امتد صدى الأحداث الأخيرة في المملكة العربية السعودية إلى الرأي العام المصري، إذ بات السؤال عن تطبيق عقوبة الأمراء والوزراء الموقوفين مؤخرا على خلفية قضايا فساد باختلاس ورشا. وتداول عدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تساؤلات عن عقوبة المتهمين في قضايا الفساد من الأمراء السعوديين وما إذا كان سيسمح بتطبيق العقوبة في حق المدانين منهم، خاصة أن عقوبة السرقة في المملكة تقع ضمن جرائم الحدود التي تقضي بقطع يد السارق من بقطع يده اليمنى من مفصل الكف (أصابعه). وكانت وزارة الداخلية السعودية في 6 نوفمبر 2007 طبقت حكم قطع اليد في مقيم مصري يدعى عمرو محمد ظريف نصر، بعد إدانته بارتكاب جريمة النشل داخل المسجد الحرام في مكة، وهو الأمر الذي أثار غضب مصريين حينها وطالبوا أيضا بتطبيق نفس الحد على المتورطين بالسرقة والاختلاس من الأمراء السعوديين. وكشفت إحصائية سعودية صدرت في 2013 أن عدد قضايا خيانة الأمانة وسرقة المال العام التي تداولتها محاكم المملكة - خلال عام سابق على الإحصائية- بلغ 2465 قضية، بمعدل قضية واحدة كل ساعة عمل تقريبا. مصيدة الفاسدين وشهدت السعودية ليلة الأحد الماضي «عاصفة حزم» ضد الفساد إذ صدر أمر ملكي بتشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد، برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان، الذي بدوره، أمر بإيقاف 11 أميرا وعشرات الوزراء السابقين، و4 وزراء حاليين. وقالت وزارة الإعلام السعودية، أمس الأحد، إن الحسابات المصرفية والأموال المودعة فيها التابعة للشخصيات المعتقلة بتهم الفساد سيتم كشفها وتجميدها، لافتة إلى أن الممتلكات التي لها علاقة بحالات فساد ستسجل على أنها ملكية دولة. قائمة الاتهامات قائمة الاتهامات ذكرت بعضا منها وكالة «رويترز» للأنباء، إذ نقلت عن مصدر سعودي قوله إن الاتهامات الموجهة لعشرات الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال السعوديين المحتجزين في إطار تحقيق في قضايا فساد تشمل الرشوة والاختلاس وغسل الأموال واستغلال النفوذ. وقال المصدر الذي وصفته الوكالة بالرسمي إن الملياردير الأمير الوليد بن طلال ابن أخ الملك وصاحب شركة المملكة القابضة يواجه عددا من التهم تشمل غسل الأموال وتقديم رشا وابتزاز بعض المسؤولين. وأضاف المصدر أن الأمير متعب بن عبد الله، الذي أعفي من قياد الحرس الوطني، متهم في قضايا اختلاس وتوظيف وهمي وإرساء مشاريع مختلفة ومنها عقود تشغيل وصيانة على شركاته الخاصة بما في ذلك عقود غير شرعية بعشرة مليارات دولار لأجهزة اتصال لاسلكي وآخر لملابس عسكرية واقية من الرصاص بمليارات الريالات. وقال المصدر إن الأمير تركي بن عبد الله أمير الرياض السابق ضمن الموقفين أيضا بتهم التدخل في مشروع قطارات الرياض وتهم فساد في المشروع نفسه واستغلال نفوذ في ترسية مشاريع على الشركات التابعة له بشكل مباشر وغير مباشر. وأضاف المصدر أن وزير المالية السابق إبراهيم العساف، عضو مجلس إدارة شركة أرامكو، متهم باختلاسات من ضمنها مشروع توسعة الحرم المكي ونزع الملكيات في المناطق المجاورة له بالإضافة إلى استغلاله لمنصبه لمعرفته بمعلومات بشراء أراضٍ بأسعار كبيرة قبل نزع ملكيتها والإعلان عن ذلك في المنطقة المجاورة للحرم. فيما فتحت اللجنة العليا أيضا ملفي «سيولجدة» و«ووباء كورونا» اللذين تسببا في وقوع ضحايا بين السعوديين وخسائر جمة للمملكة، إذ بينت التحقيقات في ملف «سيولجدة»، اعتراف كاتب عدل (موظف توثيق) بحصوله في إحدى المرات على رشوة بمليون ريال واستقطع منها مبلغ 150 ألف ريال لترميم مسجد. وذكرت صحيفة عكاظ السعودية أن الشرطة الدولية (الإنتربول) ما زالت تلاحق رجل أعمال ورئيسا سابقا لأحد الأندية إضافة إلى أمين سابق للقبض عليهم وتسليمهم إلى السلطات السعودية، عقب هروبهم من تنفيذ أحكام صدرت بحقهم على خلفية فاجعة سيولجدة. مفاجأة العقوبة ويوجب الاتهام في جرائم غسل الأموال والرشوة واختلاس الأموال العامة التوقيف (الاعتقال) بحسب القانون السعودي، ولا يطبق حد قطع اليد في المتهمين بالاختلاس، إذ أوضح المستشار القانوني خالد أبو راشد أن عقوبات المتورطين في هذه القضايا تتراوح بين التعزير، والسجن والجلد أو كلاهما، مبينا أن التعزيز شرعا يبدأ من التوبيخ في المجلس الشرعي ويصل إلى القتل تعزيرا. وأوضح أبوراشد أنه لا حصانة لأي متهم في قضايا الفساد، وتوقع استعادة أموال وعقارات منهوبة لصالح أملاك الدولة متى ما توفرت الأدلة اللازمة التي تدين المتهمين كون الأصل براءة الذمة وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. وقال المحامي إن إخضاع متهمين متورطين في قضايا فساد بمزيد من التحقيقات سيكشف الكثير، لافتا إلى أن اللجنة المشكلة بأمر ملكي لاجتثات الفساد برئاسة ولي العهد تعكس عزم الدولة في تتبع وتعقب ومحاسبة المتجاوزين. وفي نفس السياق، توقع عضو النيابة العامة السابق المحامي والموثق في وزارة العدل صالح مسفر الغامدي، أن تضم الجرائم المتوقعة التي قد يعاد تدقيقها في قضية سيولجدة، عدة ملفات سابقة تشمل الرشاوى والتزوير وسوء استخدام السلطة والتربح من الوظيفة والتلاعب بصكوك الأراضي والعبث بالأنظمة (القوانين) والتعليمات. وأكد الغامدي في تصريحات ل«عكاظ» أن قضايا الفساد ينتج عنها عادة قضايا غسل أموال وهو ما تكشفه التحقيقات وفي حال ثبوت الجريمة يتقرر مصادرة الأموال المغسولة بحكم قضائي وإبطال بعض الأنشطة أو الأعمال أو منع تنفيذها إذا كانت تعاقدية أو إذا كانت الأنشطة أو الأعمال من شأنها أن تؤثر على قدرة السلطات المختصة في استرداد الأموال الخاضعة للمصادرة. ولفت المحامي الغامدي إلى أن قانون مكافحة غسل الأموال أوضح أن الأموال التي يتقرر مصادرتها تؤول إلى الخزانة العامة وللسلطات المختصة حق التصرف بها بالاحتفاظ أو اقتسامها مع الدول التي تربطها اتفاقات أو معاهدات سارية المفعول. القانون السعودي وينص قانون «مكافحة الاعتداء على المال العام وإساءة استعمال السلطة» السعودى في مادته الثالثة عشرة على: «كل موظف عام اختلس مالاً عاماً - سلّم له بسبب وظيفته - أو بدده أو فرط فيه أو تصرف فيه بغير حق، يعاقب بغرامة لا تزيد على مليون ريال، أو بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات، أو بهما معاً»، وفي المادة الرابعة عشرة على: «كل موظف عام خرَّب أو أتلف أو أحرق - عمداً - مالاً عاماً للجهة التي يعمل فيها أو يتصل بها بحكم عمله، أو مالاً لغيره معهوداً به إلى تلك الجهة، يعاقب بغرامة لا تزيد على مليون ريال، أو بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات، أو بهما معا. وتنص المادة الخامسة عشرة من القانون على: «كل موظف عام استولى على مال عام، أو سهل ذلك لغيره أو تصرف فيه بغير حق يعاقب بغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، أو بالسجن مدة لا تتجاوز خمس سنوات، أو بهما معا»، والمادة السادسة عشرة على: «كل موظف عام أساء استعمال سلطة وظيفته لتحقيق مصلحة شخصية له أو لغيره أو للإضرار بغيره داخل مقر عمله أو خارجه يعاقب بغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، أو بالسجن مدة لا تتجاوز خمس سنوات، أو بهما معا»، والمادة السابعة عشرة على: «كل موظف عام صادر أموال غيره أو أوقفهم في غير الأحوال المنصوص عليها نظاماً أو دون اتباع الإجراءات المقررة أو سلب حرياتهم أو ابتزهم أو تعدى على حقوقهم يعاقب بغرامة لا تزيد على مائتين وخمسين ألف ريال، أو بالسجن مدة لا تتجاوز خمس سنوات، أو بهما معا». وجاءت المادة الثالثة والعشرون بالنص على: «يعفى من العقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها في المواد (الثالثة عشرة، والرابعة عشرة، والخامسة عشرة، والسابعة عشرة، والثامنة عشرة) من هذا النظام كل من بادر من الشركاء في الجريمة، بإبلاغ السلطات بالجريمة قبل اكتشافها، ويجوز الإعفاء إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائي فيها، وأدى هذا الإبلاغ إلى رد المال في الجرائم المنصوص عليها في المادتين (الثالثة عشرة والخامسة عشرة من هذا النظام)».