تواجه حركة حماس واقعًا جديدًا يضعها أمام خيارات قد تُدخلها إلى مرحلة مُتزنة في العلاقات مع الخارج، حيث نجحت الحركة الإسلامية في كسب ود الجانب المصري بعد توتر دام 4 سنوات، منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، حتى وصل الأمر إلى اتهام حماس علانية بالقيام ببعض الأعمال الإرهابية بالداخل، ومحاول اغتيال النائب العام هشام بركات. إضافة إلى إدراج كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحماس على لائحة التنظيمات الإرهابية في يناير 2015، إلا أنه ومنذ ذلك الوقت - هناك وفود من حماس تزور مصر، في مسعى منها لتحسين العلاقات وإعادتها إلى سابق عهدها. وهذا ما حدث بالفعل منذ اندلاع الأزمة الخليجية مع قطر، حيث بدأت الحركة في تحسين صورتها أمام العالم العربي، وسعت جليًا إلى التقارب مع مصر عبر وسيط جديد، في محاولة منها لرأب الصدع. سمير غطاس، رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية وعضو مجلس الشعب، أكد على وجود تقارير تفيد بأن مسؤولي حماس الذين التقوا رئيس المخابرات المصرية لم يتوصلوا إلى اتفاقات حول تعيين محمد دحلان القيادي السابق في حركة فتح، داخل أي إدارة بقطاع غزة، وأن الحديث عن شراكة سياسية بين القيادي السباق بفتح والحركة الإسلامية عارٍ تمامًا من الصحة. وأوضح "غطاس" في تصريح خاص ل"التحرير" أن الاتفاقيات التي تمت بين وفد حماس والقاهرة تضمنت الحد من التوترات بين الطرفين، والذي سيؤدي بدوره إلى فتح معبر رفح، وزيادة إمدادات الكهرباء من مصر إلى القطاع. ونفى رئيس منتدى الشرق الأوسط، صحة تهميش العلاقات بين مصر والسلطة الفلسطينية بعد التعامل مع حماس، مؤكدًا أن العلاقات بين القاهرة والحركة الإسلامية مقتصرة على الجانب الأمني فقط. وحول زيارة الوفد الحالي للقاهرة، أكد "غطاس" أنها تأتي من أجل مراجعة الإجراءات التي تم الاتفاق عليها بين الجانبين وخاصة فيما يتعلق بالأنفاق، وذلك بعد أن اكتشف الجانب المصري نفقًا جديدًا بطول 10 كيلومترات، موضحًا أن حماس تمتلك شبكة عسكرية تتعلق بالأنفاق ولديها القدرة على إيقاف أي مشروع جديد. أما فيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية وموقفها من تقارب حماس مع مصر، استبعد البرلماني أن يؤثر ذلك على السلطة الشرعية، منوهًا إلى أن تلك الإجراءات احترازية، وتعطي فرصة أخيرة لحماس بعد اعتبارها إرهابية من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وشدد في الوقت نفسه على عدم سعي مصر إلى إقامة سلطة موازية، وأنها تتعامل فقط مع منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة التشريعية الحالية. وسرعان ما بدأت الرؤى تتضح، بعد أن توجه وفد قيادي من حركة "حماس" برئاسة عضو المكتب السياسي روحي مشتهى إلى القاهرة، لاستكمال ومتابعة التفاهمات التي تمت بين الحركة ومصر خلال زيارة سابقة. وفي هذا الصدد، شرعت وزارة الداخلية في قطاع غزة على استكمال المنطقة العازلة، والتي تندرج ضمن إجراءات ضبط الحدود الجنوبية مع مصر، حيث تبدأ المنطقة من الجدار المصري حتى الشمال بعمق 100 متر وتشمل بناء ساتر، إضافة إلى تعزيز التواجد الأمني على طول الشريط الحدودي بكاميرات مراقبة وتسوية للأراضي ووضع سلك شائك لمنع حالات التسلل. تلك الخطوات دفعت مصر إلى إرسال 22 شاحنة وقود 30 يونيو، إلى قطاع غزة عن طريق معبر رفح الحدودي مع مصر بعد إغلاقه لنحو أسبوع، وفقًا لعضو المكتب السياسي لحماس خليل الحية. ومن هذا المنطلق، أكد "الحية" على تحسن العلاقة بين حماس ومصر التي لاينكر أحد دورها الهام بالنسبة للقضية الفلسطينية، موضحًا أن الحركة معنية بعلاقة جيدة ومنفتحة مع العالم العربي والإسلامي بشكل متوازن. أما الدكتور فايز أبو شمالة، الصحافي والباحث الفلسطيني من غزة، أوضح أن التفاهمات بين حماس ومصر، ستتضمن إقامة لجنة لإدارة شؤون غزة مع ميزانية أولية بمبلغ 50 مليون دولار. وأشار الباحث الفلسطيني إلى أن اللجنة ستحصل على ميزانية شهرية تبلغ 20 مليون دولار، وستمول من الضرائب التي تحصل عليها السلطة الفلسطينية الآن من القطاع، وسيتم استغلال هذه الأموال من أجل دفع رواتب الموظفين، ليكتمل بذلك الفصل بين حكومة غزة وبين السلطة الفلسطينية. المؤشرات الأولية تؤكد أن محمد دحلان القيادي السابق في حركة فتح سيكون له دورًا بارزًا، في تحسين العلاقات بين مصر وحماس، رغم وجود أنباء تشير إلى عدم إشراكه في أي دور، نظرًا لأن الحركة الإسلامية لن تسلم "أبو مازن" أي قيادة في القطاع. لكن معهد القدس لبحوث إسرائيل، نشر تقريرًا عن تحركات القيادى السابق في حركة فتح محمد دحلان، خلال زيارته إلى مصر، حيث تطرق إلى حرص القيادي السابق بفتح على عدم انتقاد الرئيس الفلسطينى محمود عباس بشكل علنى، خاصة من القاهرة، حتى لا يُغضب السلطات المصرية، التى مازالت تحاول التقريب بين الطرفين والجمع بينهما. "التقرير" نوه إلى أن "دحلان" لم يوجه انتقادات علنية أو مباشرة ل"أبومازن"، ولكنه حاول إيصال رسالة مفادها بأنه من الضروري إظهار روح المسئولية الوطنية. ووفقًا لمصادر فى حركة "فتح"، فإن السلطة الفلسطينية اعتقلت أنصار "دحلان" وقالت: إن "هذا من أجل الحفاظ على الدولة الفلسطينية وسيادتها، وتركزت التحقيقات معهم على إذا ما كان "دحلان" بحث مع المخابرات المصرية، سبل الإطاحة بالرئيس عباس فى الضفة الغربية أم لا؟. على جانب آخر، حذَّر قيادي حمساوي من الإجراءات العقابية التي اتخذتها السلطة الفلسطينية أخيرًا ضد قطاع غزة، متهما محمود عباس بإعاقة المصالحة والتحريض على الانفصال. فهل بمقدرو مصر احتواء الأزمة بين حماس وفتح؟ سمير غطاس، رئيس منتدى الشرق الأوسط، أكد ل"التحرير" أن مصر ستحاول رأب الصدع بين الجانبين في مسعى منها لتسوية القضية الفلسطينية، موضحًا أن أي محاولات للتخوين وشق الصف بين الطرفين ستؤول بالفشل.