وصلنا على موقعنا الإلكترونى سؤال من الأستاذ «م.ع» يقول فيه: «أنا مصرى أعمل بدولة قطر، وتصادَف حضورى صلاة الجمعة بمسجد عمر بن الخطاب بالدوحة، وكان الخطيب وإمام المسجد هو الشيخ يوسف القرضاوى، ومع الأسف الشيخ فى خطبته تطاوَل على مصر وحكومة مصر وجيشها، وأيضا الشرطة والإعلام، ثم تمادى فى التحريض على الثورة داخل مصر، ودعوة المقاتلين إلى تحرير مصر ومقاومة الجيش والشرطة الكفرة، كما تطاول ضمنا على الإمارات والكويت والسعودية، مما جعلنى أُفكِّر فى ترك المسجد وعدم أداء صلاة هذه الجمعة، ولكن الخوف من فوات الفريضة جعلنى أتحمّل هذا التطاول المخجل، فهل تصرّفى كان صحيحا؟». نشكر ابننا صاحب السؤال وللإجابة عنه نقول: بداية بتوفيق من الله وإرشاده وسعيا للحق ورضوانه، وطلبا للدعم من رسله وأحبّائه، نُصلّى ونُسلّم على كليم الله موسى عليه السلام، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى، وكل السلام والتسليم على نبى الإسلام محمد ابن عبد الله، وأيضا نُصلّى ونُسلّم على سائر أنبياء الله لا نفرّق بين أحد منهم، أما بعدُ.. خطبة الجمعة فرع من فروع الدعوة، والأصل فى الدعوة أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، كما ورد فى قوله تعالى فى سورة «النحل»: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ»، والدعوة العنيفة مرفوضة حتى لو كانت من النبى نفسه كما قال تعالى فى خطابه لنبيه فى سورة «آل عمران»: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ»، مما يعنى أن القرضاوى شذّ وخرج تماما عن كلام الله، وشَرَعَ لنفسه ما ليس موجودا فى شرع الله، سعيا ورغبة لهوى فى نفسه، وإرضاءً لنوازعهُ العنيفة الإجرامية، لأن النفس تحمل الفجور والتقوى، ويفلح مَن يزكى نفسه كما ورد فى قوله تعالى فى سورة «الشمس»: «وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا»، ومع الأسف القرضاوى لم يسعَ إلى تزكية وتهذيب نفسه «هداهُ الله»، وجعل من الشرع هو ما تمليه عليه نفسه من عنف وإجرام، متبعا لشريعة الشيطان، فتحرّك لسانه بالتحريض على العنف والقتل والكراهية فى مرات متعددة، فكان الشيطان فى ثوب الواعظ، «ولا أعلم إن كان يدرى أو لا يدرى، لأن هناك مَن يقرأ ولا يفهم»، كما أن القرضاوى تحدّى الله عندما دعانا الله إلى نشر دعوة السلم بين كل البشر فى قوله تعالى فى سورة البقرة: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِى السِّلْمِ كَافَّةً»، مما يُوضّح عصيان القرضاوى لكلام الله، وإصراره على تنفيذ شريعة الشيطان «ولا أدرى إن كان مدركا أو غير مدرك لما يفعل»، لأن الشيطان كما قال تعالى فى سورة «الإسراء»: «وَقُلْ لِعِبَادِى يَقُولُوا الَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا». كما أن القرضاوى لا يحقّ له أن يُكفّر أحدا أو يُحرّض على العنف ضده حتى لو تيقن أنه كافر لقوله تعالى فى سورة «يونس»: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ»، وهو استنكار وتحذير من الله للنبى نفسه، ثم يأتى القرضاوى ويتحدّى الله والنبى، ولأن شروط الإمامة وخطبة الجمعة سبعة قد تعارَف عليها الفقهاء ومنها: أن يكون مُسلما، أن يكون عاقلا، أن يكون سالما من البدعة المكفرة، أن يكون القوم من ورائه راضين عنه. وقد خالف القرضاوى هذه الشروط جميعا، لأن القرضاوى حرّض مسلم على قتل مسلم، متحديا الرسول عليه السلام حينما قال: عن ابن مسعود قال: قال رسول الله: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» متفق عليه، كما أن قتل النفس محرم شرعا سواء مسلم أو غير مسلم، وبذلك يكون القرضاوى عاصيا ومرتكبا لمعصية كبرى، كما أن العقل والحكمة انتفيا عند الرجل، وهو ما ذَكَره عديد من أهل الطب النفسى فى وسائل الإعلام، أيضا القرضاوى لم يسلم من البدعة المكفّرة، أيضا هناك جمع كبير من المسلمين يرفض فِكرَه وإمامته، لأنهم فهموا الرجل وعرفوا أنه ممن يتكلم باسم الإسلام، وهو ألدّ الخصام وإساءة للإسلام والمسلمين، كما ورد فى قوله تعالى فى سورة «البقرة»: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ، وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ»، لذا يكون قد ثبت لدينا بالدليل الواضح فساد القرضاوى وعصيانه المعصية الكبرى، لخروجه عن الإيمان واتباعه لشريعة الشيطان، فتكون الصلاة خلفه فاسدةً وليست باطلة، لأن الصلاة فرض عين تقدّر بنية مؤدّيها، والأفضل شرعا هو الابتعاد عن خطبة وإمامة الفاسد العاصى الداعى إلى العنف، بل على كل مسلم فرض عين محاربة هؤلاء لنشرهم شريعة الشيطان عن قصد، أما إذا كان دون قصد لغياب العقل، فعلينا حجزهم فى أماكن محدّدة لعلاجهم لدرء الناس شرهم، وحتى تبرَأ نفوسهم، ونحن من جانبنا نطلب الهداية للقرضاوى، ونطالبه بالتوبة والندم قبل فوات الوقت. وعلى الله قصد السبيل وابتغاء رضاه.. الشيخ د.مصطفى راشد عالم أزهرى وأستاذ للشريعة الإسلامية رئيس جمعية الضمير العالمى لحقوق الإنسان وعضو اتحاد الكتاب الإفريقى الآسيوى ونقابة المحامين المصرية والدولية والمنظمة العالمية لحقوق الإنسان