التنظيم المركزي بالجبهة الوطنية تعقد أول اجتماعاتها برئاسة النائب أحمد رسلان    محافظ الغربية: مشروع محور النعناعية بكفر الزيات لن يتوقف    الحوثيون يعلنون قصف مطار «بن جوريون» مجددا بصاروخ باليستي    خالد الغندور: الأهلي ينتظر موافقة فريق الخلود لخوض ديانج التدريبات    منتخب تونس يضرب بوركينا فاسو بثنائية وديًا    الحج السياحي 2025.. بطاقة نسك شرط لدخول المشاعر المقدسة    النيابة الإدارية تُشكيل لجنة لفحص واقعة الحفر والتنقيب عن الآثار بقصر ثقافة الأقصر    أزال التاتو ويتعلم تجويد القرآن.. خالد الجندي يكشف تفاصيل توبة أحمد سعد    النائب أحمد دياب: لا يوجد خلاف بين الاتحاد والرابطة    أمين الفتوى يحسم حكم توزيع لحوم أو مال بدلاً عن الأضحية    موعد أذان فجر الثلاثاء 7 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    القومي للبحوث يقدم نصائح مهمة لكيفية تناول لحوم العيد بشكل صحي    المهندس المتهم في قضية حادث خط غاز طريق الواحات: «اتصدمت لما سمعت إن الماسورة انفجرت والدنيا ولعت» (خاص)    رئيس وزراء بولندا يعلن أنه سيسعى إلى إجراء اقتراع بالثقة في البرلمان بعد هزيمة حليفه في انتخابات الرئاسة    محمد ثروت يكشف كواليس مشاركته في «ريستارت»: الضحك رسالة الفيلم (فيديو)    «دماغهم ناشفة».. تعرف على أكثر 5 أبراج صرامة    شريف سلامة يكتب: رؤية اقتصادية.. التحول نحو الاقتصاد الرقمي.. أين تقف مصر؟    البحوث الفلكية: دخولنا الحزام الزلزالي لا أساس له من الصحة    «رفض حضور الاجتماع وتمسك بموقفه».. القيعي يكشف كواليس رحيل معلول عن الأهلي    مقتل إسرائيليين إثر انفجار سيارة فى منطقة جلجولية المحتلة    ذات الأذنين تظهر في رولان جاروس    رومانو: الفحوصات الطبية تفصل انضمام لويس هنريكي ل إنتر    القاهرة الإخبارية: ليالٍ دامية في غزة.. الاحتلال يرتكب مجازر جديدة بحق المدنيين    مدير تلال الفسطاط يستعرض ملامح مشروع الحدائق: يتواءم مع طبيعة القاهرة التاريخية    الإصلاح والنهضة: 30 يونيو أسقط مشروع الإخوان لتفكيك الدولة ورسّخ الوعي الوطني في مواجهة قوى الظلام    إيساف: «أبويا علّمني الرجولة والكرامة لو ماعييش جنيه»    الفيسبوك والعورات النفسية    أرامكو السعودية تنهي إصدار سندات دولية ب 5 مليارات دولار    خالد الجندي: الحج المرفّه والاستمتاع بنعم الله ليس فيه عيب أو خطأ    "مطروح للنقاش" يسلط الضوء على قرارات ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم    ضربات الشمس في الحج.. الأسباب والأعراض والإسعاف السريع    رئيس جهاز العاشر من رمضان يتدخل لنقل سائق مصاب في حريق بمحطة وقود إلى مستشفي أهل مصر للحروق    ديلي ميل: إلغاء مقابلة بين لينيكر ومحمد صلاح خوفا من الحديث عن غزة    رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو لوكسمبورج للاعتراف بدولة فلسطين قبيل مؤتمر السلام في نيويورك    تعرف على محطات الأتوبيس الترددي وأسعار التذاكر وطريقة الحجز    أهم أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد يهنئ نافروتسكي بفوزه بالانتخابات الرئاسية البولندية    في رحاب الحرم.. أركان ومناسك الحج من الإحرام إلى الوداع    مياه الفيوم تطلق حملات توعية للجزارين والمواطنين بمناسبة عيد الأضحى المبارك    شرح توضيحي للتسجيل والتقديم في رياض الأطفال عبر تعليم القاهرة للعام الدراسي الجديد.. فيديو    رئيس جامعة بنها: تبادل التهاني في المناسبات الدينية يؤكد التماسك    عبد الرازق يهنىء القيادة السياسية والشعب المصري بعيد الأضحى    فضل قيام الليل فى العشر الأوائل من ذي الحجة؟.. أمين الفتوى يوضح    بريطانيا: الوضع في غزة يزداد سوءًا.. ونعمل على ضمان وصول المساعدات    «أجد نفسي مضطرًا لاتخاذ قرار نهائى لا رجعة فيه».. نص استقالة محمد مصيلحى من رئاسة الاتحاد السكندري    «صحة الاسكندرية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى    يديعوت أحرونوت: وفد إسرائيل لن يذهب إلى الدوحة للتفاوض    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    السجن 3 سنوات لصيدلى بتهمة الاتجار فى الأقراص المخدرة بالإسكندرية.. فيديو    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    «التضامن»: انطلاق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة لتعزيز دور رجال الدين في بناء الأسرة المصرية    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترنيمة عمر الشريف الأخيرة! طارق الشناوي
نشر في التحرير يوم 14 - 12 - 2013

فى مشاهد قليلة جدا ربما لم تتجاوز خمسة أو ستة تابعت عمر الشريف فى الفيلم المغربى «روك القصبة»، كان مسيطرًا بقدر ما كان شفافًا ومؤثرًا، اسم الفيلم عنوان لأغنية ترددت داخل الأحداث. إنه «حسن مولاى» الثَّرى المتوفى الذى يقيم فى المدينة الساحرة «طنجة» برحيله يُفتَح الباب لكل التساؤلات المسكوت عنها فى تلك العائلة الصغيرة التى نكتشف أنها من الممكن تَردُّدها داخلنا جميعا.
غالبا هى صدفة لا أتصورها مقصودة رأيتها بالمهرجان وهى أن نفس هذه «التِّيمة» الدرامية المأخوذة عن مسرحية «أغسطس مقاطعة أوساج» شاهدناها فى فيلم يحمل نفس العنوان بطولة ميريل ستريب وهو نفس الدور الذى أداه عمر فى الفيلم المغربى، الفيلمان من خلال الموت يكشفان كل ما هو على السطح، الفارق أن الفيلم الأمريكى أشار إلى المسرحية الثانية كأن شيئا لم يكن، أما المعالجة الدرامية فإن ميريل ستريب شغلت بعد رحيلها كل الأحداث وكانت طرفًا فى ما يجرى من انشقاق أُسرى بل هى التى كانت تحرك دائما الذروة الدرامية نحو الحافة حتى يحدث الصدام الحتمى، بينما يبدو عمر الشريف مثل طيف يتابع ما يجرى من بعيد، وعلاقته فقط حاضرة مع حفيده.
اللون الأبيض هو الذى يغلف الحياة فى البيت المغربى والجلباب الأبيض هو أيضا الذى يسيطر على المشهد، فى المغرب طقوس دفن الموتى تقتضى ثلاثة أيام للعزاء، مع اللقطة الأولى نرى عمر الشريف بمزاج نفسى وفنى متميز ونرى أيضا طُهر ونقاء وشفافية الموت على ملامحه، فهو قد غادر الحياة توًّا، فى أثناء إعداد الجسد للموت نتابع كيف أن الحياة تتضاءل جدا فى نظر هؤلاء المسؤولين عن الدفن ويصبح الأمر مجرد أداء وظيفة يسارعون فقط بتنفيذها فى أقل زمن ممكن وبلا مشاعر.
الشقيقات الثلاث والأم والخادمة وشذرات لشىء غامض بين ربة الأسرة أرملة عمر الشريف التى أدت دورها النجمة الفلسطينية هيام عباس والخادمة، لا نكتشف حقيقته إلا قرب النهاية عندما نتعرف على ابن الخادمة الذى هو ليس ابنًا شرعيًّا لتلك الأسرة لكننا نعرف أنه قد اعترف فى وصيته بشرعية هذا الابن، وتتغير قواعد الميراث بدخول الابن طرفًا الذى أصبح سِكّيرا ثم ما يجرى بعد ذلك، وهو أننا نكتشف أنه قد أقام علاقة مع شقيقته وهو لا يدرى وكانت حاملًا وتجرى عملية إجهاض وتموت فى لندن، ولا يكتشف أنها شقيقته إلا فى أثناء توزيع التَّركة، كل هذا الثقل الدرامى يحمِّل العلاقة العائلية ما لا تطيقه كان من الممكن أن يكتفى السيناريو بكشف وفضح ما يجرى دون كل هذا الصخب، الكاتبة والمخرجة ليلى مراكشى أثقلت على نفسها وعلينا بكل هذا الزخم الدرامى الذى يتجاوز حدود المسموح، عُمق المسرحية العالمية هو أن نتأمل تلك العلاقات بين الأشخاص داخل العائلة عندما يكشفها الموت، كانت المعالجة فى الفيلم الأمريكى للمخرج جون ولز التى أعدَّها كاتب المسرحية الأصلية تريسى ليتس تميل أكثر للتأمل العقلى حتى إن حديث المائدة الذى امتد مثلًا قبل الدفن ظل 20 دقيقة فى الفيلم الأمريكى، بحالة من التألق فى الإبداع السينمائى وأيضا الفكرى، بينما فى الفيلم المغربى كان هناك التعبير الحركى بالغضب والعنف هو المسيطر وتضاءل فى المشهد كثيرا البُعد الفكرى بالقياس على «روك القصبة»، يتعرض السيناريو إلى قواعد الميراث وبالطبع الفيلم لا ينتقد الشريعة لكنه فقط يتأمل دوافعها.
عمر الشريف نراه أمام قبره وهو يتحدث عن الديدان التى بدأ تتعرف على جسده المستسلم للتراب، ويتابع كلب يبول فوق المقبرة بسخرية لاذعة يتعجب من جرأة الكلب على الإتيان بهذا الفعل.
العلاقة الخاصة بين عمر الشريف وحفيده تظل تحمل الكثير من الدهشة وهى إضافة للعمل المسرحى الأصلى تبدو رائعة حيث إن خيال الطفل هو الذى يخلق الصورة ويعيشها كواقع ويصبح من المنطقى بعد ذلك أن يُصبح وهو الوحيد الذى يراه بينما الآخرون لا يعايشون هذا الخيال، وتأتى اللقطة الأخيرة عندما ينظر الابن إلى جده ولا يراه وهكذا انتهت تلك الصورة، عمر الشريف شاهدناه فى «المسافر» فى مساحة أكبر لكنها لم تكن تحفر أى شىء فى العمق، هذه المرة ما يتبقى فى الذاكرة هو عمر الشريف «مولاى حسن» وكأن هذا الدور هو ترنيمته الأخيرة بعد أن أعلن اعتزاله، فكانت مسك الختام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.