جامعة بنها تعتمد مدونة السلوك الطلابي ودليل وحدة الدعم النفسي والاجتماعي    شروط الحصول على منحة الزواج 2025.. الأوراق المطلوبة وكيفية حسابها من المعاش الشهري    ارتفاع الأخضر الأمريكي عالميًا.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأربعاء 24-9-2025    ضمير العالم إلا ربعه.. ومصير سفينة الإنسانية    وزير الخارجية يؤكد لنظيره اليوناني ضرورة وضع حد للعمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة    رئيس الأهلي السابق يهاجم رابطة الدوري السعودي بعد الهزيمة من بيراميدز    أول تحرك من ليفربول بعد إصابة جيوفاني ليوني    خطة محافظة الإسماعيلية للاستعداد المبكر لفصل الشتاء 2025-2026    غدًا.. احتفالية بتخريج دفعتين جديدتين من برنامج «بيت جميل لفنون الحرف التراثية»    طليقة مسلم تتحدث عن انفصالها: «هاخد حقي بالقانون.. ومش هعيش وسط الناس دي تاني»    «الصحة»: الباراسيتامول آمن أثناء الحمل وفق التوصيات العالمية    ملك إسبانيا: لا يمكن الصمت أكثر عن قتل المدنيين والتجويع في غزة    إعلام عبري: سقوط مسيرة يمنية في منطقة سياحية بإيلات    إذاعة جيش الاحتلال: سلاح الجو يحقق في فشل اعتراض الطائرة المسيرة    كوستاريكا تعلن تعليق جميع الرحلات الجوية إثر تعطل رادار المطار الرئيسي    سرايا القدس تعلن تفجير آلية عسكرية إسرائيلية بمدينة غزة    وزير الصناعة والثروة المعدنية يبحث مع نظيره الصيني تعزيز التعاون في الصناعات المتقدمة    النائب محمد سمير مكى: الصحة والتعليم وتوطين الصناعة على رأس أولوياتى    مصر ترسم خريطة جديدة للمياه.. مشروعات كبرى لتأمين احتياجات الأجيال القادمة.. صور    الداخلية: ضبط مزرعة لمخدر ال «هيدرو» بالإسماعيلية قيمتها 1,6مليار جنيه    عاجل - اتجاه تريند: تحويل السيلفي إلى تماثيل ثلاثية الأبعاد ب "نانو بانانا"    زوجة المتهم بقتل ابنته وإصابة شقيقتها وإنهاء حياته في الإسكندرية للنيابة: تركته عاما لسوء سلوكه    هايد بارك للتطوير العقاري تستعد لإطلاق مشروعها الثالث في غرب القاهرة    إنجى نصيف: ملفات المرأة والتعليم والإسكان والنقل في مقدمة أولوياتى بمجلس الشيوخ    شهرة عالمية ورحيل هادئ.. وفاة طبيعية لأيقونة السينما النجمة الإيطالية كلوديا كاردينالى    مهرجان الإسكندرية السينمائي يحتفي ب مئوية ميلاد سعد الدين وهبة.. ويكرّم قامات الإبداع    ديكورات منزلية بسيطة واقتصادية.. لمسات فنية    رئيس جمهورية سنغافورة يزور المتحف القومي للحضارة المصرية.. صور    وزير الشباب والرياضة يشهد حفل ختام مهرجان "اكتشاف المواهب"    خالد الجندي: الإنسان الذي اختار طريق الكفر في الدنيا لا يمكنه طلب الرحمة بعد فوات الأوان    لجنة من وزارة التربية والتعليم تتابع انتظام الدراسة بشمال سيناء (صور)    جامعة المنيا: استمرار إطلاق القوافل التنموية بالقرى الأكثر احتياجًا    أستاذ مناعة: التطعيمات قبل الشتاء ضرورة لحماية طلاب المدارس من الأمراض المعدية    النائب محمد أبو النصر بعد استلام كارنية مجلس الشيوخ: تحسين الخدمات والصحة والتعليم على رأس أولوياتي    جامعة المنوفية تحقق إنجازًا علميًا جديدًا في تصنيف Nature Index العالمي    القمة 131| لجنة الحكام تُكثف البحث عن حكم أجنبي لمباراة الأهلي والزمالك    «المهن التعليمية» تشيد بإجراءات وزير التعليم في الدفاع عن كرامة المعلم    جيرو يعترف: تأثير ديمبيلي مع باريس سان جيرمان فاجأني    «من غير عجن ولا دقيق».. أغرب طريقة لتحضير البيتزا في 5 دقائق    تصالح فتاتي حادث طريق الواحات مع المتهمين في جنحتي الإصابة وإتلاف السيارة.. والمحكمة تستمع لأقوالهما بجريمة التحرش    لليوم ال 24.. التموين تواصل صرف مقررات سبتمبر وتنتهي من 95%    ضبط طن ونصف لحوم ودواجن مجهولة المصدر بالشرقية    مدير الوكالة الذرية يطالب إيران بالتعاطي مع المفاوضات    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025 والقنوات الناقلة    شوبير: الزمالك أضاع نقطتين ثمينتين.. وفيريرا ارتكب خطأً كارثيًا أمام الجونة    بسبب «سبحة مصطفى حسني ودوخة أمير كرارة».. أسامة الغزالي حرب يوجه نداءً للأزهر    قرار عاجل من جنايات مستأنف دمنهور بشأن قضية الطفل ياسين    موعد تقييمات وزارة التربية والتعليم للعام الدراسي الجديد 2025-2026 (الأسبوع الأول)    وزير التعليم العالي يبحث مع نظيره السوداني تعزيز سبل التعاون المشترك (تفاصيل)    دي يونج يمدد إقامته في كامب نو حتى 2029 براتب مخفّض    احتجاجات عمالية فى محافظات الجمهورية للمطالبة بزيادة المرتبات وعمال البناء بدون تأمينات    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. تنظيم 217 ندوة بمساجد شمال سيناء    ارتفاعات في أسعار الخضروات بأسواق المنيا اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 24-9-2025 في محافظة قنا    وفد السنغال يلتقي وكيل الأزهر لمناقشة تدريب الأئمة والوعاظ في مصر    نقابة المهن التمثيلية تنعي مرفت زعزع: فقدنا أيقونة استعراضات مسرحية    هاني رمزي: الموهبة وحدها لا تكفي وحدها.. والانضباط يصنع نجمًا عالميًا    «احمديات»: لماذا ! يريدون تدميرها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيزابيل الليندي تجمع العشق واليأس في "دفتر ذكريات مايا"
نشر في صوت البلد يوم 05 - 06 - 2013

لا يبدو متن هذه الرواية يخضع للتجريب عند إيزابيل الليندي وهي تغادر الواقعية السحرية في "بيت الأشباح" إلى واقع مفعم بالبخار الجنسي بلغة براقة عندما تسرد الحياة الحميمة والشخصية جدا لمايا في مفكرتها.
"دفتر ذكريات مايا" أحدث روايات الكاتبة التشيلية لا تمانع أن تقول فيها إنها أشبه بمقطع تاريخي من حياتها! فايزابيل لا تمانع أن تقول كل شي عن أي شيء، وهذا تميز فريد بحد ذاته، لأنها تكون أقل عرضة للخطر عندما تتقاسم أسرارها مع الآخرين، ربما يمنحها نوع من قوة الكتابة وهي تحصل على استجابة رائعة من القراء وهم يشعرون بأن قصصهم موجودة عندها أيضا.
تسرد إيزابيل الليندي في هذه الرواية المشاعر المعلنة لمايا عندما تكون في التاسعة عشرة من عمرها بواقعية سلسة وبنوع فضفاض من الروي يتشعب إلى أزقة الجريمة والإدمان على المخدرات في أدراما عائلية بامتياز. فمايا التي تعيش مراهقتها بشعر مصبوغ بأربعة ألوان وحلقة فضية في أنفها، وكأنها إحدى البدويات من الشرق الأوسط، تكشف لنا كيف فرت من منزل العائلة في تشيلي لتقع في براثن عصابة إجرامية في لاس فيغاس يطاردها مكتب التحقيقات الفيدرالي والانتربول.
لا يفقد سرد إيزابيل الليندي انضباطه على صعيد الكتابة المسكونة بالحنين، فجدة مايا تحضر هنا، لحسن الحظ، كأرض رؤوم للفتاة، مثلما تحضر وقائع الجغرافيا في تاريخ معاصر لأرخبيل جزيرة ولدت فيها الفتاة لأسرة تشيلية قبل أن تغادرها إلى الولايات المتحدة.
فيكتشف القارئ الطبيعة المتفائلة لسكان هذه الجزيرة وذكاء أهلها وايمانهم بالسحر، والغرائب المتصاعدة فيها والشعور العظيم الذي يكتنف أهلها، مثل الأوهام السياحية.
الجدة ستكون ساردة أيضا، فالانعتاق المجازي لمايا من أسرتها هو المعادل الانضباطي لطفولة الجدة، التي تعود بالقارئ إلى الأيام الأولى لحكم نظام بينوشيه وسنوات الأزمة السياسية وأهوال الماضي. وتبقى مايا الأخف وزنا في هذه الرواية، لعوب بشكل مقنع في نوع من الكتابة الفكهة والساخرة والمرحة. تتذكر إيزابيل كيف اكتشفت الجنس عندما كانت صغيرة، وتعرض لبعض من تجاربها العاطفية التي عاشتها، كما تقوم بنثر روحها المفعمة بالمرح في كل فصول هذه الكتاب. لانها تعتقد أن "الضحك هو أفضل منشّط جنسي".
سوف ينتبه القارئ إلى اعترافات الليندي الصادمة، عندما كان عمرها سبع سنوات، وقبل أن تحتفل برغبتها الأولى كان الكاهن قد سألها إذا كانت لمست "جسمها بيديها"، أجابت "كل يوم".
تكتب ايزابيل هنا لجمع العشق واليأس مع الغلو، من أجل البقاء في حياة يصفها التشيليون بسعادة هابطة من السماء بلا مقابل. تكون الجدة بمثابة "قاموس" مايا التاريخي عندما تسرد لها طفولتها والجواهر الكامنة في هذه الأرض التي عاشت عليها، ولا تتردد في سرد المحن التي عاشتها البلاد بلغة مشفرة.
لا تهدف إيزابيل الليندي في ثنايا المتن من سرد حياة قاتمة من "دفتر ذكريات مايا" تغرق قارئها، بل ثمة مساءلة روائية عن المنعطفات التي طغت على وحشية واقع، فعلى الرغم تفشي العنف والجريمة في الشوارع وحتى العبودية، إلا ان ثمة قبول بالحب ومواجهة الفظائع. وهذا هو الذي يجعل من المراهقة مايا ألا تسقط في الحضيض، بل تعيد تأهيل نفسها وتجد سعادة في حياة سليمة، هي صورة قادرة على شفاء الآخرين أيضا.
في هذه الرواية لا ترسم إيزابيل الليندي أو ترى شبح جدها، بل تعكس البعد الروحي للواقع، ابنتها بولا توفيت منذ 20 عاما لكنها تشعر بوجودها باستمرار.وسواء كانت إيزابيل الليندي واقعية أكثر مما ينبغي أو خضعت للواقعية السحرية، فإنها في روايتها الجديدة، تقترح حلا ما لشفاء الروح.
تخرج في عملها الجديد من القص التاريخي ونمط المذكرات وكل ما بحوزتها من كتب، فهذه المرأة "تولد 1942" لديها الآن ستة أحفاد، لذلك تدرك عالم المراهقين والانحراف وما يسببه الانترنت من عنف وشيوع المواد الإباحية والمخدرات والكحول، ويصبح من المعقول أن تكون قادرة على تقمص حياة مراهقة مثل "مايا". لكنها في كل الأحوال لا تهدف إلى بعث رسالة، أسوة بكل رواياتها السابقة، بل أنها تكتب عن الحياة وتساعد على سماع أصوات شخصيات واقعية أو افتراضية بما فيه الكفاية، ومع إنها تحب أحيانا أن تكون نهايتهم سعيدة، إلا أن ذلك لا يحدث دائما لأن وقائع القصة تقودها في اتجاه آخر.
تعترف إيزابيل الليندي انها لا تستطيع السيطرة بشكل مطلق على سلوك أحفادها، فكيف بمقدورها أن تتحكم بقصها؟ ترى انها ستسبح ضد التيار عندما تحاول فرض حدثا ما، لذلك تسمح لشخصياتها أن تقرر مصيرها. لذلك تشعر بأن السعادة تغمرها من الكم الهائل من رسائل القراء، أو التعليقات على كتبها لأن كل واحد منهم يرى الكتاب بشكل مختلف، وطبقا لطبيعة البلاد "في اسبانيا مثلا تفاعل القراء مع حياة مايا في لاس فيغاس وسقوطها في حياة المخدرات والتشرد والدعارة، لأنها صورة تكاد تكون قائمة في اسبانيا اليوم".
إيزابيل الليندي التي دخلت عقدها السبعيني مع روايتها الجديدة "دفتر ذكريات مايا" بدأت تثق بطاقتها على الكتابة، تتأنى قليلا ولا تكتب بكثافة كما كانت تفعل من قبل، ربما لا تستطيع نشر رواية في السنة، لكنها لا تتصرف وكأنها عاطلة عن العمل وتنتظر من يعطيها فكرة للكتابة. هي في هذا العمر تشعر باسترخاء وتكتب كل يوم، وتلبي دعوات العشاء التي تأتيها غالبا، لكن أغلب ما تسطره يذهب إلى سلة المهملات، هذه الحقيقة جعلتها تدرك متى تنتهي من كتاب جديد.
مثلما تدرك بصفتها مواطنة أميركية "المواطنة بالنسبة إليها لا تعني في أي حال من الأحوال ما روج له جورج بوش" بل بالكرامة التي يمثلها الحلم الأميركي، فكل شي يمكن أن يتغير في هذه البلاد وفق عمرها الذي يمتد بضع مئات من السنين، وهذه الفرصة غير متوفرة في أوروبا مثلا بالقياس إلى ثلاثة آلاف عام عمر تلك البلدان.
وفي النهاية الكل يحاول البقاء على قيد الحياة، وربما الكتابة قدر يضاف إلى العمر الافتراضي للكاتب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.