تشهد الأقصر ذكرى الاحتفال بمولد الشيخ أبو الحجاج الأقصري، الذي يفد إليه عشرات الآلاف من المحبين والمريدين وأبناء العائلة الحجاجية وأهالي المحافظة للاحتفال به، حيث ستكون الليلة الختامية له الأربعاء المقبل. وأجرت "التحرير" جولة داخل ساحة ومسجد أبو الحجاج، للتعرف على طقوس أبناء العائلة الحجاجية في ذكرى الاحتفال بالمولد السنوي. يقول مصطفى جلال الدين، أحد أبناء العائلة، ومن القائمين على الاحتفال السنوي، ل"التحرير"، إن القطب أبو الحجاج هو السيد يوسف بن عبد الرحيم بن يوسف بن غزي، وهو من آل بيت النبي (ص)، حيث يعود نسبه إلى الإمام الحسين رضي الله عنه، وكان مولده في بغداد بالنصف الأول من القرن السادس الهجري في عهد الدولة العباسية، ومنذ صغر سنه كان زاهدًا وذاكرًا لله، وكان يعمل في تجارة الصوف والسجاد. رحلته من بغداد للأقصر وذكر جلال الدين، أن الشيخ يوسف توفت زوجته، تاركةً له أبناءه الأربعة، "عطا الله، و عبد المعطي، و عبد العاطي، وأحمد نجم"، فهاجر من بغداد في ظل انتشار الفكر الشيعي إلى السعودية، ومكث بها عشر سنوات، توفى فيها ابنه الأكبر وتزوج الثلاثة الآخرين، ورفض هو الزواج من أي امرأة أخرى، ثم أكمل رحلته إلى مصر ومكث بمدينة الإسكندرية طوال 3 سنوات تلقى خلالها دروسًا على يد الشيخ عبد الرازق اليفاوي، ثم غادر إلى الصعيد بصحبة بعض أبنائه، وتلاميذ شيخه وتلاميذ الشيخ مرسي أبو العباس، منهم القطب سيد الفولي الذي ذهب إلى المنيا، وسيدي جلال ذهب إلى أسيوط، والعارف بالله في سوهاج، وسيدي عبد الرحيم في قنا، ورسي به الحال في محافظة الأقصر. حقيقة زواجه من راعية كنسية ويشير نجم الدين أحمد، أحد أحفاد أبو الحجاج، إلى أنه عند قدومه إلى محافظة الأقصر التي كانت تنتشر بها الديانة المسيحية، احتضنته عائلة الصابوني، التي كانت تعد أغنى العائلات المسلمة في ذلك الوقت، وكان يقوم بنشر الدعوة الإسلامية، وأثناء مروره بوسط المدينة قبل اكتشاف معبد الأقصر، وجد كنيسة، وطلب من العاملين أن يقيم في الجهة المقابلة لها محددًا مساحة "جلد بعير" لمكان إقامته، فقاموا بإبلاغ راعية الكنيسة والتي تدعى السيدة تريزا، وسمحت له بذلك. وتابع، بعد سماح السيدة تريزا بإقامته كما طلب، أحضر على إثر ذلك، جلد جمل، وأخذ يقطعه إلى أجزاء صغيرة كالخيوط، وأحاط به الكنسية، ولما علمت راعيتها بذلك، استدعته، فكان للدخول إليها لابد من المرور بباب صغير يدعى حاليًا "باب السر" لأنه يجبر الحاضر على الانحناء أمامها، ولكن دخل منتصبًا رغم طول قامته، مما أدى إلى اندهاشها من ذلك، وفتح المجال بينهما للحديث. وأضاف، هناك أقاويل تروى عن قيام السيدة تريزا بعرض الزواج من السيد أبو الحجاج، ورفضه لذلك، وأقاويل أخرى عن زواجه منها بعد إسلامها، ولكن في كلا الحالتين توفت بعد 6 أشهر من هذا الحديث. لقبه ووفاته ويؤكد محمد بدري، أحد المريدين والعاملين بالساحة، أن لقب أبو الحجاج، جاء لقيامه بسقي حجاج بيت الله الحرام أثناء تجمعهم في مدينة قوص شمال الأقصر، فأطلق عليه أولًا ساقي الحجاج وبعدها سيد الحجاج، وبمرور الزمن أصبحت أبو الحجاج، لافتًا إلى أنه كان يعمل أيضًا على نشر الدعوة الإسلامية، وتتلمذ على يده العديد من العلماء، وتوفى عام 642 هجرية في السنة الخامسة من حكم الصالح نجم الدين أيوب عن عمر يزيد عن 90 سنة، ودفن في ضريحه المتواجد حاليا بالمسجد المقام على جزء من المعبد، كما دفن حوله أبناءه الثلاثة الذين خرجوا معه في رحلته من بغداد، وكذلك السيدة تريزا. طقوس الاحتفال وعن ذكرى الاحتفال بالمولد السنوي للشيخ أبو الحجاج، أوضح جلال الدين، أن هذا التاريخ لا يمثل يوم مولده، ولكن يوم دخوله الأقصر، ويقام منذ أكثر من 350 عامًا. وأردف، هناك طقوس للاحتفال يقوم بها أبناء العائلة على مدار أسبوع، بداية من اليوم السابع لشهر شعبان، حتى الرابع عشر من الشهر، ففي الست أيام الأولى يتم ختم القرآن كاملًا داخل المسجد، مع إقامة أذكار للنبي صلى الله عليه وسلم، و أذكار خاصة بأولياء الله الصالحين، بالإضافة إلى في اليوم الحادي عشر يتم عمل حفل عشاء لتناول وجبة العدس، واليوم الثاني عشر عشاء عام يذبح فيه عجل كبير مع الإستماع لتواشيح دينية من بعض المنشدين. وتابع، وفي الليلة الثالثة عشر، يكون هناك احتفالية كبرى بحضور محافظ الأقصر وعميد العائلة الحالي الدكتور شمس الدين الحجاجي أستاذ النقد والأدب بجامعة القاهرة، وجموع من أهالي المحافظة والمحافظات المجاورة، تتضمن الاستماع إلى بعض من آيات القرءان الكبير لأحد كبار القارئين، و خطبة لأحد الوعاظ، و الإنشاد الديني. واختتم، في اليوم الرابع عشر، بعد صلاة الظهر، يحتفل الأهالي بالدورة، التي تخرج على شكل مسيرة تبدأ من أمام الساحة لتجوب بعض الشوارع وتعود مرة أخرى، يتقدمها مجموعة من الجمال التي تحمل أضرحة الشيخ أبو الحجاج وأبناءه، ويليها أبناء العائلة ويحملون المصاحف لقراءة القرآن، كما يشارك فيها جميع أصحاب الحرف الذين يحملون نماذجًا دالة على أعمالهم، كالبحارين الذين يحملون نموذج لمركبًا، وغيرهم من النجارين والحدادين ..الخ، وأعداد خفيرة من الأهالي.