أخيرا.. سقط يوسف والى ودخل إلى السجن، حتى لو كان احتياطيا.. وهو الرجل الذى كان عصيا على المحاسبة.. على الرغم من أنه معروف عنه أنه من أدخل المبيدات المسرطنة فى أثناء توليد وزارة الزراعة.. وقد استفاد من تلك التجارة توليه كثير من أتباعه، وحققوا ثروات بالملايين على حساب صحة المصريين، ولا يزالون طلقاء حتى الآن.. وهو من أوائل الذين أهدروا أراضى الدولة.. وكان يوزعها «ببلاش» على المحاسيب والمسؤولين.. وبالطبع الإعلاميين والصحفيين ورؤساء التحرير، الذين تاجروا فى هذه الأراضى فى ما بعد.. فليس هناك مسؤول إلا حصل على أراض من يوسف والى.. غير رجال الأعمال الذين نهبوا تلك الأراضى بمساعدة يوسف والى، الذى كان صاحب نفوذ كبير ولا يرد له طلب عند الرئيس المخلوع حسنى مبارك، فكان يفرض شروطه على أى وزارة يكون مشاركا فيها.. فكاد فساده يغطى الجميع، ويبدو أنه كان يصل إلى الرئيس المخلوع شخصيا.. وهناك كثير من الفساد فى الزراعة، بدءا من التعاون مع إسرائيل والتطبيع الزراعى معها، ورعايته مجموعة من رجال الأعمال الذين كانوا ينفذون سياسته، فمنحهم الأراضى والمياه على حساب مستقبل الأجيال.. ومع هذا تتم محاسبة الرجل الآن فقط على بيع جزيرة البياضية بالأقصر لرجل الأعمال حسين سالم، صديق وشريك حسنى مبارك، وهى محمية طبيعية، باعها بتراب الفلوس (8 ملايين جنيه) فى حين تقدرها لجنة الخبراء ب220 مليون جنيه، على الرغم من أنها لا تقدر بأى أموال.. لكنهم استباحوا كل شىء.. .. وبالطبع أحال يوسف والى بيع الجزيرة إلى عاطف عبيد، باعتباره رئيس الوزراء المسؤول.. لتأتى رِجل عبيد أخيرا فى التحقيقات.. الذى لم يقترب منه أحد فى الفترة الماضية، مع أنه معلوم للقاصى والدانى أن عاطف عبيد هو من باع القطاع العام.. وهو من قضى عليه.. وكان يبيع الشركات الرابحة بأقل من قيمة أرباحها.. وأضاع على البلد صناعات مهمة تخلص من مصانعها.. فكان يأتى المشترى.. ويفكك تلك المصانع ويبيع الأرض التى كان سعرها أضعاف ثمن المصنع ككل. ولعل ما يحدث الآن فى شركة «كوكاكولا»، هو خير دليل على ذلك، وهى أول شركة باعها عاطف عبيد وحصل على سمسرته من هدم المقر المهم فى شارع السودان بالقاهرة.. وكانت شركة «كوكاكولا» أول شركة خصخصها وباعها عاطف عبيد.. ليقوم المشترون بعد ذلك ببيع أرض فرع واحد، هو فرع شارع السودان بالقاهرة، ليغطى قيمة ما دفعوه -الذى كان بالتقسيط- وأكثر.. فللأسف الشديد، يجرى الآن هدم هذا المقر بشكل سريع، استغلالا لتلك المرحلة وحالة الانفلات الأمنى والإدارى، الذى وصل إلى المسؤولين فى الأحياء والمحافظة، لإقامة مولات فى منطقة لا تتحمل ذلك.. لذا أرجو من الحكومة -إذا كانت هناك حكومة- مصادرة هذه الأرض وإعادة ملكيتها إلى الشعب وإقامة حديقة عامة عليها.. بالطبع حصل عاطف عبيد على مليارات الجنيهات فى صفقات الخصخصة، وأذكر هنا أن فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، المحبوس فى قضايا فساد مالى وسياسى (كسب غير مشروع وموقعة الجمل) قال فى وجود عدد من الصحفيين عام 1995: «إننا نعلم أن عاطف عبيد (كان وقتها وزيرا لقطاع الأعمال العام) حصل على ما يقرب من مليارى جنيه من بيع شركات القطاع العام، لكن لا يوجد ورق معنا (هكذا قال سرور)، وأصبح بعدها عاطف عبيد رئيسا للوزراء! أى نعم.. بدأ التحقيق مع عاطف عبيد فى الكسب غير المشروع، ومتوقع أن يتم حبسه أيضا.. لكن لماذا الانتظار عليه كل هذه المدة، وكما قلت: يعلم الجميع بما فيهم أجهزة التحقيق، أنه رجل فاسد وأنه باع مصر؟ طبعا كانت الأجهزة الرقابية معطلة ولا تعمل بأوامر من الرئيس المخلوع.. إنه فساد مالى.. لكنهم كانوا فاسدين سياسيا أيضا.. وإن عملت لا تقترب من الكبار. وقد تم ترك هؤلاء ما يقرب من 6 أشهر.. حتى يتصرفوا فى أموالهم الحرام. يبقى الأمر فى يد سلطات التحقيق، وعلى رأسهم النائب العام، باستدعاء جميع الفاسدين، والتحفظ عليهم، وليس المطلوب أن يكون هناك بلاغ ليبدأ التحقيق.. وإنما يمارس عمله ممثلا عن الأمة.. وإن لم يستطع أن يفعل ذلك فعليه أن يستقيل.. فهذه ثورة.. والثوار يريدون حقوقهم.