تصعيد خطير بين الهند وباكستان صاروخ هندي يصيب مسجداً في البنجاب    القنوات الناقلة لمباراة باريس سان جيرمان وارسنال في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    تصعيد خطير بين الهند وباكستان... خبراء ل "الفجر": تحذيرات من مواجهة نووية ونداءات لتحرك دولي عاجل    ردود الفعل العالمية على اندلاع الحرب بين الهند وباكستان    22 شهيدا و52 مصابًا جراء مجزرة الاحتلال الإسرائيلي في مدرسة أبو هميسة بمخيم البريج وسط غزة    يشبه قانون التصالح في مخالفات البناء.. برلماني يقدم مقترحًا لحل أزمة الإيجار القديم    موعد مباراة تونس والمغرب في كأس أمم إفريقيا تحت 20 سنة    تحرير 30 محضرًا في حملة تموينية على محطات الوقود ومستودعات الغاز بدمياط    كندة علوش تروي تجربتها مع السرطان وتوجه نصائح مؤثرة للسيدات    تحرير 71 محضرا للمتقاعسين عن سداد واستكمال إجراءات التقنين بالوادي الجديد    طارق يحيى ينتقد تصرفات زيزو ويصفها ب "السقطة الكبرى".. ويهاجم اتحاد الكرة بسبب التخبط في إدارة المباريات    أول زيارة له.. الرئيس السوري يلتقي ماكرون اليوم في باريس    فيديو خطف طفل داخل «توك توك» يشعل السوشيال ميديا    الدولار ب50.6 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 7-5-2025    «كل يوم مادة لمدة أسبوع».. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة الجيزة    المؤتمر العاشر ل"المرأة العربية" يختتم أعماله بإعلان رؤية موحدة لحماية النساء من العنف السيبراني    متحدث الأوقاف": لا خلاف مع الأزهر بشأن قانون تنظيم الفتوى    الذكرى ال 80 ليوم النصر في ندوة لمركز الحوار.. صور    التلفزيون الباكستاني: القوات الجوية أسقطت مقاتلتين هنديتين    وزير الدفاع الباكستاني: الهند استهدفت مواقع مدنية وليست معسكرات للمسلحين    الهند: شن هجمات جوية ضد مسلحين داخل باكستان    شريف عامر: الإفراج عن طلاب مصريين محتجزين بقرغيزستان    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع ببداية تعاملات الأربعاء 7 مايو 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    «تحديد المصير».. مواجهات نارية للباحثين عن النجاة في دوري المحترفين    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    سيد عبد الحفيظ يتوقع قرار لجنة التظلمات بشأن مباراة القمة.. ورد مثير من أحمد سليمان    "اصطفاف معدات مياه الفيوم" ضمن التدريب العملي «صقر 149» لمجابهة الأزمات.. صور    د.حماد عبدالله يكتب: أهمية الطرق الموازية وخطورتها أيضًا!!    حبس المتهمين بخطف شخص بالزاوية الحمراء    السيطرة على حريق توك توك أعلى محور عمرو بن العاص بالجيزة    قرار هام في واقعة التعدي على نجل حسام عاشور    ضبط المتهمين بالنصب على ذو الهمم منتحلين صفة خدمة العملاء    ارتفاع مستمر في الحرارة.. حالة الطقس المتوقعة بالمحافظات من الأربعاء إلى الاثنين    موعد إجازة نصف العام الدراسي القادم 24 يناير 2026 ومدتها أسبوعان.. تفاصيل خطة التعليم الجديدة    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    "ماما إزاي".. والدة رنا رئيس تثير الجدل بسبب جمالها    مهرجان المركز الكاثوليكي.. الواقع حاضر وكذلك السينما    مُعلق على مشنقة.. العثور على جثة شاب بمساكن اللاسلكي في بورسعيد    ألم الفك عند الاستيقاظ.. قد يكوت مؤشر على هذه الحالة    استشاري يكشف أفضل نوع أوانٍ للمقبلين على الزواج ويعدد مخاطر الألومنيوم    مكسب مالي غير متوقع لكن احترس.. حظ برج الدلو اليوم 7 مايو    3 أبراج «أعصابهم حديد».. هادئون جدًا يتصرفون كالقادة ويتحملون الضغوط كالجبال    بدون مكياج.. هدى المفتي تتألق في أحدث ظهور (صور)    نشرة التوك شو| الرقابة المالية تحذر من "مستريح الذهب".. والحكومة تعد بمراعاة الجميع في قانون الإيجار القديم    كندة علوش: الأمومة جعلتني نسخة جديدة.. وتعلمت الصبر والنظر للحياة بعين مختلفة    رحيل زيزو يتسبب في خسارة فادحة للزمالك أمام الأهلي وبيراميدز.. ما القصة؟    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    معادلا رونالدو.. رافينيا يحقق رقما قياسيا تاريخيا في دوري أبطال أوروبا    أطباء مستشفى دسوق العام يجرون جراحة ناجحة لإنقاذ حداد من سيخ حديدي    طريقة عمل الرز بلبن، ألذ وأرخص تحلية    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية لم تأتِ لتكليف الناس بما لا يطيقون    وزير الأوقاف: المسلمون والمسيحيون في مصر تجمعهم أواصر قوية على أساس من الوحدة الوطنية    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني 2025    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدير المكتب الفنى لقطاع الأعمال السابق: بعنا القطاع العام بناءً على توجيهات من صندوق النقد الدولى
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 03 - 2011

محمود سالم مدير المكتب الفنى لقطاع الأعمال العام السابق من عام 1992 إلى 2002. وأحد رؤساء لجان التوثيق والمراجعة لإصدار موسوعة الخصخصة التى صدرت باسم «الكتاب الأبيض». اعترف الرجل بأن الخصخصة كانت شرطا من شروط صندوق النقد والبنك الدوليين. ولم يخفِ أن بيع القطاع العام كان معيارا لحصول رؤساء الشركات القابضة على مكافآت بآلاف الجنيهات. ولم يجد غضاضة فى أن يقول إنه لم يكن هناك من يراقب عقود الخصخصة بعد البيع. ويبدو أيضا أنه وسط الحماس فى عمليات الخصخصة نسى القائمون على البيع أن يضعوا حظرا على بيع أراضى المصانع، قبل أن يتذكروا ذلك بعد ست سنوات من بدء البرنامج. فإلى أى مدى كان البياض ناصعا فى كتاب الخصخصة الذى مازال لم يفتح بعد؟ هذا هو سؤال الحوار.
كأنه كان يتذكر شريط ذكريات بدا أنه بعيد للغاية، بدأ محمود سالم أول مدير للمكتب الفنى للقطاع العام، والذى شارك فى خصخصة أشهر عمليات بيع ذلك القطاع حديثه بالتأكيد على أنه كان هناك عامل حاسم فى اتخاذ قرار بالخصخصة فى التسعينيات. فقد كنا نريد تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين فيما يتعلق بجدولة الديون. والحقيقة أننا لو لم نتخذ قرارا بالخصخصة فى ذلك الوقت لما كنا قد دخلنا فى مفاوضات جدولة الديون مع نادى باريس. وبالتالى لم يكن قد تم إسقاط 50% من ديون مصر.
فكان علينا أن نثبت جدية مصر فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى. وأهم جزء منه الخصخصة. ويسأل فى ذلك د.يوسف بطرس غالى مستشار رئيس الوزراء فى ذلك الوقت، والذى كان يتولى ملف الصندوق والبنك الدوليين.
●من الذى يتحمل وزر عدم تطبيق الشروط التى جاءت بها عقود بيع الشركات خاصة المتعلق منها بحظر بيع الأراضى أو الاحتفاظ بالعمالة؟ هل كانت الشركات القابضة هى المنوط بها متابعة التطبيق أم وزارة قطاع الأعمال؟
بكل تأكيد لم يكن من مهام الشركة القابضة ولا حتى الوزارة متابعة تنفيذ شروط عقود الخصخصة لأى شركة من شركات القطاع العام. فمتابعة التزام الشركة بما جاء فى العقود بعد البيع من حيث التصرف فى الأراضى، أو تغيير النشاط هذا من مهام المحافظات، وليست أجهزة الوزارة. والحقيقة أنه لم يكن لدينا فى المكتب الفنى لقطاع الأعمال القدرات لمتابعة عمليات الخصخصة. فهذا المكتب كان عبارة عن خمسة أفراد فقط. ولم يكن هناك وزير قطاع أعمال، ولكن كان هناك وزير للدولة فقط. ولم يكن لدينا كيان نستطيع به متابعة أو مراقبة تنفيذ عقود الخصخصة. أما مشكلات العمالة فكانت مسئولية وزارة القوى العاملة، واتحاد العمال. وقد كنا نخطر الجهاز المركزى للمحاسبات، ومجلس الوزراء، والمحافظات، والجهات المعنية بتعليمات البيع لمتابعة الشركات بعد خصخصتها.
البيع بالإجماع
● بعد ما تكشفت سلبيات كثيرة من جراء عمليات بيع بعض شركات قطاع الأعمال سواء بيع أراضى الشركات، أو تغيير نشاط بعض منها. أو تخريب الشركة مثل قها، وتليمصر، وقبلهما المراجل البخارية، هل تشعر بالندم أنك شاركت فى بيع هذا الشركات؟
الحقيقة إننى لم أندم مطلقا على بيع أى شركة من شركات القطاع العام. و أستطيع ان أتذكر تفاصيل كل عملية بيع تمت ابتداء من خصخصة أول شركة وهى المراجل البخارية، والتى كانت أكثر حالات الخصخصة إثارة للجدل، ووجهت، فى وقتها، بانتقادات حادة. هذه الشركة اشترتها شركة ولكسون الكندية، وهى أكبر شركة فى العالم متخصصة فى إنتاج المراجل البخارية. وكان هدف هذه الشركة فى الأساس هو تعميق الصناعة المحلية فى بناء محطات الكهرباء. وكانت الشركة الكندية قد تقدمت فى نفس الوقت فى مناقصة عالمية لإنشاء محطة الكريمات الكهربائية التى أعلنت عنها وزارة الكهرباء. والتى كان من ضمن شروط المنافسة فيها مدى استخدام الشركة المتقدمة للمناقصة للمنتجات الصناعية المحلية. وهو ما يعطيها ميزة أكثر من غيرها عند التقييم. وأصبح دافع الشركة الرئيسى لشراء المراجل البخارية هو الفوز فى هذه المناقصة. اعتمادا على أنه بشراء هذه الشركة تتقدم على غيرها من الشركات فى هذا الشرط باعتبارها تساهم فى تعميق الصناعة المحلية فى بناء محطات الكهرباء.
وليس صحيحا ما يقوله المعترضون على بيع شركة المراجل البخارية من حيث قدرتها على إنشاء أوعية الضغط. فهذه الشركة كانت قدراتها التصنيعية محدودة لا تتناسب مع بناء المحطات الكهربائية الضخمة. وكانت تحتاج قبل بيعها إلى استثمارات جديدة. إلى جانب أنها كانت تحقق خسائر، وتعانى من تكدس العمالة. وقد تم تقييمها عند البيع كأصول فقط.
أما ما أثاره البعض عند اتخاذ إجراءات البيع حول مشكلة الأرض، وأنها واقعة على النيل، وأن قيمتها أزيد من قيمة بيع الشركة ككل. فهذا قد تم طرحه خلال الجمعية العمومية التى عقدت بغرض إقرار البيع برئاسة عاطف عبيد (وكان وزيرا لقطاع الأعمال فى ذلك الوقت).. ودارت حولها مناقشات طويلة وكان محمد رجب رئيس جمعية رجال الأعمال بالإسكندرية حاضرا فيها باعتباره عضوا فى مجلس إدارة الشركة. وطلب أخذ الرأى بالأغلبية حتى نغلق باب المناقشة. ولكن عاطف عبيد أصر على أن تأتى الموافقة بالإجماع، لأنه كان يتوقع حدوث خلافات بعد البيع. وتم تشكيل لجنة برئاسة أمين مبارك عضو مجلس الشعب وبعضوية ممثل اتحاد عمال مصر المعترض على البيع، وعضوية ممثل جهاز المحاسبات. واتضح للجمعية العمومية أن الأرض لا تقع على النيل مباشرة. وتمت بعدها الموافقة بالإجماع على البيع.
لم نحظر بيع الأرض
● ولكن أنتم لم تضعوا شرطا يحظر التصرف فى أرض الشركة من جانب المشترين، وبذلك فتحتم الباب أمام المشترين بتخريب الشركة من أجل بيع الأرض التى قفز سعرها قفزات غير متوقعة؟
لن أخفى أننا بالفعل لم نضع فى عقد بيع شركة المراجل أى شروط تتعلق بحظر بيع الأرض، وكذلك بالنسبة لشركة بيبسى كولا، وكوكاكولا. لأنه لم يكن لدينا أى مؤشر على ارتفاع أسعار الأراضى بهذا الشكل. وبالطبع لم يكن أحد فى ذلك الوقت يتوقع ما سوف تصل إليه القفزات فى أسعار الأراضى فى مصر. لأن البيع تم قبل وضع قواعد البيع فى عام 1997. وكان المأمول من الشركة الكندية أن تتوسع باستثماراتها فى نفس موقع شركة المراجل، وهو ما لم يحدث.
وفى عام 1993 تم وضع دليل الإجراءات الخاصة بالخصخصة، وإعادة الهيكلة وإثابة رؤساء مجالس إدارات الشركات ومكافآتهم. وفى عام 1997 وضعنا قواعد خاصة لبيع الأصول والأراضى. وطبقا لهذه القواعد فإنه عند عرض شركات صناعية خاسرة لا يتم تقييمها بعائد الربحية. لأنه لن يأتى إلينا بأى قيمة. وكذلك لا يمكن تقييمها كأصول فهى ضخمة جدا، وغالية جدا. وتم الاتفاق على تقييمها عن طريق القيمة الاستبدالية، أو القيمة الدفترية المعدلة. وفى هذه الحالة يتم تقييم الأراضى بسعر أقرب منطقة صناعية، وليس بسعر القيمة السوقية للأرض لأن معظمها تقع داخل كردون المدن. وهو ما يعنى أنه لو تم تقييمها بهذا المعيار الأخير فإن سعرها سيكون مرتفعا للغاية، و بدرجة لن تسمح لأى مستثمر صناعى بالتقدم للشراء، لأنه لن يستطع أن يحقق مكاسب. وقد اشترطنا فى عقود البيع عدم استخدام هذه الأراضى فى غير الأغراض الصناعية المخصصة لها. وفى حالة محاولة بيعها يستلزم إعادتها للشركة القابضة، أو التنسيق مع المحافظة التابعة لها، وتقييمها بالأسعار السوقية.
أما الشركات الرابحة فكان يتم تقييم أسهمها اعتمادا على عائد الربحية على السهم. وغالبيتها كان يتم طرحها فى البورصة، وبالتالى لا يمكن وضع أى حظر على إدارة الشركة سواء حظر التصرف فى الأراضى، أو فى أى أصل، وإلا نكون بذلك قد أثرنا على سعر السهم. وقانونا لا يمكن وضع حظر على إدارة أى شركة مساهمة، وإذا وضعنا هذا الشرط فنضعه على سبيل «الزينة».
وأتحدى وجود أى عقد ينص على أى شرط بخصوص اراضى الشركات بالنسبة لتلك التى طرحت فى البورصة. اللهم إلا وضع شرط وهو تقييم الأراضى الواقعة داخل المناطق السكنية بسعر اقرب منطقة صناعية. وقررنا أنه فى حالة نقل المصنع من مكان إلى مكان آخر، يتم تسليم الأرض إلى وزارة قطاع الأعمال، أو المحافظة. والتجربة الواضحة هى شركة الأهرام للمشروبات، الذى نص العقد على ذلك. أو البيع عن طريق البورصة. وطبقا لقواعد البورصة لا يمكن طرح شركة خاسرة.
ولابد أن نعرف أن وضع شروط للحفاظ على نشاط الشركة، أو الحفاظ على العمالة هو بمثابة ذر للرماد فى العيون. ولكن لا يشكل أى التزامات لمشترى الشركة من خلال البورصة. والدليل أن المستثمرين الذين اشتروا كلهم باعوا أسهمهم لآخرين فهل نقلوا شروط العقد للمشترين الجدد؟ بالطبع لم يحدث سواء بالنسبة لمصر للأسواق الحرة، و40% من شركات المطاحن، و40% من شركات الأدوية، وشركة تليمصر.
أما الحديث عن المعاش المبكر لعمال الشركات التى تم خصخصتها فقد أعددنا دراسة على 300 عامل من قطاعات مختلفة لمتابعتهم بعد الخروج على المعاش المبكر. فوجدنا أن 45 من العمال استقروا فى منازلهم، والباقى استطاع التوسع فى حرفته. وعندما اتصلت برئيس اتحاد عمال مصر للمساعدة فى موضوع المعاش المبكر أدهشنى رده بأن العلاقة بين العامل الذى خرج للمعاش المبكر تنقطع تماما مع اتحاد العمال.
المستثمر حر
●ولكن إذا كنت تدعو إلى عدم التدخل فى تغيير المستثمر لنشاط الشركة العامة التى اشتراها. فكيف يكون العمل إذا ما كان النشاط احتكاريا، أليس هذا معناه أننا نخسر هذا النشاط إلى الأبد؟
المستثمر حر فى أن يعمل فى هذا النشاط أو غيره. لا يوجد رجل أعمال يستمر فى نشاط لا يربح منه. فالذى يستشعر أنه سيخسر سيغلق النشاط على الفور، ويتجه إلى نشاط آخر. هل يمكن ان نجبر المستثمر على أن يستمر فى النشاط.
لا نستطيع بأى حال من الأحوال أن أجبر المستثمر على الاستمرار فى نشاط يخسر فيه. أنا اشتريت حاجة ومش عارف أشغلها لأى سبب، من المنطقى ألا أستمر فى النشاط حتى لا أخسر.
عقود جائرة
برضا الطرفين
وأعترف أن هناك بعض عقود الخصخصة التى تم التوقيع عليها كانت جائرة لحد كبير لصالح المشترى. ولكن المعيار فى هذه العقود أنها تمت برضا الطرفين، ولكن أن ترجع الحكومة عما وقعت عليه فى العقد باستخدام السلطة هذا بمثابة بلطجة. وهو أمر غير مقبول حتى لو كان للصالح العام. لأن الصالح العام هو الحفاظ على القانون. ويجب أن نحتكم إلى العقود التى تم إبرامها، وبالتالى لابد من احترامها.
ولابد أن نعترف أنه كان هناك نماذج فاشلة للخصخصة مثل شركة قها. والحقيقة أننى كان لدى اعتراض على شخص المستثمر الرئيسى الذى اشترى الشركة لعدم وجود خبرة سابقة له. وإن كان اعتراضى هذا قابله وجهة نظر أخرى، وهى أنه فى بعض الحالات الناجحة للخصخصة كان المشترون من رجال الأعمال الذين ليس لهم علاقة بنشاط الشركة مثل محمد نصير الذى اشترى البيبسى كولا، ولم يسبق له العمل فى هذا المجال. ولكن رجل الأعمال بشكل عام يستطيع أن يعمل فى كل الصناعات لأنه عادة يستعين بعضو منتدب محترف. وعموما الفترة التى شهدت بيع شركة قها كان قد تم فيها الحد من سلطات أو صلاحيات المكتب الفنى فى البيع، فى مقابل بروز دور اللجنة الوزارية للخصخصة التى أصبحت تقوم بدور المكتب الفنى.
ليس الأكثر حماسًا
كثيرا ما يتهم د.عاطف عبيد رئيس الوزراء بأنه كان الأكثر حماسا للخصخصة. فهل كانت توجهات عبيد دافعا لكم كمسئوليين إلى الاندفاع نحو بيع القطاع العام؟
لا أستطيع أن أجزم بذلك. لأن سياسة الخصخصة هى إحدى السياسات العامة للدولة التى تم الاتفاق عليها بموافقة الحكومة بأكملها، وأقرها مجلس الشعب. بل كان تنفيذ هذا البرنامج يؤخذ كمعيار للحكم على مدى قدرة الجهاز التنفيذى على إنجاز المهام.
والدليل أن المكافأة السنوية لرئيس مجلس إدارة الشركة القابضة تتحدد على ثلاثة معايير. أولها مدى نجاحه فى تنفيذ برنامج الخصخصة، وثانيا إعادة هيكلة الشركات وآخر معيار هو تحقيق أرباح للشركات. وكانت هذه المكافآت قد بدأت بحوالى 60 ألف جنيه وانتهت ب220 الف جنيه. وكانت الشركة القابضة للصناعات الغذائية هى صاحبة النصيب الأكبر.
كيف لعبت الشركات الأمريكية المروجة للخصخصة دورا حيويا فى الدفع بعمليات الخصخصة قدما للأمام، خاصة وأنها قامت بالترويج لتجربة بيع الأسهم للعاملين كمحاولة لكسب مؤيدين جدد للخصخصة وتقليل حدة ممانعتهم لها؟
ليس صحيحا أن هناك عددا كبيرا من الشركات أدى هذا الدور، ولكن كانت شركة واحدة هى أرثر أندرسون (شركة أمريكية) وهى بمثابة مكتب فنى عالمى لديه خبرة فى مجال الخصخصة، وسبق للشركة الترويج للخصخصة فى عدد كبير من الدول الأخرى. ولم يكن لدينا فى مصر مثل هذه الشركات، وبالطبع لا تستطيع ميزانية القطاع العام أن تتحمل تكلفة مثل هذه الخبرة. لذلك كانت هذه الشركة تقوم بمهمة الترويج ضمن برنامج المعونة الأمريكية. ولكن الحقيقة أن العمال لم يتحمسوا لتجربة اتحاد العمال المساهمين، فلم يكن لديهم قناعة بهذه التجربة. كما لم تلق على الجانب الآخر رعاية من اتحاد عمال مصر. وفى رأيى كان لابد أن يدفع العامل قيمة رمزية من راتبه، لكى يشعروا بأنهم يتملكون شيئا. بالإضافة إلى انعدام التنظيمات العمالية داخل الشركات التى ترعى هذه التجربة. وأنا كنت من المتحمسين لوضع قانون لاتحاد العاملين المساهمين. ولكن لما تركت المنصب لم يهتم أحد بهذه التجربة. ولكن من جاء بعدى لم يكونوا مؤمنين بالفكرة.
وبينما كانت هذه التجربة ناجحة فى الخارج. لم تكن كذلك فى مصر، فنجحت فى بعض القطاعات، بينما فشلت مثلا فى شركات استصلاح الأراضى. والسبب الرئيسى أن وزارة الرى وهى المقاول الرئيسى أو صاحب العمل الرئيسى التى أنشأت هذه الشركات منعت عنهم الأعمال.
لست نادمًا
على أى شركة
● هل أنت راضٍ عن الخصخصة وما هو معيار النجاح لعملية الخصخصة. ألا ترى أن البعض حصل على الشركات من أجل التربح من بيع أراضى الشركات؟
أنا راضٍ جدا عن الخصخصة، ونتائج الخصخصة الإيجابية تفوق كثيرا سلبياتها. وهذه السلبيات لا تتعلق بالخصخصة. وأهمها المشاكل العمالية والتى كانت ستحدث بدون الخصخصة، نتيجة لتعثر الشركات. ولم يكن لدينا القدرة على الدفع باستثمارات جديدة، أو مزيد من توفير أيدٍ عاملة، كما لم يكن لدى الشركات سياسة تسويقية، أو خطط لتطوير الإنتاج. وأنا لا أستطيع أن أدخل فى النيات. فرجل الأعمال بشكل عام يجيد استخدام الأصول التى تحت يده، ولا يسمى رجل أعمال شاطر إلا إذا استغل الفرص. ومن الدروس المستفادة أنه فى قطاع الأعمال الفرصة التى تمر لا تعود.
والحقيقة أننى لم أندم مطلقا على أى شركة شاركت فى بيعها. وكنت أتمنى أن أبيع أكثر من ذلك، وأن تستمر عملية الخصخصة. لأننا فى حاجة إلى رجال أعمال. ونظريات التنمية الاقتصادية تربط تقدم أى دولة بعدد رجال الأعمال بها، وليس على حجم الثروات الطبيعية الموجودة فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.