقهم. ومن أهم الأسواق أيضا سوق خان الخليلي وهى واحدة من ثمان وثلاثين سوقا كانت موزعة أيام المماليك على محاور القاهرة، وتقع وسط المدينة القديمة، وتشتهر السوق بالحرف التقليدية والتراثية، وبيع المشغولات الذهبية والفضية والنحاسية وصناعة السجاد والكريستال والسبح وورق البردي والقطع الأثرية الفرعونية المقلدة بإتقان، والشيشة العربي، كما أن الخان يضم العديد من الحرفيين الذين يمتهنون الصناعات اليدوية الدقيقة، ويوجد بالخان مكان مخصص للمصنوعات الجلدية والنحاسية والإكسسوارات التاريخية كالسيوف والخوذات النحاسية والأحزمة، وتتراوح أسعار هذه المنتجات حسب أحجامها ووخاماتها وتبدأ من 20 جنيها وتصل حتى آلاف الجنيهات، ويتردد على سوق خان الخليلي كل الطبقات، ويتردد عليها الأجانب لشراء المقتنيات ذات الطابع المصري الأصيل. محمود مندور أحد أصحاب ورش النحاس والفضة بمنطقة خان الخليلي قال ل"التحرير" إن تطوير الأسواق التاريخية سيعيد لها مكانتها، ولكن تطوير واجهات المباني والحفاظ على التراث المعماري لها لا يكفي لاستعادة المكانة التاريخية لهذه الأسوق، وإنما لا بد من وضع خطة مناسبة لاستعادة المكانة التجارية، من خلال تطوير الحرف قبل أن تنقرض، والترويج لمنتجات الحرفيين بالأسواق المحلية والعالمية، مشيرا إلى أن حركة البيع والشراء ضعيفة مقارنة بالسنوات الماضية، لافتا إلى أن تطوير المباني له دور كبير ولكن الدور الأكبر هو الحفاظ على المكانة التجارية لهذه الأسواق، مطالبا المسئولين بلقاء أصحاب المحلات والحرفيين والتعرف على مشكلاتهم ومحاولة حلها. ويعد أيضا سور الأزبكية من أشهر الأسواق أيضا في مصر، ويضم ما يقرب من 132 مكتبة لبيع وشراء الكتب المستعملة بأسعار مناسبة للجميع، ويزور السوق يوميا أعداد كبيرة من فئات مختلفة، ويقام جناح في المعرض الدولي للكتاب تحت اسم "سور الأزبكية". جدير بالذكر أن المهندس عاطف عبد الحميد محافظ القاهرة، كان قد افتتح السبت الماضي ورشة عمل عن "مشروع الأسواق الخضراء المستدامة"، والذي تنفذه المحافظة بالتعاون مع كلية الهندسة جامعة القاهرة ووزارة الثقافة والجهاز القومي للتنسيق الحضاري، بهدف إحياء وتطوير مباني الأسواق التاريخية للحفاظ على التراث الاجتماعي والثقافي والأنشطة الاقتصادية، وهناك مشروع بحثى سيتضمن تطوير كل الأسواق التاريخية بالقاهرة، وتم تقديم الدعم البشرى والمعلوماتى لمشروع تطوير الأسواق التاريخية بالتعاون مع إدارة الحفاظ على التراث وحيى الموسكى والأزبكية.