تشهد الساحة السياسية المصرية تحركات مكثفة من أطراف تحالف 30 يونيو، وهى تحركات غير منضبطة وفى اتجاهات مختلفة، وبعضها يسير فى اتجاهات متعارضة ومتناقضة، صحيح أن الحكومة تتحمل قدرا كبيرا من مسؤولية تفكك تحالف 30 يونيو، لكن الصحيح أيضا أن معظم أطراف 30 يونيو تتحمل القدر الأكبر من المسؤولية عن تفكك التحالف الذى أطاح بحكم المرشد والجماعة. وقد بدأت أخطاء أطراف تحالف 30 يونيو عقب رحيل حكم المرشد والجماعة مباشرة، فقد بدأت الأحزاب المدنية تخطط لجنى ثمار الانتصار منفردة، هناك من توهم أنه قادر على حصد غالبية مقاعد البرلمان القادم عبر تخصيص ميزانية كبيرة للانتخابات يتمكن من خلالها من تجنيد عناصر جيدة لخوض الانتخابات القادمة، وهناك من تصور أنه عبر تخصيص الأموال بإمكانه أن يكتب اسمه فى التاريخ، باعتبارها مَن لعب دورا رئيسيا فى إسقاط حكم المرشد، وأيضا فى حصد غالبية مقاعد البرلمان ومن ثم تشكيل الحكومة الجديدة، أو تكون غالبيتها من نواب حزبه. أيضا هناك من سارع إلى تشكيل ائتلافات وتحالفات انتخابية بهدف جنى ثمار انتصار تحالف 30 يونيو، ولكن دون العمل مع باقى أطراف التحالف، وهناك أيضا من أراد خطف الانتصار عبر العمل مع رموز الحزب الوطنى المنحل، وهو أمر لا بأس به إذا ما تم العمل من خلال توافق عام بين أطراف تحالف 30 يونيو، لكنه سيكون سيئا للغاية إذا ما كان الهدف هو قطف ثمار الانتصار أو بمعنى أدق خطفها. فى نفس الوقت بدأت المنافسة على خوض الانتخابات الرئاسية مبكرا، وفى مشهد قريب تماما من ذلك الذى شهدناه فى الانتخابات الرئاسية السابقة، وقادت إلى خسارة التيار المدنى للانتخابات لصالح مرشح الجماعة الاحتياطى، محمد مرسى، فقد عادت إلى الواجهة من جديد نفس الوجوه التى خاضت الانتخابات السابقة، وبدأت فى حملة انتخابية مبكرة، عادت وجوه خاضت الانتخابات السابقة وفشلت فشلا ذريعا كى تطل علينا من جديد، والجديد أيضا ظهور طامحين جدد فى الترشح لمنصب الرئيس، فقد دخل الفريق سامى عنان دائرة الترشيح ومعه اللواء مراد موافى، وبدأ كل منهما حملته الانتخابية مبكرا. فى نفس الوقت بدأ أنصار حمدين صباحى فى ترشيحه من جديد، هذا بينما اتسم موقف كل من عمرو موسى والفريق أحمد شفيق بقدر كبير من العقلانية والموضوعية والمسؤولية أيضا، فالأول كان واضحا وحاسما فى التأكيد أنه يفضل ترشح الفريق أول عبد الفتاح السيسى لرئاسة الجمهورية، والثانى أكد بوضوح أنه لن يخوض الانتخابات فى حال ترشح وزير الدفاع، ويبدو واضحا أنهما يتصرفان كرجلى دولة لا كباحثين عن المناصب بأى ثمن. ونظرة معمقة إلى ما يجرى من قبل بعض قادة الأحزاب، والراغبين فى الترشح لمنصب الرئيس تكشف عن حالة متقدمة من الانتهازية السياسية التى تهدد بتفكك تحالف 30 يونيو، كأن هناك إصرارا غريبا على إعادة إنتاج الأخطاء وعدم التعلم من التجربة السابقة، التى أدت إلى فوز الجماعة بمنصب رئيس الجمهورية. رغم كل ذلك يتبقى شىء مهم هو حالة الوعى والنضج التى يمر بها الرأى العام المصرى، والتى تمكنه من التمييز بين الانتهازيين ومن يحملون رؤى وطنية حقيقية، من يقدمون مصالحهم الشخصية المباشرة على مصالح الوطن، ومن يحملون رؤية وطنية فى قلوبهم وعقولهم، وهو العنصر الرئيسى الذى يقف حائلا فى وجه هواة إعادة إنتاج الأخطاء بوعى أو دون، وسوف يبدو هذا الوعى جليا فى الاستفتاء على الدستور الجديد يومى الرابع عشر والخامس عشر من يناير القادم، وبعدها بعشرة أيام فى الخامس والعشرين من يناير، عندما ينزلون إلى الميادين احتفالا بالثورة من ناحية ومطالبين وزير الدفاع بحسم موقفه من الترشح للانتخابات الرئاسية حتى تنهى حيرة الرأى العام وتبدأ عملية البناء الحقيقى للوطن.