عفوا.. قبل قراءة هذا المقال المهم للغاية.. لزم لهيئة التحرير التى تتشرف بتكريم الشيخ الجليل د. أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن تسجل تقديرا لهذا العلامة على موقفه الصادم الذى وقف أمامه كل المصريين مسلمين ومسيحيين، عندما انهار باكيا لحسرته على ما يحدث للإسلام من إساءة بسبب هؤلاء المتاجرين ليحققوا مكاسب سياسية وسيادية ودنيوية، وخوفا على ما يخطط لإسقاط الأزهر الذى يكاد يقارب عمر دعوة رسالة النبى الكريم «صلى الله عليه وسلم» للبشرية.. وهذه رسالته التحذيرية لنا من هذا الرويبضة.. اللهم قد بلغنا.. وبلغا اللهم فاشهد. والآن إلى نص مقال الشيخ الجليل. من المفزع أن يدعى شتامو الفضائيات أنهم يقتدون بسيدنا رسول الله «صلى الله عليه وسلم» فى بذاءاتهم ووقاحاتهم.. لكننا فى زمن الرويبضة! تعمى القلوب التى فى الصدور حتى لو كانت لمن يدعون أنهم دعاة.. أن ضاع منها صحيح الأمور. فالمنهج الدعوى الأصيل الصحيح السليم رسمه الله - عز وجل - فى كتابه «قل هذه سبيلى أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركين» الآية 108 من سورة يوسف والوسائل القويمة «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين» - الآية 125 من سورة النحل - والنصوص الشرعية فى ذلك كثيرة وغزيرة.
مما يبعث على الغرابة والنكارة معا أن يبرر شتامون سبابون فى فضائيات منسوبة إلى الدين وفى دروس وخطب بعض مساجد، وكتابات فى وسائل إعلامية مقروءة وغيرها ما يبرر ممن ينسبون فى زمن «الرويبضة»- الرجل التافه يتكلم فى أمور العامة - بذاءات ألسنتهم ووقاحة وبجاحة ما يتلفظون به من شتائم وسباب وقذف وتطاول على علماء راسخين بالأزهر الشريف، وشرائح متنوعة فى المجتمع، يبررون تصرفاتهم المعوجة، وسلوكياتهم المنحرفة، وتربيتهم السيئة على أنهم يقتدون بسيدنا رسول الله «صلى الله عليه وسلم» وأصحابه ويعددون ما أسموها أدلة من وقائع وأحداث فى حق غير مسلمين من عباد أصنام، ويهود محاربين فى صدر الدعوة الإسلامية، لظروف خاصة، ليست أصلا عاما فى أخلاقيات الإسلام وهذه الوقائع بظروفها وملابساتها وأسبابها وخصوصيتها نقلها هؤلاء بغباوة لا يحسدون عليها إلى مسلمين، وصدق فيهم نعوت الخوارج «انطلقوا إلى آيات نزلت فى حق الكفار فجعلوها على المؤمنين»!!
وهذا الخلط يدل على طمس بصائرهم وعمى قلوبهم وعدم تقديرهم للعواقب فكما قيل فى المأثور: «ليس كل ما يعلم يقال»، «لكل مقام مقال» أخذتهم العزة بالإثم فبدلا عن الاعتذار جاء التزوير فى صور تبرير وبدلا من المراجعة التزموا «لدد الخصومة»، فغابوا عن الدين الحق وأعطوا لأعداء ومتربصين ومترصدين وكارهين أسلحة لا يحلمون بها من تشويه وتشهير بالإسلام!
الدين الحق صار مبتلى بعمى القلوب، مشوشى الفكر، ممن يسيئون إليه إساءات بالغة «وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون» الآية 36 من سورة الأنعام.
لم أسرد ما سطرته أيدى الجهل من وقائع حسبوها أدلة ومبررًا لشلال اللمز والتنابذ بالألقاب المتواصل منهم ضد مخالفيهم - ونعمت المخالفة لسفهاء - لأن هذه الوقائع ما هو إسرائيليات ومنها ما هو ضعيف وموضوع ومنها ما هو صحيح لظروف ومسببات قاهرة تجعله فى حدود الخصوصية ويحصر ويقصر فى العمل الأكاديمى لدى فاقهين لأعمال بحثية وتمنع من الأعمال الدعوية والإعلامية لصعوبة الاستيعاب من متلقين تتنوع ثقافاتهم!
ليس بين تيار التشدد والمغالاة والعنف الفكرى، والتكفير واتهام الناس باتهامات البدعة والزيغ وما يعتدون به على أئمة علم قديما كالأئمة أبى حنيفة والنووى وابن رشد والزمخشرى والأشعرى وغيرهم، وباحثين بالأزهر الشريف ورموز فى الصوفية والإباضية والشيعة وغيرهم من أهل القبلة، من يردهم إلى فقه الدعوة وأخلاقيات الإسلام، وإليهم فيما قال الإمام النووى - رحمه الله تعالى - قراءة رشيدة لما نحن فيه حيث قال أعلم أنه ينبغى لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام، إلا كلاما ظهرت فيه مصلحة، ومتى يستوى الكلام وتركه فى المصلحة، فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجر الكلام المباح على حرام أو مكروه، وذلك كثير فى العادة والسلامة لا يعد لها شىء «رياض الصالحين - كتاب الأمور المنهى عنها». ما فى هؤلاء رجل رشيد وهذه جماعات ينسبون إلى الإسلام، يتظاهرون ضد صحيح الإسلام إعلاء لمصالحهم الخاصة ومنافعهم الدنيوية، أخبر عن إساءتهم لفهم وعرض الدين الحق سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: «..من بنى جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا..» رواه الثلاثة، «يحسنون القيل ويسيئون الفعل، ويقرأون القرآن لا يجاوز حلوقهم يمرقون من الدين..» رواه أبو داود، «سيماهم التحليق».. رواه النسائى: أى يحلقون رؤوسهم وشواربهم.. «.. حداث الأسنان.. سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية...»، هؤلاء خوارج مسلمون ظهروا قديما من فرق «الخوارج الحرورية»، و«الشيعة» وحديثا خوارج الزمان وما قبل القيامة.
جماعة «الإخوان» ابتدعت «بيعة» لغير الله عز وجل لمن تسميه وتقدسه «المرشد»، على السمع والطاعة المطلقة بما يضاهى السمع والطاعة لله تبارك وتعالى ولرسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يماثل الطاعة لولى الأمر الشرعى، مع إضفاء هالة قداسة مثل البابا فى كنائس مذهبية، ومرجعيات شيعية، وماسونية، وحاخامية ليهود، هذا كله يجافى صحيح الإسلام، ومبدأ السمع والطاعة يوجد مسخا واغتيالاً للعقول، ويؤصل إمعات، بالإضافة إلى كيان طائفى يعود سلبا على الوحدة المجتمعية، وممارسته عنف فكرى للتمذهب بأصول الإخوان العشرين، والعنف المسلح «التنظيم الخاص» لأعمال الاغتيالات وفرض تواجدهم بالقوة المسلحة.
شرائعهم الإسلامية وهمية، ووعودهم الاقتصادية، هباء، كلها وسائل لمزيد من استحواذ واستعلاء، والواقع خير شاهد.
فرقة «الوهابية المتسلفة»، سلفية مدعاة: فى أصل نشأتها توجه مذهبى استعمله حكام ولايزالون غطاء سياسيا، ابتدعوا فى الدين ما خرجوا به عن الرواية المقبولة، والدراية المعقولة، أدبياتهم خلط عجيب غريب من إسكان الله عز وجل فى مساحة ومسافة، وإجراء ألفاظ موهمة للتشبيه فجعلوه مجتمعًا مجسدا، له يد، يدان، أيد، يدان مبسوطتان، كلتا يديه يمين! لا يكاد يستقر حسب معتقدهم على عرش لصعود ونزول إلى السماء الدنيا فى السدس الأخير من الليل «مع ملاحظة اختلاف مواقيت الكرة الأرضية- وهم ينكرون كرويتها ودورانها»، جعلوا التوحيد ثلاثيا: توحيد ربوبية، توحيد ألوهية، توحيد أسماء وصفات! وهذا لم يرد صراحة فى القرآن الكريم والسنة النبوية، وعهود الصحابة رضى الله عنهم- بل اختراع لابن تيمية، واعتناق الشيخ محمد بن عبدالوهاب- غفر الله لهما- إهانة والدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكم بكفرهما، ودخولهما النار، وعدم خلود النار.. إلخ الأخلاص الاعتقادية، والمذهبيات الفقهية، والتحزبات العلمية.. إلخ! ينسبون هذه الأخلاط كذبا وزورا إلى «سنة» و«سلف صالح»، يحتكرون النجاة من حساب أو عقاب لأنفسهم، فهم وحدهم من دون المسلمين «فرقة ناجية ومنصورة»!، العنف الفكرى منهجهم من تكفير مخالفيهم، واحتقارهم، والطعن فى عقيدة وإيمان المسلمين من الحكم عليهم: زيغ وفساد العقيدة، يخاصمون العادات المستحدثة، بالحكم بالبدعة!
من العنف الفكرى إلى العنف المسلح بتغيير ما يرونه منكرا باليد «فصائل وميليشيات الأعمال التخريبية التدميرية حاليا منهم.
معظم الأخبار النبوية بحقهم، مع الإخبار بمبعث الفتنة من نجد «مولد ابن عبدالوهاب».
يكفرون كل المسلمين، ويمقتون آئمة العلم كأبى حنيفة والنووى والزمخشرى وابن رشد!، يكرهون الأزهر كراهية تحريم، يسعون لإضعافه وإغلاقه.
المواجهة الأزهرية ضئيلة مجهودات شخصية لبعض أعضاء هيئة تدريس، فأهل المناصب القيادية غرقى فى إداريات وروتينيات مع «شللية»، وبعضهم متوقف على تلقى تعليمات، أسرى توجيهات، وبعضهم يتحول أو يتلون، والعيب ليس فى مؤسسة الأزهر، بل فى سوء انتقاء قيادات، وفق رضا الأمى والسياسى، وإغفال الكفاءة العلمية لكون أصحابها ليسوا من أهل الثقة السياسية والأمنية. أستاذ الشريعة فى جامعة الأزهر