وزير التعليم العالي: ارتفاع عدد الجامعات المصرية ل 135 جامعة    بعد استغاثتها.. توفير فرصة عمل عن بعد لفتاة من ذوي الهمم في الأقصر    لأول مرة في مصر.. استضافة فعاليات مؤتمر مجلس الكنائس العالمي بحضور 500 شخصية من 100 دولة غداً    إطلاق الموسم الرابع من مبادرة «ازرع» لدعم زراعة 250 ألف فدان من القمح    مركز البحوث الجنائية الليبي: العدالة تبدأ من الوعي    رئيس البورصة: ارتفاع أصول صناديق الذهب إلى 3.16 مليار جنيه    جهاز الإحصاء: 2.7% زيادة فى إجمالى المساحة المنزرعة عام 2023/ 2024    تويوتا كامري 2026.. سيدان عصرية تجمع بين الأداء والراحة والتقنيات الذكية    محافظ الفيوم يوجه بسرعة إنهاء ملفات تقنين أراضي أملاك الدولة وتكثيف عمل اللجان    الاتحاد الأوروبي: إجمالي دعمنا لأوكرانيا بلغ 177.5 مليار يورو منذ بداية الحرب مع روسيا    فيريرا يطالب بحل أزمة المستحقات المتأخرة في الزمالك قبل مواجهة ديكيداها.. والإدارة تتعهد بالصرف خلال ساعات    محامٍ يطالب بوقف تنفيذ الإعدامات لحين تطبيق قانون الإجراءات الجديد    غلق كلي لكوبري الأزهر السفلي 3 أيام (تفاصيل)    محمد سامي يعلن دخوله مسابقة أوسم 100 راجل في العالم: مبسوط وبشكرهم جدا    حنان مطاوع عن ترشيح فيلمها للأوسكار: «كنت طايرة من الفرحة.. بيحكي عن قسوة المجتمع»    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 23اكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في الشرقية    «رصاصة تخترق تجويف الصدر».. تدخل طبي دقيق لإنقاذ فلسطيني مصاب بالإسكندرية (تفاصيل)    «الصحة» توقّع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    هل يجوز أن يخص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته؟ الأزهر للفتوى يجيب    اندلاع حرائق كبيرة بسبب الغارات الإسرائيلية على البقاع    البيطريين: إجراء تعديلات شاملة لقانون النقابة وطرحها لحوار مجتمعي    طريقة عمل الأرز البسمتي بالخضار والفراخ، وجبة متكاملة سريعة التحضير    الداخلية تواصل حملاتها لضبط الأسواق ومواجهة التلاعب بأسعار الخبز    لعدم استيفائهم الأوراق.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستبعد 3 قوائم انتخابية    مصرع شخص أسفل عجلات القطار في أسوان    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    روسيا: نحتفظ بحق الرد على عقوبات الاتحاد الأوروبي    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    أحداث مثيرة في مسلسل «المدينة البعيدة» تكشف صراع جيهان وبوران    عاجل- قرارات جديدة من رئيس الوزراء.. تعرف على التفاصيل    الزمالك يجهز شكوى لتنظيم الإعلام ضد نجم الأهلي السابق    بشير التابعي: زيزو أفضل لاعب في الأهلي    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات جديدة على روسيا تستهدف أسطول الظل    أسبوعان على وقف إطلاق النار.. بطء في دخول المساعدات وخروقات بالشجاعية وخان يونس    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    إنجاز طبي جديد بعد إنقاذ مريض فلسطيني مصاب من قطاع غزة    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    مصرع فتاة بعد سقوطها من الطابق ال12 بحى غرب أسيوط    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    أستاذ علوم سياسية: القمة المصرية الأوروبية تعكس مكانة مصر ودورها المحورى    اتحاد الثقافة الرياضية يحتفل بنصر أكتوبر وعيد السويس القومي    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    من بيتك.. سجّل الآن فى حج القرعة 2026 بسهولة عبر موقع وزارة الداخلية    بعد قليل.. "الوطنية للانتخابات" تعلن القائمة النهائية الرسمية لمرشحى مجلس النواب 2025    ب 5 أهداف.. صلاح محسن يتصدر قائمة الهدافين بعد انتهاء الجولة ال11 في الدوري    أسعار النفط تقفز 3% بعد العقوبات الأمريكية على روسنفت ولوك أويل    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    «لازم تركز شوية».. أحمد شوبير يفاجئ نجم الأهلي برسائل نارية    تصرف محمد صلاح يفجر غصب جماهير ليفربول (تفاصيل)    روزاليوسف.. ما الحُبُّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ    إلهام شاهين: لبلبة عشرة عمرى والكاميرات تتلصص علينا ويتخيلوا حوارات غير حقيقية    تهديدات بالقتل تطال نيكولا ساركوزي داخل سجن لا سانتي    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روح الثورات
نشر في التحرير يوم 26 - 09 - 2011

حتى الآن أطاحت الثورة بأشخاص كثيرين، لكنها للأسف لم تطح بكل طرق التفكير التى كانت قائمة فى ظل حكم أولئك الأشخاص، وأخطرها طريقة التفكير فى الرأى الآخر على أنه عدو لا بد من تشويهه وإسكات صاحبه. خذ عندك مثلا النغمة التى ترددت على ألسنة عدد من قادة المجلس العسكرى حول العملاء والخونة والممولين من الخارج، بدلا من أن يقوموا بمراجعة أنفسهم ونقد ذواتهم والاعتراف بأخطائهم. ومع الفارق الكبير انظر أيضا إلى بعض الثوريين الغاضبين وطريقة تعاملهم مع كل رأى مختلف يقول إن الانتخابات هى الطريقة المأمونة للخروج بالبلاد من المأزق الذى وقعت فيه بفضل عقم الإدارة العسكرية وتشتت القوى الثورية، إذا قلت ذلك فأنت على طول عميل وخائن ومتخاذل. فى الجانبين ستجد نفس طريقة التفكير المباركية التى تفترض أن كل رأى تكمن وراءه مصلحة رخيصة، وبدلا من أن تعمل على مناقشته فالأسهل أن تقوم بتشويه صاحبه والتفتيش فى نواياه.
لن ألقى دروسا فى احترام الرأى الآخر، فقد كنت كثيرا فى ما مضى أسخر من الرأى المخالف لى، صحيح أننى لم أكن أقع فى فخ التخوين، لكننى لن أعظ أحدا إلا عندما أكون أهلا لذلك، يعنى ممكن على الخميس الجاى بإذن الله، وحتى يحدث ذلك، لن أتورط لا سمح الله فى نصيحة المجلس العسكرى، فهو قانع بناصحيه الذين ورثهم عن نظام مبارك، وهنيئا له بهم، فقط سأتمنى على كل ثائر أو متعاطف مع الثورة ومؤمن بمطالبها أن يبحث عن كتاب شديد الأهمية اسمه «روح الثورات» كتبه عالم الاجتماع الفرنسى الشهير جوستاف لوبون بعد دراسة متعمقة للثورة الفرنسية وآثارها، وترجمه الأستاذ عادل زعيتر سنة 1924، وهو كتاب لا يستمد أهميته من آراء لوبون السياسية، فقد حرص الرجل على أن يورد كل الآراء المتعارضة فى الثورة الفرنسية، بين من يراها مؤامرة ومن يراها ضرورة شعبية، وبين من يراها أمرا رائعا يجعل الفرنسيين مدينين للثوار، ومن يراها سببا فى تخريب المجتمع، لأن كل ما حققته كان يمكن أن يحدث عبر تطورات إصلاحية، ليس هذا ما ستستفيده من الكتاب لأن الثورة الفرنسية أصبحت واقعا تجاوز كل المشككين فيه، وهو ما سيحدث بإذن الله مع الثورة المصرية التى إذا نجحت فى الانتقال إلى الحكم المدنى، لن تصبح هناك أدنى قيمة لسخافات المشكّكين فيها، ما سيهمك فى كتاب لوبون كلامه الرائع عن النفسية التى تسود الشعوب فى مرحلة الثورات، وكيف يكون لها دور خطير فى تحقيق أهداف الثورة أو ضياعها، ستعرف قيمة آراء لوبون إذا كنت قد قرأت له كتابين مهمين هما «سر تطور الأمم» و«روح الجماعات»، والاثنان ترجمهما المرحوم أحمد فتحى زغلول شقيق الزعيم سعد زغلول، وقد قامت الهيئة العامة لقصور الثقافة بإعادة طبعهما فى العام الماضى.
معركة الثورة المصرية الآن هى معركة ضد نفسية اليأس والإحباط التى لم يعد يقوم بنشرها فقط فلول النظام المباركى أو أفراد حزب الكنبة، بل أصبح يقود عملية نشرها بعض الثوار الذين يحلو لهم ترديد نغمة أن الثورة سُرقت وضاعت وراحت فى ستين داهية، وللأسف فإنهم يقومون بذلك منطلقين من روح ثورية صادقة، لكن من قال إن إخلاص الجندى كافٍ لجعله يكسب المعركة؟ مشكلة هؤلاء للأسف تكمن فى عدم وجود اتفاق ولو شبه ضمنى بين القوى التى شاركت فى الثورة على طريقة تحقيق أهداف الثورة، لا أعتقد أن هناك ثوريا محترما يمكن أن يوافق على حكم العسكر، الكل يتحدث عن ضرورة أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، لكن المشكلة أننا مختلفون على طريقة تحقيق ذلك. طيب، طبقا لقراءة نسب المشاركة فى الفاعليات الثورية الأخيرة يتضح أن الغالبية العظمى مهتمة أكثر بالتركيز على الانتخابات كوسيلة مضمونة للخلاص من حكم العسكر وحكومة شرف الضعيفة، وكسبيل لتحقيق مطلب العدالة الاجتماعية الأكثر إلحاحا لدى ملايين المصريين من مطالب أخرى هى مهمة دون شك لكن الغالبية العظمى لم تقتنع بأهميتها بعد.
هل يمكن أن نصادر على أحد حقه فى التشكك فى حدوث انتخابات نزيهة يكفلها المجلس العسكرى؟ بالطبع لا، هل يمكن أن نمنعه من الشعور بالإحباط بعد ما رآه من سوء إدارة للفترة الانتقالية؟ لا عشنا ولا كنا، طيب ما الحل؟الحل ببساطة فى إرادة الشعب. يا سيدى إذا كنت تعتقد أن الثورة ستنجح إذا تم إعدام مبارك ورفاقه والإطاحة بالمجلس العسكرى دون انتخابات والتخلص من كل من كان له علاقة بالنظام السابق، فعليك أن تقنع الشارع بذلك لكى يلتف حولك وتستطيع تحقيق تلك الأهداف. طيب إذا كان الشارع الثورى الذى ملأ ميادين مصر وأسقط مبارك لم يقتنع بما تقوله، فما بالك بالشارع المتأرجح أو الصامت أو الخائف أو الرافض أو الطاهق من عيشة الذين خلفوه؟لماذا إذن لا تبحث عن وسيلة أخرى للوصول إلى هدفك؟ اسأل نفسك: هل كانت الثورة ستنجح فى إسقاط مبارك لو اقتصرت على الآلاف الذين خرجوا فى الخامس والعشرين من يناير، أم أن نجاحها اعتمد على توسيع نطاق الكتلة الحرجة التى جعلتها عصيّة على القمع؟ ستعود الملايين لتقف معك لو ثبت لهم أن هناك من سيضربهم على أقفيتهم ويلغى حقهم فى التصويت الانتخابى، سيكونون معك لو طلبت منهم أن يحموا لجان الانتخابات من العنف والتزوير، سيضحون بأرواحهم من أجل ذلك كما ضحوا بها يوم 28 يناير، سيكونون معك لو طلبت منهم أن يلتفوا حولك لكى ننتقل بمصر إلى حكم مدنى منتخب نحاسبه ونعاقبه ونسقطه إن أردنا، لكنهم -وهذا ما أظنه- لن يكونوا معك إذا لم ترفع مطالب يقتنعون بها، لن يكونوا معك إذا شعروا أنك عصبى ضيق الأفق تضيق بكل من يخالفك، وأخيرا سيقلقون منك كثيرا إذا شعروا أنك مخنوق من عيشتك وترغب فى الشهادة فقط دون أن تفكر فى النصر.
المشكلة أن هؤلاء الذين انتصرتَ كثائر بفضل تشجيعهم وتأييدهم أو حتى صمتهم وطناشهم وعدم نزولهم ليقفوا ضدك، يمكن أن يقفوا ضدك فعلا لا قدر الله إذا شعروا أنك تهدد أمانهم ورزق عيالهم، وساعتها ستكون سببا فى صنع طاغية جديد يحمله الملايين إلى العرش، تماما كما حدث عندما ضاق الناس ذرعا بطيش الثوار الفرنسيين الذين كان حظهم أفضل منك ووصلوا إلى الحكم ومع ذلك فقد تسببت الروح الثورية فى جعلهم يعبثون بالبلاد والعباد، وهذا ما يعرضه جوستاف لوبون بشكل رائع يستحق التأمل، على الأقل لأولئك الذين يرددون كثيرا أن مشكلة مصر تكمن فى أن الثوار لم يحكموا البلاد.
لكن المساحة انتهت اليوم، نلتقى غدا بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.