سلطت صحيفة التليجراف البريطانية، الضوء على انتخابات الرئاسة الفرنسية التي تجرى اليوم الأحد، وسط توقعات بفوز مرشح اليسار المستقل "إيمانويل ماكرون"، على زعيمة اليمين المتطرف "مارين لوبان". وقالت الصحيفة إن الانتخابات الفرنسية كانت دائما ذات أهمية بالنسبة لبريطانيا؛ لأن فرنسا هي نصف المحور الفرنسي الألماني الذي كان عاملا حاسما في اتجاه الاتحاد الأوروبي. وأضافت: "كما أن فرنسا، إلى جانب بريطانيا، هي الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي القادرة على إسقاط السلطة العسكرية بشكل مستقل، فضلا عن أنها تعمل كدولة عضو دائم في مجلس الأمن الدولي بجانب المملكة المتحدة في صياغة قرارات الأممالمتحدة التي تشكل السياسة العالمية، ولهذين السببين الرئيسيين، دائما ما يهم شاغل قصر الإليزيه المملكة المتحدة، ولكن في عام 2017 - عصر دونالد ترامب، والبريكسيت وصعود الشعبوية في جميع أنحاء القارة - تفاقم الأمر بشدة". واعتبرت الصحيفة أن هذه الانتخابات "الزئبقية" وقعت في نفس الطريق، حيث ستشكل مع المفاوضات القادمة للخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويمكنها - إذا فازت زعيم الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة مارين لوبان في تحديد مستقبل الاتحاد الأوروبي نفسه. شبح لوبان ومع التزام بريطانيا الآن بمفاوضات الخروج مع الاتحاد الأوروبي التي من شأنها أن تحدد مستقبل هذا البلد لجيل قادم فإن احتمال أن تصبح لوبان الرئيس الفرنسي ستنهي جميع احتمالات البقاء في الاتحاد. وتعهد حزب الجبهة الوطنية التابعه له لوبان باجراء استفتاء مماثل لخروج واجراء استفتاء مماثل حول عضوية الاتحاد الاوروبي اذا لم تمتثل بروكسل لمطالبها بحل العملة الموحدة وانهاء منطقة شنجن. ويرى المحلل السياسي مجتبي الرحمن، أن فوز لوبان سيؤدي على الأرجح إلى اندلاع الفوضى في الأسواق المالية حيث سيخسر المستثمرون المؤسسيون المليارات من اليورو من الديون السيادية الفرنسية وسيلجأون إلى الجنية الاستريليني والدولار. وحتى لو استقرت هذه الأزمة، فإن النزعة القومية للسيدة "لوبان"، على المدى الطويل، مثل جدول أعمال السيد ترامب، تعيد العودة إلى الحمائية، كما تهدد بإلحاق أضرار جسيمة بالسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، وهي حاليا الوجهة التي تمثل 43 في المائة من الصادرات البريطانية. معنى فوز ماكرون ووفق الصحفية، فإن فوز "ماكرون" سيؤثر أيضا على محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وإن لم يكن بنفس مستوى لوبان. حيث تظهر استطلاعات الرأى ان ماكرون من المحتمل جدا ان يفوز على لوبان فى الجولة الثانية اليوم، ففرنسا بالفعل قد وعدت بالتقارب مع بريطانيا في المحادثات المقبلة، وأكد ماكرون أيضا أنه سيواصل هذه الاتفاقيات بشكل كبير، واصفا المملكة المتحدة بأنها "دولة تابعة" لترامب التي ستعاني من أجل تصويتها لمغادرة الاتحاد الأوروبي. ووعد ماكرون في حالة فوزه بقيادة "حياة جديدة" للاتحاد الأوروبي وهو ما يجعله المفضل في بروكسل حيث لا يزال الفدراليون المتشددون يحلمون بأن ماكرون - المتحالف ربما مع المستشار الألماني الذي يمكن أن ينتخب "مارتن شولتز" والموالي للاتحاد الأوروبي في دفع ركود الاتحاد. في الممارسة العملية، لن يكون ذلك سهلا، ولن يختفي الملايين من الشعب الفرنسي الذين سيصوتوا لصالح لوبان بعد الانتخابات، في الوقت الذي يعتبر فيه ماكرون مرشحا مستقلا لا يوجد لديه حزب سياسي ليدعمه ويقف وراءه. من جانب آخر، ماكرون كوزيرا للاقتصاد يمكن أن يقدم اصلاحات اقتصادية جيدة يمكن أن تقنع ألمانيا بتوسيع سياستها المالية مع الاتحاد الاوروبي. وفي ما يتعلق بالهبوط الهامشي المحتمل لبريطانيا، من المرجح أن تعيد رئاسة ماكرون بعض الثقة في مؤسسات بروكسل المزدحمة حاليا والتي قد تكون أكثر ميلا قليلا لخفض صفقة إيجابية مع المملكة المتحدة.