"ماما كريمة"، دور اشتهرت به الفنانة الراحلة "مديحة كامل" في فيلم "العفاريت"، والذي أظهر فيها الأم الحانية على ابنتها، رغم أنها في الحقيقة كانت تخفي عن ابنتها في فترة الطفولة أنها والدتها نظرا لانشغالها بعملها وحبها للفن الذي جعلها تبتعد لفترة عن أقرب الناس إليها، وتركت ابنتها عند أختها لتعتني بها. ميرهان هي الابنة الوحيدة لأميرة السينما من زوجها الأول رجل الأعمال "محمود الريس"، والتي كانت تعيش مع خالتها، وقالت في تصريحات سابقة: "في الأعياد كانت تزورنا سيدة جميلة حاملة الكثير من الهدايا لي، وكانت تحتضنني وتقبلني، فأقول لها: شكرا يا طنط، فتقول لي ضاحكة لا تقولي طنط، وقولي دودو، وعندما بلغت السابعة علمت أن دودو هي أمي، وأن عملها يستغرق جميع وقتها؛ لذلك اضطرت إلى أن تتركني عند خالتي، وفي يوم عيد ميلادي ال12، انتقلت للعيش معها إلا أنني كنت أشعر بين أحضانها أنني بين أحضان امرأة غريبة عني". ولدت مديحة كامل في الإسكندرية في 3 أغسطس عام 1948 وانتقلت إلى القاهرة والتحقت بكلية الآداب -جامعة عين شمس عام 1965، وعملت كعارضة أزياء، وبدأت مشوارها الفني عام 1964 بأدوار صغيرة حتى حصلت على دور البطولة أمام الفنان فريد شوقي في فيلم "30 يوم في السجن"، واختفت بعده لمدة عامين، ثم عادت للتمثيل، ولكن بدايتها الحقيقية وبطولتها الثانية كانت في فيلم "الصعود إلى الهاوية". نجمة الإغراء "مديحة كامل" ظهرت بعد بطولتها لهذا الفيلم الذي رفضته كثير من نجمات السبعينيات، حيث إن الفيلم مأخوذ عن قصة واقعية لفتاة تدعى "عبلة"، والتي جسدت دورها مديحة كامل، وتذهب الفتاة إلي باريس لتدرس في السوربون، وفي باريس تقابل امرأة تعمل جاسوسة للموساد، مارست معها الشذوذ الجنسي، وأثار هذا الفيلم ضجة كبيرة وقت عرضه في عام 1978.
"فتاة شاذة" و"ملف في الآداب" و"العيب" و"بنات إبليس" و"شوارع من نار" و"انحراف" وغيرها، جميعها أفلام صنعت من "مديحة كامل" فنانة إغراء تنافس جميع نجمات الإغراء من بنات جيلها، كما اشتركت في عدد من المسرحيات، من بينها "هاللو شلبي" و"الجيل الضائع" و"يوم عاصف جدا"، بالإضافة إلى عدد من المسلسلات من أشهرها "الأفعى" و"البشاير" و"العنكبوت".
"درب الهوى" فيلم آخر مثير للجدل عرض لأول مرة عام 1983، واشتركت أميرة الشاشة في بطولته، وتدور أحداثه في الأربعينيات، حيث يقوم حسن عابدين بدور وزير ورئيس حزب "الفضيلة والشرف" وينادي بإغلاق بيوت الدعارة، وفي الليل يتردد هو نفسه على بيوت الدعارة، ونظرًا لمضمونه الخادش للحياء كان هذا الفيلم ممنوعا من العرض حتى وقت قريب قبل أن يتم حذف بعض المشاهد منه.
مسلسل "البشاير" الذي قامت مديحة كامل ببطولته في 1988، واشتركت فيه مع الفنان محمود عبد العزيز والفنانة الراحلة أمينة رزق، أظهر كثيرًا من شخصيتها المرفهة، فالفتاة الدلوعة رفضت مشهدًا بالمسلسل يستدعي سقوطها بالكامل في ترعة بمنطقة ريفية، واشترطت على صناع المسلسل عمل حمام سباحة خاص به مياه معدنية لتأدية المشهد.
"بصلة بكولونيا"، قد يبدو الأمر غريبا، ولكنه ما حدث بالفعل، فأثناء تصوير مسلسل "البشاير" تعرضت مديحة كامل لحالة إغماء، وحاول أحد العمال من الفنيين إغاثتها بشم بصلة، ولكنها رفضت ذلك فوضع لها كولونيا على البصلة لتستفيق.
قصة توبة مديحة كامل تبدأ من ابنتها نورهان التي ثارت على أمها بعد أن شاهدت فيلم "الصعود إلى الهاوية"، والذي أثار أزمة كبيرة لاحتوائه على مشاهد شذوذ جنسي، وأوضحت نورهان في تصريحات صحفية سابقة أنها ذهبت إلى أحد المساجد ودعت لأمها، وعندما عادت إلى المنزل قبلت يدها وأحست أن والدتها تغيرت وترغب في التوبة، ولذلك دعتها الابنة إلى مجلس علم في منزل إحدى الفنانات المعتزلات، وصلت بها ابنتها وبكت مديحة ندما على ما مضى، وصرحت لابنتها بأن المال والشهرة كانا همها في الحياة وأنها ستتوب إلى الله.
قصة أخرى تقال حول اعتزال أميرة السينما، وهي أنها قررت الامتناع عن التمثيل عقب رؤيتها حلما ظهر فيه شخص يُلبسها رداء أبيض فضفاضا وقال لها: "لقد آن الأوان يا مديحة"، وفي هذه الليلة أخذت قرارا بالاعتزال وذهبت مع ابنتها إلى الإسكندرية، واتصلت بإحدى صديقاتها قائلة: "أبلغي الناس اعتزالي الفن إلى الأبد".
"بوابة إبليس" كان آخر أفلام مديحة كامل التي أعلنت أثناء تصويره خروجها من بوابة الفن واعتزال التمثيل وارتداء الحجاب في أبريل عام 1992، وتم إكمال مشاهد الفيلم بالاستعانة بدوبليرة، حيث رفضت أميرة السينما إكماله مهما كان الثمن.
في أيامها الأخيرة كانت مديحة كامل تدعو الله كثيرا أن يكون رحيلها عن الدنيا في شهر رمضان، حيث إنه الشهر الذي شهد أهم أحداث حياتها، ففيه ظهرت، وفيه نجحت، وفيه بكت أيضا أمام الكعبة، وفيه اعتزلت، وبالفعل في اليوم الرابع من شهر رمضان، 13 يناير، عام 1997 تحققت أمنية أميرة السينما ورحلت عن الحياة بعد أن تناولت السحور وصلت الفجر، وتوفيت صباح اليوم التالي عن عمر يناهز ال48 عاما بعد صراع مع مرض القلب.