طرح رجل أعمال مشروعًا لنقل مياه نهر الكونغو عبر وصلة إلى أحد روافد نهر النيل بجنوب السودان. ويطرح المشروع إمكانية لنقل 95 مليار متر مكعب (وهو تقريبًا) ضعف حصة مصر من مياه النيل وتوفير زراعة 80 مليون فدان وتوليد طاقة كهربائية تكفى ثلثى القارة الإفريقية بمقدار 18000 ميجاوات عشرة أضعاف ما يولده السد. وقكرة المشروع، إذا صح أن نطلق عليه ذلك، فانتازيا من الخيال اللا علمى، لأن «الوصلة» بين روافد نهر الكونغو والنيل الأبيض ستتم عبر قناة حاملة بطول 600 كيلو متر لمجرد نقلها إلى النيل الأبيض، وهذه القناة تحتاج إلى حفر مجرى عملاق يفوق مجرى نهر النيل فى الاتساع والعمق! وحتى لو تم الحفر فستكون القناة أعلى من مستوى مأخذ المياه وبالتالى سنحتاج إلى عدة مضخات رفع عملاقة على عدة مستويات لرفع المياه 450 مترًا. وبالمقارنة، تتضاءل محطة توشكى لرفع المياه التى استغرقت إقامتها 5 سنوات لا يزيد فيها مستوى رفع المياه عن 40 مترًا! ثم ماذا بعد؟ ماذا سيحدث للمياه بعد نقلها إلى النيل الأبيض ثم النيل؟! لن يستوعب النهر هذا التدفق الماثل أو الطوفان وستغرق مصر وسينهار السد العالى أو تطمره المياه، كما فى أفلام الخيال العلمى، لأن لكل نهر قدره على حمل وتمرير كمية معينة من المياه، والكمية المقترحة تعنى أن منطقة السد على النيل وهى منطقة منخفضة تغطيها المستنقعات سيتم تدميرها. وحسب هذا السيناريو ستمر المياه خلال منطقة المستنقعات فى جنوب السودان لتمر عبر مستنقعات «ألسُد» علمًا بأن مصر لم تنجح فى استكمال مشروع قناة جونجلى الذى يمر فى هذه المنطقة مع أن العمل بدأ فيه فى 1978. وهى قناة تخرج من قرية جونجلى فى الجنوب وتمتد حتى قرب الملكال فى الشمال (نحو 300 كم). وكان المتوقع أن ما ستكسبه مصر والسودان من هذا المشروع 3.8 مليار متر مكعب تصل إلى 7 مليارات بعد توسيع القناة. هناك أيضًا- بالإضافة إلى الاعتبارات التقنية التى تقارب المستحيل- اعتبارات سياسية فى غاية الأهمية، ربما كان أهمها هو أن حوض نهر الكونغو حوض دولى ولا تسمح المواثيق الدولية بنقل المياه من حوض إلى آخر. والحوض المائى يشمل المنطقة التى تغذى روافد النهر، وفى حالة حوض الكونغو تشمل الدول المشاركة فى هذا الحوض (تبعًا لقائمة أحواض الأنهار الدولية IRB). جمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية إفريقيا الوسطى، أنجولا، جمهورية الكونغو، زامبيا، تنزانيا، الكاميرون، وبوروندى، رواندا، السودان، الجابون، ملاوى، أوغندا. ومن العجيب أن يصرح رجل الأعمال الذى نصب نفسه «رئيس مبادرة مشروع تنمية إفريقيا» بأن المشروع من المخطط الانتهاء منه خلال عامين على أقصى تقدير. أما عن التمويل، والذى لم يصرح بحجمه، فيقال إنه سيتم تنفيذه برؤوس أموال مصرية بطرحه للاكتتاب الشعبى ومشاركة رجال الأعمال الوطنيين. وذلك بعد أن صرح مسبقًا بأن هناك مجموعات تمويلية عربية ودولية».