بدأ منذ سقوط جماعة الإخوان المدوى فى مصر فى 30 يونيو ما يشبه العد التنازلى لحكومة رئيس الوزراء التركى الإسلامى رجب طيب أردوغان، فإلى جانب انهيار مصداقية الرجل الذى قدم نفسه طويلًا على أنه مساند لحركات التحرر فى المنطقة بسبب موقفه الشائن من الانتفاضة المصرية، يمكن أن تكون فضيحة «الفساد الكبير» التى تورط فيها مسؤولون كبار بحكومته، القشة التى قصمت ظهر البعير التركى. وما زاد الأمر سوءًا أن أردوغان حاول، حسب تقارير، التستُّر على الفضيحة، والتدخُّل فى سير التحقيقات، بعزله مسؤولين بالشرطة كانوا يتولون هذه التحقيقات التى شملت مسؤولين بارزين، وقد وجه الاتحاد الأوروبى تحذيرًا إلى أردوغان وفق صحيفة «الإندبندنت» طالبه فيه بوقف تدخُّله فى التحقيق. وقال المتحدث باسم المفوض الأوروبى لشؤون التوسع والسياسة الأوروبية ستيفان فيوله، إن أردوغان انتهك بشكل كبير سياسة الاتحاد الأوروبى التى تضمن استقلال القضاء، وهى شرط أساسى لانضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبى. وقد سكبت الاحتجاجات مزيدًا من الوقود على قطاع متزايد من الشارع التركى ضد الحكومة المقربة من جماعة الإخوان، إذ خرج آلاف المتظاهرين فى مدينة إسطنبول أول من أمس الاثنين للمطالبة باستقالة الحكومة، قبل أن تقمع الشرطة الاحتجاج باستخدام الغاز المسيل للدموع. واندلعت الاشتباكات بين محتجين وقوات الشرطة فى ساحة كاديكوى مع تجدُّد الاحتجاجات التى تذكِّر بما شهدته المدينة فى وقت سابق من العام الجارى. أردوغان الذى وجهت إليه الفضيحة ضربة قوية قبل شهور قليلة على الانتخابات، لجأ إلى أساليبه القديمة، فى توصيف ما يجرى بأنه «مؤامرة أجنبية بتنفيذ عناصر محلية»، وتحميل المسؤولية لمن وصفهم بأنهم يضعون «فخاخًا» معادية لتركيا لتقويض حكمه. وقد وُجهت اتهامات إلى 24 شخصًا حتى الآن فى إطار التحقيقات الجارية، بمن فى ذلك نجل كل من وزير الداخلية معمر غولير ووزير الاقتصاد ظافر كاجلايان، فضلا عن عديد من كبار رجال الأعمال. وقال نائب رئيس الوزراء التركى للشؤون الاقتصادية على باباجان اليوم إن الاقتصاد التركى تَكبَّد خسائر فادحة بقيمة 20 مليار دولار أمريكى حتى الآن منذ بدء التحقيقات فى قضية الفساد والرشوة التى طالت عددًا كبيرًا من أبناء الوزراء ورجال الأعمال البارزين. ونقلت شبكة «إن تى فى» الإخبارية على موقعها فى شبكة الإنترنت الدولية عن باباجان قوله إن شركات القطاع العامّ خسرت جراء هذه القضية من قيمتها على مدار الأسبوع الماضى نحو 20 مليار دولار بسبب تحقيقات قضية الفساد والرشوة مطالبا كل الأطراف بانتظار ما ستسفر عنه التحقيقات وعدم التسرع فى إطلاق الأحكام على هذه القضية التى تشغل الرأى العامّ التركى. وفى تحرُّك يهدف لاحتواء حدة الغضب يستعد رئيس الوزراء التركى لإجراء تعديل وزارى واسع، وقالت صحيفة «حرييت» إن أردوغان، الذى كان من المتوقع أن يُجرِى تعديلًا على تركيبة حكومته فى أفق الانتخابات البلدية التى ستجرى فى 30 مارس المقبل، يمكن أن يغيِّر 10 من وزراء حكومته من الآن حتى نهاية الشهر الحالى. وقالت صحيفة «ملييت» إن الأسبوع الحالى سيكون «حاسمًا» من أجل إعادة توزيع المناصب الوزارية، وهو ما قالت شبكة «ترك سى إن إن» التلفزيونية إنه سيجرى الثلاثاء بعد عودة أردوغان، الذى يزور إلى باكستان ليومين. وأردوغان الذى باتت بوابات المنطقة الرئيسية مُوصَدة فى وجهه، بدأت التحرُّك مجدَّدًا باتجاه إسرائيل، إذ قال مصدر إسرائيلى إن اتفاق مصالحة بين تركيا وإسرائيل بات قريبًا بعد أن أبدت تركيا مرونة تمثلت فى خفض مبلغ التعويضات الذى تطالب إسرائيلَ بدفعه لعائلات تسعة قتلى من نشطاء أسطول الحرية التركى لكسر الحصار عن غزة عام 2010. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصدر إسرائيلى القول إن تركيا أبدت مرونة تمثلت فى خفض مبلغ التعويض، وإنه يتعين الآن على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، أن يقرر ما إذا كان سيوافق على الاقتراح التركى الجديد أم لا.