يوم الأربعاء 9 مارس، تنظر نيابة أمن الدولة في شأن تجديد حبس الشاب خالد الأنصاري البالغ من العمر 20 عامًا، والمحتجز معه ثمانية آخرون، منهم محب دوس عضو حركة تمرد البارز، منذ نهاية شهر ديسمبر الماضي بتهمة تشكيل تنظيم غير مشروع، سمته أجهزة الأمن "حركة شباب 25 يناير". تبدو هناك مؤشرات إيجابية تمثلت في الإفراج عن عدد من زملائهم في قضية مشابهة، وآمل أن يتم الإفراج عنهم جميعًا، وكذلك كل المحبوسين من شباب الثورة المؤمنين بالعمل السلمي ولم يتورطوا أبدًا في أية أعمال عنف، وحلمهم الحقيقي هو بناء وطن عادل يستوعب طموحاتهم ويحترم كرامتهم.
في أعقاب نجاح الثورة في إزاحة المخلوع، كان مجرد سماع اسم 25 يناير يكفي للشعور بالزهو والفخر وترديد هتاف "ارفع راسك فوق، إنت مصري". بعد خمس سنوات، أصبح الانتماء والدفاع عن ثورة 25 يناير تهمة، حتى لو كان دستور البلاد يبدأ بالنص على أنها أحد أهم إنجازات الشعب المصري في تاريخه الحديث. الرئيس عبد الفتاح السيسي يكرر التأكيد على اعتقاده بأن 25 يناير ثورة قام بها الشعب المصري، واستكملها في 30 يونيو عندما شعر المصريون أن الرئيس الإخواني محمد مرسي وجماعته يدفعون البلاد نحو ديكتاتورية جديدة، باسم الدين هذه المرة. ولكن هذا مجرد كلام للاستهلاك المحلي، وفهم الرئيس لثورة 25 يناير أن أهدافها كانت تقتصر على الإطاحة بمبارك وإنهاء مشروع التوريث، من دون "الثورة" على قواعد نظام سلطوي ترسخ على مدى أكثر من ستين عامًا. ولم يقتصر الأمر على خطاب إعلامي معادٍ للثورة، يكرر نفس الخطاب والأكاذيب التي سمعناها من إعلام مبارك وصفوت الشريف في الأيام الثمانية عشر للصمود في ميدان التحرير، ميدان الأمل. ولكن امتد ليشمل تعيين مسؤولين كبار من زمن المخلوع في مناصب وزارية وتنفيذية هامة، وكذلك أعضاء في البرلمان كالدكتورة لميس جابر التي تكره ثورة يناير بحقد بالغ، وكأنها كانت من ضمن من يتلقون مكافآت وزير داخلية مبارك، حبيب العادلي، في قضية الفساد التي تزكم الأنوف والتي يتم النظر فيها أمام المحكمة الآن. الوزير منح نفسه وحاشيته مليارًا و135 مليون جنيه مكافآت "مواجهة مخاطر أمنية" على مدى عشر سنوات، وفقًا للنيابة. هذه وزارة واحدة فقط أيها السيدات والسادة في حكم المخلوع الذي ما زال البعض يصر على الدفاع عنه والقول إن الثورة ضده كانت مؤامرة. ولنطلق لخيالنا العنان قليلاً حول ما كان يحصل عليه القائمون على مؤسسة رئاسة الجمهورية وكل الوزارات الأخرى الهامة أيضًا تحت مسمى "مواجهة واجبات حب الوطن والدفاع عنه". وعندما أراد الرئيس السيسي تقديم مرشح لتولي منصب أمين عام جامعة الدول العربية خلفًا للمحترم نبيل العربي، فإنه لم يجد سوى آخر وزير خارجية في عهد المخلوع، السيد أحمد أبو الغيط، الذي قد يكون دبلوماسيًّا محترفًا وله علاقات واسعة على المستويين العربي والدولي، ولكنه أيضًا استمات حتى اللحظات الأخيرة في الهجوم على ثورة 25 يناير ووصفها بالمؤامرة ومعاداتها. فكيف للرئيس بعد ذلك أن يتحدث عن اعتقاده بأن 25 يناير ثورة، بينما هو يرسل الإشارات ويصدر القرارات التي تؤكد عكس ذلك؟ ويبقى الأسوأ على الإطلاق في معاداة ثورة 25 يناير، كانت العودة لسياسة الاعتقال والقبض على الشباب المؤمن بهذه الثورة وأهدافها، ومنعهم من السفر، وإحالتهم للمحاكم في قضايا عديدة ينتهي الأمر فيها غالبًا بأحكام بالسجن تتراوح بين عامين وخمسة أعوام. قضايا تظاهر تافهة، لم تشهد أي عنف، وأحيانًا تكون صامتة، ولكن ينتهي الأمر بسجن الشباب والفتيات لأعوام طويلة، وكأن هناك إصرارًا على إنتاج شباب يملؤهم الشعور بالظلم والقهر بدلًا من الأمل والتفاؤل. ولن نطيل في القصص المفزعة والمشينة عن ظروف الاحتجاز والضرب والإهانة التي يتعرض لها هؤلاء الشباب المحب لوطنه، فهذه وجبة يومية نقرأها في وسائل التواصل الاجتماعي، وليس في الإعلام العام طبعًا. خالد الأنصاري، الذي ستنظر النيابة في أمر تجديد حبسه الأربعاء ومعه بقية زملائه، عضو بحزب العيش والحرية "تحت التأسيس"، وهو طالب في الفرقة الثانية كلية الحقوق. كان يستعد لأداء امتحانات نصف العام إلا أنه فوجئ بقوات الأمن الوطنى تهاجم منزله فجر الأربعاء 30 ديسمبر 2015 وتلقى القبض عليه. تم ترحيل خالد إلى قسم بولاق الدكرور، وعرض بعد ذلك على نيابة أمن الدولة التى حققت معه ووجهت له تهمة الانتماء إلى "حركة شباب 25 يناير"، وتم تجديد الحبس له عدة مرات. تضم هذه القضية تسعة شباب تم القبض عليهم في أيام متتالية ومن أماكن مختلفة، ويقول المحامون إن عددًا منهم لم يكن بينهم معرفة مسبقة. الحرية لأحمد حسن، ومحمد فياض، وشريف دياب، وسيد فتح الله "إياد المصري"، ومحب دوس، وخالد الأنصاري، وأحمد كمال، ومصطفى عبد الله، ومحمود السقا، وأحمد المصري. 25 يناير عيدنا وليست تهمة.