عن دار روافد صدرت «تدريبات على القسوة» الرواية الأولى لعزة سلطان، التى عرفت قاصة وكاتبة سيناريو. الرواية تتناول قصة حياة فتاة تحولت إلى عاهرة، وفى النهاية أصبحت كاتبة معروفة ومقدمة برنامج على فضائية كبيرة. البطلة التى تحكى قصتها منذ كانت فى الثانوية العامة، وعرفت علاقة أمها المشبوهة مع صديق والدها الذى يصغره بخمسة عشر عاما، وحين فهمت الأم إدراك ابنتها للعلاقة، حاولت تزويجها من عشيقها، هى نفس الفتاة التى وجدت فى عمها النصير والمعاون، ففوجئت به ليلا يأتيها من الدبر، هى نفسها الفتاة الخام التى وقعت فى حب طالب طب أفقدها عذريتها وظل زوجها عرفيا حتى فاجأه أبوه معها فى الشقة الخاصة بلقاءاتهما. لكن هذه الفتاة التى استسلمت للقدر ففقدت عذريتها، تقرر أن تصنع قدرها الخاص أو أن تستسلم له على طريقتها، فهى عاهرة مثقفة، تحدد لنفسها نوعية من الزبائن وتكنيكا فريدا للاصطياد، تترد على مقاهى المثقفين، ولا تتردد على البارات والحانات. ما ينتج لدى البطلة أمران، قصص علاقاتها منذ الثانوية وحتى تمرسها الدعارة، وكتاباتها التى تجعلها طمعا لاصطياد الرجال، فهى تجلس فى لوبى فندق فاخر تكتب مقطعا جنسيا أو عن الجنس، ثم بطريقة أو بأخرى تجعل صيدها المحتمل يقرأ المقطع، ثم يبدأ الحوار فدعوة العشاء فالصعود إلى غرفة نوم الزبون. بينما تتجمع الطعوم لتكون كتابا يطبعه أحد زبائنها الدائمين، ويحقق مبيعات هائلة، فتخرج إلى النور لتصبح كاتبة مشهورة فى مجال الكتابة عن المسكوت عنه، وتتلقى عروضا عدة يكون أهمها أن تكون مقدمة برامج، وتبدأ فى إعداد خطتها للمستقبل، ولا تنسى كيف ستتصدى للمبتزين الذين يعرفون قصصها الحقيقية، بل تفكر فى التطهر فى حلقة برنامجها الأولى. وتقوم الرواية على عدة تقنيات منها تداخل الأجناس الأدبية، فتجد القصص الصغيرة مثل قصة الفتاة التى تستخدم الهاتف المحمول فى الجنس، ومثل قصة عاهرة صديقة وقعت فى يد طالب متعة سادى، بل يمكن القول باطمئنان إن النص تم تكوينه عبر قصص صغيرة متداخلة، كما تجد المقالات متناثرة فى ثنايا النص، إضافة إلى مقاطع شعرية بالفصحى وبالعامية. وعن طريقة السرد فقد انحازت الكاتبة إلى السرد الشعرى القائم على التلاعب بالزمن. أخيرا فالرواية لا تعنى برسم صورة العاهرة النمطية ابنة الظروف القاهرة، بما يدفع القارئ إلى الشفقة على عاهرته، ولا إلى رصد تطور الدعارة فى مصر استعانة بما كتبه عبد الوهاب بكر وغيره، ولا إلى جعل الدعارة مهنة لها شروط كما كان قبلا، وهى وإن اعتنت بذلك فإنها تعنى كذلك -فى ما أرى- بكشف نقائض المجتمع المصرى، وأهمها تلك الازدواجية الهائلة بين المعلن والمسكوت عنه، بين عالم المبادئ على الألسنة وفى المنتديات العامة، وبين عالم التهتك والشذوذ فى الأماكن الخاصة، ويبقى سؤال البطلة الأثير: ماذا لو عاش الناس حقيقتهم؟