خالد أحمد محمود طاهر (الشهير بخالد الأنصاري) طالب في السنة الثانية بكلية حقوق حلوان، وعضو حزب "العيش والحرية". تم القبض عليه يوم 30 ديسمبر 2015 فجرًا من منزله، والتحقيق معه بنيابة أمن الدولة واتهامه في القضية رقم ٧٩٦ لسنة ٢٠١٥، حصر أمن دولة عليا، ومعه تسعة متهمين آخرين. التهمة هي إنشاء تنظيم على خلاف أحكام قانون الإرهاب أعطته الأجهزة الأمنية عنوان "حركة شباب 25 يناير". هذه حركة وهمية لا وجود لها، ولم يكن للمتهمين بالقضية معرفة مسبقة ببعضهم. سبعة من المتهمين أخذوا إخلاء سبيل على ذمة القضية خلال ربيع وصيف 2016، وهم: شريف دياب ومحمود السقا ومحب دوس وأحمد عبد الرؤوف ومحمد فياض ومصطفى عبد الله الفقير وأحمد عبد العزيز حسن. استمر بالحبس ثلاثة آخرون هم: خالد الأنصاري وأحمد كمال والسيد فتح الله حتى الآن، وجلستهم القادمة في 22 فبراير 2017. ولعل البعض يتذكر هذه القضية التي اعتقد كثيرون أنها مرتبطة بمحاولة إحباط أي مخططات لعقد تظاهرات سلمية في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، وأنه سيتم الإفراج عن الشباب فور مرور ذلك اليوم وإدراك أجهزتنا الأمنية الموقرة أن التاريخ لا يكرر نفسه، وأنه من المستحيل أن ينظم الناس ثورة سنوية في نفس الموعد. واعتقد كثيرون أن القبض على الشباب مرتبط بحالة الرعب والفزع التي تقوم الأجهزة الأمنية ببثها بانتظام في ذكرى الثورة لتبرير إجراءات القمع والتضييق على كل الحركات السياسية المتمسكة بأهداف ثورة 25 يناير. وكتب محمود السقا بعد خروجه من السجن عن كم ما شهده من تعذيب وتهديد خلال الأيام الأولى من اعتقاله، التي بلغت حد قيام أحد الضباط بتوجيه مسدس إلى رأسه والضغط على الزناد لكي تخرج طلقة فارغة، ولكن بعد بث الرعب والفزع في قلب الشاب. كما حكى السقا عن المغامرات مع "فرج" الذي يعرفه كل من شاهد فيلم "الكرنك" الشهير، وهو الشخصية الوهمية التي كان الضباط يهددونه باستخدام خدماته الدنيئة المنحطة من أجل إجباره على منحهم ما يريدون من إجابات في التحقيق. ورغم أنه تم الإفراج عن خالد وزميليه بتدابير احترازية (زيارة يومية للقسم) في أول أغسطس 2016، فلقد عاد الثلاثة للحبس في أول نوفمبر، وهو تصرف لا مبرر له قانونيًّا، فلم يفعلوا أي شيء في فترة الإفراج بتدابير يجعلهم يعودون للحبس. لن نتحدث عن عدم وجود أي دليل في تحريات المباحث أو الأحراز المتمثلة في أجهزة الكمبيوتر التي تمت مصادرتها من منزله، ولا عن تدمير حياة أسر الشباب الثلاثة لمدة سنة وثلاثة أشهر، ولا عن الامتحانات التي يضطر طالب كخالد لأدائها في محبسه. ولكننا نشير إلى أن خالد تنقل بين أكثر من مقر احتجاز كلها ظروفها سيئة: قسم بولاق الدكرور، حيث عانى كل أشكال التكدير لحبسه مع الجنائيين، ثم سجن الجيزة المركزي، حيث عانى انقطاع المياه لفترات كبيرة، ورغم ذلك اعتبره نقلة حضارية مقارنة بقسم بولاق الدكرور، ثم سجن القناطر المحبوس فيه حاليا مع أنصار لجماعات متطرفة لا يستطيع التأقلم معهم مطلقا. وعندما يتوجه خالد إلى سجن طرة لكي يؤدي الامتحانات، يعتبر أنه في طريقه لمنتجع للراحة. ويبقى السؤال الأهم: ما الدليل على وجود هذا التنظيم أو معرفة المتهمين السابقة ببعض غير أوهام في رؤوس بعض ضباط المباحث؟ وما تفسير خروج سبعة من المتهمين في نفس القضية، والإصرار على حبس ثلاثة من الشباب؟ لو أن هناك تنظيما بالفعل اسمه حركة شباب 25 يناير، أليس من المفترض أن كل المتهمين في القضية يواجهون نفس الاتهامات؟ لماذا يبقى طالب كخالد، ورب أسرة كأحمد كمال، وعائل وحيد لأمه المسنة كالسيد فتح الله قيد الحبس طوال هذه الفترة؟ مرة أخرى، كل التقارير التي صدرت بحق الشباب الثلاثة المسلوبة حريتهم لم تتضمن أي أدلة تدينهم. من الذي سيعوض المتهمين وأسرهم عن كل هذا العذاب؟ وبقدر مأساوية وضع الشباب الثلاثة المحبوسين، فإن ما يتعرض له شاب مناضل آخر هو زيزو عبده لا يقل ظلمًا. فزيزو عبده كان من بين ما يزيد على 1200 شاب وفتاة تم اعتقالهم في المظاهرات التي نظمت احتجاجًا على اتفاقية التنازل عن الأرض مع المملكة السعودية. ولكن لأنه شاب معروف بنشاطه منذ سنوات، فلقد تم اختياره مع مجموعة صغيرة أخرى من الشباب واتهامهم في قضية تشكيل تنظيم يهدف لقلب نظام الحكم وبقية قائمة الاتهامات المعلبة. قضى زيزو شهورًا طويلة في السجن، وخرج في سبتمبر الماضي مع إجباره على التوجه يوميا إلى القسم في إطار ما يعرف ب"التدابير الاحترازية"، التي يتم تطبيقها على المتهمين في قضايا جنائية خشية هروبهم. ولكن شاء حظه العاثر أن يكون جالسًا على أحد المقاهي في وسط البلد قبل نحو أسبوعين، عندما قررت السلطات البلدية شن حملة على كل المقاهي تقريبا وإغلاقها بحجة مخالفة التراخيص. تم القبض على زيزو وعدد من أصدقائه لعدة ساعات، ولم يتمكن من التوجه لقسم الشرطة التابع له لتنفيذ أمر الإجراءات الاحترازية، لأنه ببساطة كان محبوسًا في مكان آخر. هل يمكن أن يكون مبرر أقوى لعدم التوجه لقسم الشرطة سوى أن زيزو محتجز لدى فرع آخر لنفس جهاز الشرطة؟ هذا كلام العقلاء، ولكن الواقع شيء آخر. تم توجيه اتهام لزيزو بمخالفة الإجراءات الاحترازية، وصدر قرار من النيابة بحبسه 45 يومًا. وهو الآن محتجز مع سجناء جنائيين في قسم بولاق الدكرور يعاني الأمرين. أي عبث هذا أيها السيدات والسادة؟! وكيف يُقبل كل هذا الكم من الظلم؟! الحرية لخالد الأنصاري وزملائه في الحركة الوهمية، الحرية لزيزو عبده، وكفانا ظلمًا.