ليلة دامية.. اشتباكات متقطعة بين الشرطة والسكان، فوارغ الخرطوش والقنابل المسيلة للدموع تنتشر في كل مكان، هنا كانت معركة استمرت لساعات توفي فيها شاب، وأصيب العشرات من الجانبين، الشرطة وأهالي جزيرة الوراق. «التحرير» تجولت صباح يوم المعركة، التقينا أهالي الجزيرة، وسكان المنازل الخمسة المهدمة، سألناهم كيف قضوا ليلتهم أمس؟ أين ناموا بعد هدم منازلهم؟ وماذا سيفعلون في أيامهم القادمة؟ «يا بيه.. أنا بياعة درة، وساعة لما جم هدوا البيت، ماكنتش هنا، جيت لقيت شقى عمري كوم تراب، حسبي الله ونعم الوكيل»، هذا ما سردته الحاجة "شكرية.ع"، السيدة السبعينية، مالكة أحد المنازل التي تم هدمها، مضيفة: «أنا نمت امبارح في الشارع تحت الكوبري اللي بيبنوه» (محور روض الفرج). وأشارت الحاجة شكرية ل«التحرير»، إلى أنها جمعت تكلفة منزلها المهدّم -دور واحد- من أموال الزكاة والصدقات، وفوجئت بالحكومة تهدم كل شيء في طرفة عين. أما ثرية عبد اللطيف، السيدة الستينية، فشرحت لنا مشاعرها لحظة اقتحام قوات الأمن منزلها لهدمه: "أنا كنت مرعوبة منهم، قولتلهم أنا مركبة عداد كهرباء ومياه والأرض متسجلة في الشهر العقاري، قالولي لو ماخرجتيش إنتي وعيالك هنعملكم زي السندويتش"، موضحة أنها تُربي 9 أبناء أيتام، تركهم والدهم ورحل إلى السماء، وأصبحت هي المسؤول الأول عنهم، ظلت لسنوات تجمع الفتات من بيع السمك، لتبني منزلها "طوبة طوبة". وأضافت الحاجة ثرية عبد اللطيف، أنه لولا وقفة جيراني وزوج ابنتي المعاق وتوسلاتهم، لكان منزلي "كوم تراب"، رغم أن كل أوراقي سليمة، مردفة أن أحد أمناء الشرطة ضرب زوج ابنتها المعاق ب"ضهر المسدس" مما تسبب في جرح عميق. ياسر محمد، أحد سكان الجزيرة، أكد أن الحكومة قطعت عنهم الكهرباء طوال الليل، حتى العاشرة صباح اليوم، وعاشوا ليلة سوداء، وأغلقوا الطريق في وجه المعدية -المنفذ الوحيد لخروج السكان من الجزيرة- من الثانية بعد منتصف ليل أمس، حتى الثانية عشرة من صباح اليوم، ولم يتمكن عدد من الطلبة من حضور امتحانات التخلفات. رصدت أم هشام -سيدة أربعينية، إحدى المقيمات في الجزيرة- الكثير من معاناتهم، بداية من عدم وجود مياه شرب صالحة للاستهلاك الآدمي، وشرائهم جركن المياه ب4 جنيهات، والانقطاع المتكرر في الكهرباء، وفرن العيش الذي تم إغلاقه، وصرف غير صحي بالمرة، وأسواق لا وجود لها، و«معدية حديد» مستعدة للغرق.