قبل أيام من فتح باب الترشح لانتخابات مجلس الشعب أواخر الشهر الجارى أعلنت الأحزاب والقوى السياسية حالة الطوارئ، وشرعت فى عقد تحالفاتها التى تحقق لها أقصى استفادة فى الانتخابات التى ينتظر أن تبدأ 21 نوفمبر المقبل وتقام على ثلاث مراحل. وقد شهدت الأيام الماضية تحركات واسعة بين الأحزاب والقوى السياسية لعل أبرزها ذلك الاجتماع السرى الذى عقدته أحزاب التيارات الإسلامية من أجل مواجهة المد الليبرالى فى الانتخابات المقبلة، وفى المقابل شكلت الأحزاب الليبرالية جبهة موحدة لمواجهة الإسلاميين وغيرهم من التيارات السياسية الأخرى. وفى نفس الوقت بدأت تحالفات بين القوى الاشتراكية، وظهرت محاولات لأحزاب فى استمالة قوى سياسية إلى جانبها مثلما فعل الوفد مع ائتلافات الثورة والغد (جبهة أيمن نور) مع حركة 6 أبريل. وفى التحقيق التالى تكشف «أكتوبر» تفاصيل وأسرار التربيطات الانتخابية بين الأحزاب والقوى السياسية. الإسلاميون يتوحدون/U/ بدأ التيار الاسلامى «المتمثل فى الاخوان والجماعة الاسلامية والسلفيين والصوفيين» فى حشد قوته مبكرا، حيث عقد اجتماعا موسعا أوائل الشهر الجارى بين قادة من حزب الحرية والعدالة والمهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، ومؤسسى حزب النور الذراع السياسى للدعوة السلفية وأعضاء من شورى الجماعة الاسلامية وجاء فى الاجتماع الذى لم يعلن عنه حتى تاريخه اتفاق الأطراف الثلاثة على تحديد الدوائر التى يكثر فيها عناصر كل تيار وذلك لتفريغها وعدم الدفع بعناصر مشابهة فى دائرة واحدة للابتعاد عن تفتيت الأصوات، وقال مصدر سلفى - كان ضمن المشاركين فى الاجتماع - إن التنسيق بين الجهات الثلاث جاء بناء على طلب من الدعوة السلفية وذلك لتجنب التخبط فى الترشح وتفتيت الأصوات فضلا عن تشكيل جبهة واحدة - بجانب التحالف الوطنى القائم حاليا - فى الدوائر المقرر اجراء الانتخابات فيها بالقائمة الفردية والتنسيق فيما بين الجبهات الاسلامية لمواجهة ما سمى فى الاجتماع المد الليبرالى فى البرلمان المقبل. استبعاد الفاشلين/U/ وفى السياق ذاته عقد حزب الحرية والعدالة مؤخرا عدة اجتماعات على نطاق موسع بين أعضائه لمناقشة الأسماء التى سيدفع بها الحزب فى الانتخابات المقبلة، وطرح فى الاجتماع ضرورة الابتعاد عن ترشيح أسماء بعينها كان قد رشحها الإخوان فى انتخابات 2005 وفشلت فى الفوز بالمقعد، كما شكل الحزب لجنة أطلق عليها «اللجنة المركزية للانتخابات» وذلك لمتابعة آخر التطورات فى المحافظات وتجهيز الدوائر لبدء الدعاية للانتخابات. من ناحيته أكد د. عصام العريان نائب رئيس الحزب أن قانون انتخابات مجلس الشعب بعد صدوره بصورته النهائية سيجعل الحزب يحدد وبشكل كبير اختيار مرشحى الحزب? ?قائلاً: إن «حزب الحرية والعدالة» يسعى? ?لنجاح التحالفات الانتخابية مع مختلف القوى السياسية والاحزاب، مشيراً إلى أن تلك التحالفات ستسهم فى تغيير خريطة الترشيحات المعدة سلفا، مشدداً على أن ضمن خطة الحزب ترشيح نسبة كبيرة من المرأة والمسيحيين والشباب على قوائمه. فيما قال الدكتور محمد يسرى المتحدث الإعلامى باسم حزب النور السلفى إن الحزب وضع شرطا وحيدا لمرشحيه فى الانتخابات البرلمانية وهو ألا يكون قد سبق له حمل عضوية الحزب الوطنى،? ?وسوف تكون الأفضلية فى اختيار المرشحين لأصحاب السمعة الحسنة،? ?والشعبية والقدرة على العطاء، ?مشيرا إلى أن الحزب سيرشح المرأة والمسيحيين على قوائمه فى حال توافرت تلك الشروط فيهم?. وأكد يسرى أن الحزب سينافس بقوة على عدد كبير من المقاعد،? ?موضحاً أن النور سيحدد موقفه النهائى من التحالف مع بقية القوى السياسية فور صدور قانون مجلس الشعب?. التحالف الليبرالى/U/ وبينما يحشد التيار الإسلامى أسلحته، بدأت الأحزاب الليبرالية أيضا التنسيق فيما بينها وتشكيل جبهة موحدة فى انتخابات البرلمان المقبل، حيث عقد حزب الوفد على مدار الأسبوعين الماضيين اجتماعات موسعة بالهيئة العليا للحزب وذلك للاطلاع على تقارير أفرع الحزب فى المحافظات، والذى جاء فيه تحديد الحالة الانتخابية فى الدوائر وأقوى المرشحين عن التيار الإسلامى، الأمر الذى دعا الحزب إلى تكليف لجنة الانتخابات بالحزب بوضع تصور لكل دائرة على حدة وأقوى المرشحين فيها إلى جانب توضيح الدوائر التى من الممكن التحالف فيها مع الإخوان لصالح مرشح الوفد. كما بدأ الحزب فى استقطاب بعض ائتلافات الثورة وذلك لمساندته فى الانتخابات المقبلة وضمان الحصول على نسبة مقاعد مجابهة لما سيحصل عليه التيار الإسلامى. وقال فؤاد بدراوى سكرتير عام الحزب إن الوفد قام بتشكيل لجنة لتلقى طلبات أعضائه الراغبين فى خوض الانتخابات البرلمانية، مؤكدا أن الدخول فى قوائم مشتركة مع الأحزاب الأخرى والقوى السياسية مازال قيد البحث، ومن سيحسم ذلك هو القانون والتقسيم الجديد للدوائر. وفى ?حزب الغد الليبرالى «جبهة أيمن نور» ?تم تشكيل لجنة تضم عددا من أعضائه السابقين فى مجلس الشعب وأمين تنظيم الحزب وذلك لإقناع حركة 6 أبريل لإعلان تأييدها للغد فى الانتخابات وإقناع أعضاء الحركة بالخروج فى جولات انتخابية للترويج لمرشح الحزب، كما ستكون مهمة نفس اللجنة هى تلقى طلبات الترشيح? عن الغد. وقال وليد أبوالخير أمين التنظيم إن الحزب قام بتنظيم دورات تدريبية لكوادره حول كيفية إدارة الحملات الانتخابية، ?مؤكداً أن الحزب أعد برنامجا مشتركا لجميع مرشحى الحزب فى الانتخابات المقبلة. كما يدرس حاليا مشاكل الدوائر التى سيخوض فيها مرشحوه الانتخابات بهدف إيجاد حلول لتلك المشاكل. وأضاف أبو الخير أن الحزب بدأ فى تخصيص مكاتب عمل فى عدد من المحافظات مهمتها حصر فرص العمل المتاحة بكل محافظة وتوفير تلك الفرص لأصحاب طلبات التوظيف?. و?فيما يتعلق بالتنسيق مع القوى السياسية والمشاركة فى التحالف الديمقراطى الذى يشارك فيه الحزب فإن الغد بحسب أبوالخير مازال يدرس المشاركة فى تحالفات انتخابية وأنه لم يتخذ قرارا فى هذا الشأن. أما حزب الجيل فقد قرر خوض الانتخابات ب 100 مرشح بالنسبة لدوائر النظام الفردى، كما قررت الهيئة العليا للحزب ترشيح ?74 ?مرشحا من الذين خاضوا الانتخابات السابقة، فيما يحاول الجيل حاليا زيادة عدد أعضائه من خلال عقد مؤتمرات جماهيرية أسبوعيا فى محافظات مختلفة. أما ?حزب العدل فقد أعد فى خطته الفوز ب? 05? مقعداً فى الانتخابات البرلمانية القادمة باعتبارها نسبة واقعية لكونه حزبا لا يزال حديثا، ?ورغم تعليق الحزب مشاركته فى اجتماعات? «التحالف الديمقراطى» الذى يضم عدداً من الأحزاب منها الحرية والعدالة والنور والوفد ?اعتراضا على وجود ما أسماهم «أحزاب كارتونية?» ?موالية للنظام السابق وكذلك طرح فكرة التنسيق الانتخابى بين الأحزاب المشاركة فيه مبكرا، إلا أن الحزب فى خطته الانتخابية لم يمانع من المشاركة فى أى تحالفات انتخابية مع أحزاب أخرى حتى ولو كانت مختلفة فى الرؤى ?باعتبار أن تلك التحالفات تعد فرصة لتحقيق مكاسب ?لجميع الأحزاب المشاركة فيها. أما? ?حزب المصريين الأحرار «الليبرالى هو الآخر» فيسعى فى خطته الانتخابية لإقامة تحالف تحت مسمى تحالف القوى الليبرالية وقد تم الاتفاق بشكل مبدئى مع حزبى الجبهة الديمقراطية والمصرى الديموقراطى الاجتماعى ?- ?تحت التأسيس ?- ?للانضمام للتحالف? - ?وخوض الانتخابات المقبلة بقوائم مشتركة بين تلك الأحزاب، وقررت الأحزاب الثلاثة دعوة جميع القوى الليبرالية للانضمام للتحالف،? ?وتكوين جبهة قوية خلال الانتخابات فى مواجهة التحالف الديمقراطى. جبهة القوى الاشتراكية/U/ ومن جهة أخرى سعت الأحزاب الاشتراكية إلى تكوين تحالف قوى فيما بينها تحت مسمى? «جبهة القوى الاشتراكية?» ?ويضم هذا التحالف ?5 أحزاب تحت التأسيس هى الشيوعى المصرى،? ?التحالف الشعبى، العمال الديمقراطى،? ?الاشتراكى المصرى،? ?الاشتراكيين الثوريين. ?ورغم مشاركة الحزب الناصرى فى التحالف الديمقراطى والذى يضم أكثر من ?22 ?حزباً سياسياً إلا أنه وضع خطته الانتخابية بعيدا عن الاعتماد على التحالفات وبدأ الناصرى فى التحرك فى الشارع والتنسيق مع القوى الوطنية غير الحزبية منها ائتلافات شباب الثورة فى الأحياء واللجان الشعبية التى تتولى مهمة المحليات فى بعض المدن، ومن ثم لم يقرر الحزب رسميا ما إذا كان سيخوض الانتخابات مع أحزاب التحالف، ?أم سيخوضها منفردا. وقال سامح عاشور رئيس الحزب الناصرى فى تصريحات خاصة إن التحالف لم يحدد إلى الآن شكل التنسيق، مشيرا إلى أنه بمجرد طرح وجهات النظر الخاصة بشكل التنسيق الانتخابى بين أحزاب التحالف الديمقراطى والوصول لصيغة مشتركة ترضى جميع الأحزاب سيتم عرضها على المكتب السياسى والأمانة التنفيذية للحزب لاتخاذ قرار إما بالموافقة على المشاركة فى تحالف انتخابى وإما رفض الفكرة لأن هذا القرار ليس قراره بل قرار الحزب. أما ?حزب التجمع فقد عقد خلال الأيام الماضية عدة اجتماعات للمكتب السياسى بالحزب لوضع المعايير الخاصة بمرشحيه،? ?وحسم قضية التنسيق فى الانتخابات مع أحزاب التحالف الديمقراطى والترشح بقوائم مشتركة فيما بينهم حيث أكد استطلاع داخل الحزب أنه سيرفض فكرة التنسيق الانتخابى مع أحزاب? «?التحالف?» ?اعتراضا على مشاركة حزب الحرية والعدالة الذراع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين. وكشف نبيل زكى المتحدث الرسمى باسم الحزب عن أن المكتب السياسى ناقش اقتراحا بمنع ترشيح الأعضاء الذين خاضوا الانتخابات البرلمانية أكثر من مرتين ولم ينجحوا لإعطاء الفرصة للوجوه الجديدة. ?وأشار إلى أن الحزب لا يعارض مبدأ التحالف الانتخابى بين الأحزاب ولكن هذا يتوقف على عدة أمور أهمها شكل التنسيق هل سيكون بقائمة موحدة أو بإخلاء الدوائر?.. ?وهل سيكون فى جميع الدوائر?. أم فى عدد منها موضحا أن حزب التجمع لا يحبذ فكرة التحالف الانتخابى بجميع الدوائر لأنها قد تؤدى لخلافات فى الترشيحات بين الأحزاب. عزل فلول الوطنى/U/ من جانبه طالب المستشار هشام البسطويسى نائب رئيس محكمة النقض والمرشح المحتمل فى الانتخابات الرئاسية المجلس العسكرى قبل فتح باب الترشح بإصدار قانون يمنع جميع أعضاء الحزب الوطنى المنحل من ممارسة الحياة السياسية أو الترشح فى الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية لمدة خمس سنوات مقبلة، وذلك لضمان اجهاض الثورة المضادة التى تسعى إلى الإجهاز على رموز الثورة وتبديد كل المكتسبات التى حصلنا عليها بعد نجاح 25 يناير. وأيد الدكتور عمرو الشوبكى الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام تعجيل القوات المسلحة بالانتخابات مؤكدا أنه يرفض الدعوات التى تطالب بالتأجيل لمدة عام لأن ذلك يفكك ما تبقى من الدولة. لكنه اختلف مع البسطويسى حول إقصاء اعضاء الحزب المنحل، قائلا:«علينا تجاوز فكرة الخوف والإقصاء فى الوطن الواحد والتفكير بطريقة جديدة، حيث إن مصر تتسع للجميع بعد 25 يناير، ومن ثم يجب العمل لإقناع الشعب المصرى بأن الثورة كانت لصالحه وليست فقط لإزالة رموز النظام»، مضيفاً: إقصاء أعضاء الحزب الوطنى المنحل الذى لا يتجاوز عددهم مليون عضو على الأكثر من الحياة السياسية سيكون بمثابة عداء حقيقى للثورة، مطالبا بمنع المرشحين المنتمين للحزب الوطنى الذين نجحوا بالتزوير من الترشيح فى انتخابات مجلس الشعب القادمة والتصدى لهم فى حالة ترشحهم مع دعم الائتلافات والتيارات السياسية للمرشحين الشرفاء. وتوقع الشوبكى تراجع ظاهرة شراء الأصوات فى الانتخابات المقبلة بصورة كبيرة، فى الوقت الذى أكد أنه ستظل القبلية والعصبية موجودة، خاصة فى الصعيد. إلا أنه أعرب عن تفاؤله بالمرحلة المقبلة، موضحا أن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسى للإخوان لننتجاوز نسبة نجاحه فى الانتخابات المقبلة 50% وبالتالى سيكون هناك منافسة حقيقية بين التيارات السياسية. من جهته قال ضياء رشوان مدير مركز الأهرام للدرسات الاستراتيجية والسياسية إن الانتخابات المقبلة هى بوابة نجاح أو فشل الثورة، فإذا نجح فلول النظام السابق فى الوصول إلى البرلمان عبر هذا النظام، فإن هذا يعنى فشل الثورة، متوقعاً وصول بعض رجال النظام السابق إلى البرلمان. بينما رفض الناشط السياسى جورج إسحاق، أحد مؤسسى حركة كفاية، وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، خوض عناصر من الحزب الوطنى المنحل الانتخابات المقبلة، مطالبا إياهم بالتراجع عن تلك الخطوة قائلا:«لدينا قوائم بجميع أعضاء الحزب الوطنى الذين خاضوا الانتخابات السابقة ومن ثم أنصحهم أن ينسحبوا من الساحة والمشهد السياسى على الأقل لمدة خمس سنوات فيكفيهم ما فعلوه طوال الفترة الماضية». وطالب إسحاق بعزل رجال الحزب الوطنى من مؤسسات الدولة ومنعهم من الترشح مرة أخرى، مطالبا الشعب المصرى بالتصدى لهم واستكمال ما حققوه من إنجازات فى الثورة. من ناحيته أعلن الناشط الحقوقى حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن بدء التحالف المصرى لمراقبة الانتخابات أعماله لمراقبة انتخابات مجلسى الشعب والشورى مشيرا إلى أن التحالف يضم 127 منظمة حقوقية، من بينها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ومركز أندلس والمركز المصرى لحقوق المرأة والمجموعة المتحدة.