قبل عام واحد، لم يكن هناك أي تصور أن تصبح فرنسا وجها عاما للدبلوماسية الغربية فى الشرق الأوسط، لكن الحال تغير الآن، حيث يلعب الرئيس إيمانويل ماكرون، دورًا كبيرًا في عدة قضايا بالشرق الأوسط، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية. وقالت الصحيفة: إن "قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتغريداته المعادية للمسلمين، وقراره بتقليص عدد موظفي وزارة الخارجية، أدى إلى تراجع كبير في الدبلوماسية الأمريكية". وقد أفسح هذا التراجع المجال أمام أولئك الذين يرغبون في توسيع حضورهم على الساحة العالمية، من بينهم ماكرون، حيث تبنى سريعًا دورًا أكثر وضوحًا في الشرق الأوسط، خاصة أن بريطانيا وألمانيا أصبحتا أكثر انشغالًا بالسياسة الداخلية. وأشارت "نيويورك تايمز" إلى تدخل ماكرون شخصيًا في الأزمة اللبنانية في نوفمبر الماضي، عندما استقال رئيس الوزراء سعد الحريري، فضلًا عن توصله إلى خطة لوقف المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى قبل أن يتمكنوا من الوصول إلى ليبيا، أما الآن، فوضع ماكرون فرنسا في صورة يسمح لها بالمساعدة في تشكيل سياسة ما بعد الحرب في سوريا. على النقيض من ذلك، يبدو أن الولاياتالمتحدة مترددة في المشاركة بصنع السياسات في سوريا، مما يترك المجال مفتوحا لروسيا للعب الجزء الأكبر. وأوضحت الصحيفة أن من إحدى العلامات الأخرى على عمق الانسحاب الأمريكي، هو أنه حتى في البلدان التي يرى ترامب أنها حليفة له، مثل المملكة العربية السعودية، لا يوجد أي سفير في البلاد، وينطبق الشيء نفسه على 6 بلدان أخرى في المنطقة. علاوة على ذلك، قام ترامب بالتركيز على هدم تنظيم "داعش" وعزل إيران، لكنه تجنب الخوض في السياسات المحفوفة بالمنطقة، فيما قامت الحكومة الفرنسية بفعل النقيض، فهي لم تتردد عن معالجة المشاكل السياسية في الشرق الأوسط، بل وحظيت مؤخرًا بدعم السنة العرب سواء لرفضها دعم الغزو الأمريكي للعراق من قبل، أو لاستعدادها لمحاربة الرئيس السوري بشار الأسد. وتحتل السعودية وقطر ومصر المراكز الثلاثة الأولى (على الترتيب) في قائمة الأسواق المستورِدة لمعدات التسليح الفرنسية، وفي الأسبوع الماضي، أعلن ماكرون، في زيارة إلى قطر، صفقة بين البلدين تشتري بموجبها قطر طائرات فرنسية مقاتِلة بقيمة 1.3 مليار دولار. وذهب ماكرون في زيارة إلى الجزائر أيضًا، الأسبوع الماضي، لدعم العلاقات بين البلدين تحسبًا لانتقال السلطة في البلاد من يد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بسبب تدهور صحته. وفي ظل جميع هذه المواقف رأى بعض الدبلوماسيين أن فرنسا لم تستطع أن تحل محل الولاياتالمتحدة، معللين ذلك بأنها دولة أصغر، وليس لديها القدرة على ضمان اتفاقاتها بنفس الطريقة. فيما لاحظ بعض المحللين التباين في المشاركة الشخصية والاستراتيجيات بين البلدين، إذ قال جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمجموعة الأزمات الدولية في بروكسل: "قبل ترامب، كنا نعيش في العهد الأمريكي". وأضاف "كان الأمريكيون يستخدمون حلفاءهم البريطانيين والفرنسيين للقيام ببعض الأعمال بما يتفق مع الاستراتيجية الأمريكية.. فقد كانوا مستشارين موثوقا بهم، أما اليوم فالأمر أصبح مختلفا.. فإدارة ترامب ليست مهتمة بالعلاقات الدبلوماسية". كان قد أدان الرئيس الفرنسي، قرار ترامب بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية، قائلًا: "نحن لا نشارك الرئيس الأمريكي هذا القرار، ووضع القدس يحدده الإسرائيليون والفلسطينيون معًا من خلال المفاوضات"، مشيرًا إلى أن قرار ترامب أحادي الجانب وفرنسا لا تؤيده.