كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، في تقريرها اليوم الثلاثاء، عن مدى تأثير سياسة ترامب في عامه الأول على الشرق الأوسط. وقالت الشبكة الأمريكية: إن "ترامب وعد بأن تكون هزيمة (داعش) من ضمن أولوياته القصوى في المنطقة، وكانت القوات الأمريكية حاسمة في تحقيق هذا الهدف". لكن بعيدًا عن تلك الأولوية، فإن سياسة الولاياتالمتحدة في المنطقة كانت عبارة عن كتلة من الارتباك والتناقض التي أدت إلى نفور حلفاء الولاياتالمتحدة وصبت في مصلحة خصوم واشنطن. القدس كان آخر مثال لذلك، عندما أعلن ترامب أن القدس عاصمة لإسرائيل ضد النصائح والتحذيرات المعلنة من قبل أقرب حلفاء واشنطن، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والأردن. فضلاً عن أن هناك العديد من الوظائف الدبلوماسية الرئيسية في المنطقة شاغرة، حيث يوجد نحو ثماني سفارات أمريكية في الشرق الأوسط بما في ذلك مصر وتركيا والأردن والسعودية من دون سفراء، حسب "سي إن إن". هذا في الوقت الذي تفقد فيه وزارة الخارجية، تحت قيادة ريكس تيلرسون، مواهبها، وتتجاهل إدارة ترامب نصائح الدبلوماسيين ذوي الخبرة والمعرفة. رجل ترامب في الشرق الأوسط يعتبر أقرب حليف للرئيس ترامب في هذا الوقت المضطرب هو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي بدأ مسارا أكثر انفتاحًا داخل بلاده، مثل السماح للمرأة بقيادة السيارات، وفتح دور السينما، إلا أنه يقوم باتخاذ العديد من الخطوات الخاطئة خارج البلاد. ووفقًا للشبكة البريطانية "يُعتقد أن ولي العهد هو الداعم الرئيسي للحرب الكارثية في اليمن، والحصار المفروض على قطر، والاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وآخرها احتجاز الملياردير الأردني- الفلسطيني النافذ صبيح المصري (الذي يدير البنك العربي، ويعتبر من أهم المساهمين الماليين للحكومة الأردنية، وهو مستثمر رئيسي في السلطات الفلسطينية). وفي ظل جميع هذه الخطوات، تحاول الولاياتالمتحدة أن تجمع تحالفًا مع كل من إسرائيل والسعودية، لمواجهة قوة إيران المتنامية، إذ إن التاريخ الطويل من العقوبات والعزلة الدبلوماسية لم تقلص من تأثير إيران المتزايد.. إلا أنه من غير المرجح أن تحقق مجموعة من البلدان التي تتخللها العديد من المشاجرات بقيادة قوة عظمى مشتتة في تحقيق هذا الهدف. روسيا استمرت روسيا في تحسين علاقاتها مع تركيا، أحد أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وكانت موسكو وأنقرة هما الراعيتين الرئيسيتين لمحادثات السلام السورية في العاصمة الكازاخية -(أستانة)- في حين كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية، مجرد مراقب غير فعال.
وتزامن الوجود الروسي هنا أيضًا مع ضعف قوة الولاياتالمتحدة الدبلوماسية، إذ مثَل دعم الولاياتالمتحدة للقوات التي يقودها الأكراد الذين يقاتلون تنظيم "داعش" في شمال سوريا ضربة قوية للعلاقات الأمريكية التركية. سوريا التشتت والاضطراب ليسا جديدين على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، حيث كان قد أعلن الرئيس السابق باراك أوباما، أن استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيميائية ضد خصومها، بمثابة خط أحمر.. لكن في أغسطس عام 2013، قامت سوريا بهذا الأمر، واختفى الخط الأحمر وفشلت الولاياتالمتحدة في اتخاذ أي رد، وأصبحت الإدارة الأمريكية لا تعلم هل ستدعم المعارضة السورية المسلحة أم لا؟ وفي نهاية المطاف أعطتها أسلحة كافية لمحاربة نظام بشار الأسد، ولكن ليست كافية لهزيمته، وأصبحت المعارضة السورية الآن على وشك الهزيمة. وأضافت "سي إن إن" أن إدارة ترامب ورثت تلك الإخفاقات، حيث هددت بالتنصل من الاتفاقات الدولية مثل الاتفاق النووي الإيراني، وكسر المواقف التي طال أمدها، مثل قضية القدس. وتستمر واشنطن المشتتة في الاندفاع جراء سياستها المتهورة في الشرق الأوسط، لذلك إذا كان هناك أي اعتقاد بأن عام 2017 كان عامًا صعبًا في الشرق الأوسط، فعام 2018 سيكون أسوأ.