الكونجرس يفتح ملف انتهاكات الإخوان لحقوق الإنسان فى مصر انتقادات حادة للإدارة الأمريكية لعدم تعاملها بجدية مع حماية الحريات والأقباط أيام حكم مرسى نائبة جمهورية تذكِّر أوباما بصمته تجاه انتهاكات حكومة الإخوان لحقوق الإنسان.. وتنصح المصريين بضرورة التمسك بسيادة القانون أكدت الخارجية الأمريكية أنها تتابع عن كثب محاكمة محمد بديع المرشد العام للإخوان وقادة الجماعة الآخرين. وفى رد على سؤال ل«التحرير» حول المحاكمة قالت جين ساكى المتحدثة باسم الخارجية: «بالتأكيد نحن نتابعها عن كثب شديد. وأنا أعرف أن هناك عددا من التقارير حول بديع وآخرين، ومنها خاصة بتخفيض الأحكام» وأضافت ساكى: «وبينما نرحب بتخفيض الأحكام وإطلاق سراح بعض المتظاهرات المواليات للإخوان المسلمين إلا أن القلق يبقى حول المناخ العام الذى يؤدى إلى الاعتقالات والاحتجازات فى مصر. ونحن نواصل التطلع إلى حكومة مصر لضمان أن المصريين تمنح لهم الإجراءات القانونية الواجبة مع محاكمات عادلة وشفافة. كما أننا نواصل إبلاغهم باعتقادنا أن المدنيين يجب أن يتم إرسالهم إلى محاكم مدنية. ونحن دعونا دائما إلى إنهاء الاعتقالات والاحتجازات ذات الطابع السياسى. وسوف نستمر فى عمل ذلك» ثم ذكرت ساكى ردًّا على سؤال متابعة ل«التحرير» بأن إبلاغ الرسالة والتواصل يتم القيام بهما من خلال ممثلى الإدارة فى مصر، أى السفارة، وعلنًا أيضا.. كما طرحت «التحرير» سؤالا آخر حول ما أشار إليه د.زهدى جاسر، نائب مدير اللجنة الأمريكية للحريات الدينية العالمية فى جلسة الكونجرس الأخيرة والخاصة بحماية الحريات الدينية والأقباط. وكيف أن اللجنة بعثت بخطاب إلى البيت الأبيض والخارجية فى شهر سبتمبر الماضى عن مسألة الاعتداءات على الكنائس التى حدثت فى أغسطس إلا أنها لم تتلق ردًّا حتى الآن. فقالت ساكى: «سأكون سعيدة بالتحقق من وضع الرسالة وردنا عليها. وكما تعلم نحن نرد بانتطام على رسائلنا. كما أننا واضحان جدا بالنسبة لقلقنا تجاه الأفعال التى تمارس ضد الأقباط المسيحيين وأقليات أخرى فى مصر. ولا أعتقد أن هناك سرًّا فى هذا الموضوع. وبالتالى دعنى أنظر فى الأمر وأتحدث مع الفريق المختص، لنرى هل هنالك المزيد الذى يمكن قوله حول هذا الخطاب أم لا». وكان الكونجرس قد شهد صباح الثلاثاء (10 ديسمبر) جلسة استماع تحت عنوان «انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر» تم فيها مناقشة ملفات حقوق الإنسان وحماية الحريات الدينية وتحديدا ملف الأقباط. والجلسة دعت إليها لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب وتحديدا من جانب اللجنتين الفرعيتين لكل من حقوق الإنسان والشرق الأوسط. ولاحظ المتابعون لوقائع الجلسة أن أغلب نواب الكونجرس انتقدوا بشدة الانتهاكات ضد الأقباط والأقليات الدينية الأخرى والتى تمت فى عهد مرسى وحكم الإخوان وزادت من الاحتقان الطائفى. ولأن منطقة واشنطن العاصمة قد تعرضت لعاصفة ثلجية كبرى صباح الثلاثاء، فقد كانت قاعة 2172 بمبنى (ريبرن) شبه خالية من جمهور الحاضرين إلا أن عددا كبيرا من أعضاء اللجنة حرصوا على الحضور للإدلاء بآرائهم وطرح أسئلتهم على المشاركين فى الجلسة. وقد شارك فى الجلسة والجزء الأول منها الدكتور زهدى جاسر نائب رئيس اللجنة الأمريكية للحرية الدينية العالمية، ود.جاسر طبيب أمريكى مسلم سورى الأصل، وقد عمل فى البحرية الأمريكية لمدة 11 عاما. أما فى الجزء الثانى من الجلسة فقد شارك كل من الأسقف إنجيلوس أسقف عام الكنيسة القبطية بالمملكة المتحدة وصموئيل تادروس الزميل الباحث بمركز الحرية الدينية بمعهد (هدسون) ود.مراد أبو سبع، الأكاديمى بجامعة «رتجرز» الأمريكية وتاد ستانكى مدير السياسات بمنظمة «هيومان رايتس فيرست». وقد استمرت الجلسة لأكثر من ساعتين، وكان واضحا فى مشاركة أعضاء اللجنة بجانب اهتمامهم بالقضية المثارة قلقهم بشكل عام عما يحدث فى مصر وأيضا كان لافتا إلمامهم بتفاصيل المشهد. ولم يتردد أكثر من عضو خلال مداخلته فى توجيه انتقادات شديدة لإدارة أوباما لعدم تعاملها بشكل جدى مع حماية الحريات والأقباط وأيضا ل«سكوتها» أو «عدم اعتراضها» أيام حكم مرسى والإخوان. فى بداية الجلسة نبه النائب كريستوفر سميث (جمهورى من ولاية نيوجرسى) رئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان إلى تزايد انتهاكات حقوق الإنسان وحالات العنف التى تستهدف الأقليات الدينية، خصوصا الأقباط فى الفترة الأخيرة. واستعرض القيادى البارز بالكونجرس بالتفاصيل أحداث السنتين الماضيتين، ومنها مأساة ماسبيرو ثم فى عهد مرسى والإخوان ما حدث فى أبريل 2012 من اعتداء على الكاتدرائية المرقسية. وكيف أن يوم 14 أغسطس سيتم ذكره (حسب قوله) بأنه أسوأ يوم بالنسبة للأقباط فى 700 عام، حيث تم حرق وتدمير 37 كنيسة وخمس مدارس والعديد من المؤسسات والمنازل والمحلات. بالإضافة إلى موت أكثر من مئة شخص. النائب سميث أشار إلى قيام الإخوان بنفى تورطهم فى هذه الهجمات إلا أنه ذكر أيضا دعاوى التحريض الموجهة ضد الأقباط على أساس أنهم كانوا وراء عزل مرسى. كما ذكر سميث الدعوة إلى إقامة صلاة الجمعة فى إحدى الكنائس بالمنيا بعد أن تم تحويلها إلى مسجد يوم 15 أغسطس. وقال أيضا: «إن طغيان الأغلبية ليس بالأمر المقبول» وانتقد سميث الإدارة الأمريكية على أساس أنها لم تتعامل بجدية مع هذه الأمور، وأنها فى حاجة إلى معالجة جديدة». أما النائبة إليانا روس ليتنن (جمهورية من ولاية فلوريدا) ورئيسة اللجنة الفرعية للشرق الأوسط فقد ذكرت أن خلال عهد مرسى وحكم الإخوان شهدنا تزايدًا ملحوظا فى انتهاكات حقوق الإنسان من قبل حكومة إسلامية. ولم تستثن روس ليتنن الحكومات المتتالية من عهد مبارك حتى الآن من تقاعسها فى التعامل مع ملفات حقوق الإنسان وحماية الحريات الدينية. وأشارت إلى الدستور الجديد، وكيف أنه نظريا (حسب النص المذكور) قدم حقوقا أكثر عن ذى قبل ولكن عمليا ترك الأمر لتباين التفسير والتطبيق. وشددت النائبة على «أن نجاح الانتقال الديمقراطى يعتمد على احترام حقوق الإنسان والتمسك بسيادة القانون وحماية المجتمع المدنى». النائبة روس ليتنن كما اعتادت القول فى كل جلسة كونجرس خاصة بمصر طالبت من جديد بالإفراج عن ال43 المتهمين العاملين فى المنظمات غير الحكومية، ومنهم أمريكان فى قضية «التمويل الأجنبى». وتناولت شهادات المشاركين فى الجلسة جوانب مختلفة للقضية المثارة، فالدكتور زهدى جاسر من اللجنة الأمريكية للحريات الدينية. وهى لجنة مستقلة يدعمها ويختار أعضاءها البيت الأبيض، والكونجرس قد أشار إلى ضرورة التعامل بفهم أفضل وأشمل للأوضاع فى مصر، ذاكرًا أن الفرصة متاحة الآن لإعادة تقييم المساعدات والمساهمات الأمريكية لتحسين الحريات الدينية فى مصر. وطلب جاسر من الكونجرس أن يطالب الخارجية بتقديم تقرير كل 90 يومًا (كل ثلاثة أشهر) عن تحسين أوضاع حماية الأقليات وكيفية قيام الشرطة بمهامها فى هذا الصدد. ونبه د.جاسر فى حديثه عن الإطاحة بمرسى إلى أن الملايين الذين خرجوا إلى الشوارع فى يونيو الماضى كان 90 فى المئة منهم من المسلمين. كما ذكر أن اللجنة التى ينتمى إليها بعثت برسالة إلى الرئيس الأمريكى فى سبتمبر الماضى حول ما حدث من حرق وتدمير للكنائس بمصر فى أغسطس. إلا أنها لم تتلق حتى الآن ردًّا، لا من البيت الأبيض ولا من الخارجية. وفى الجزء الثانى من الجلسة ذكر الأسقف إنجيلوس، الأقباط «أقلية عددًا فقط» وشدد على عمق انتمائهم لمصر. كما أنه تناول قضايا الأقباط فى إطار قضايا المصريين وتحدياتهم مع الفقر والجهل. ولم يتردد فى التطرق إلى بعض ما عانته الكنيسة فى السنتين الماضيتين، خصوصا خلال حكم مرسى. أما الباحث تادروس فقد كان أكثر تحديدا فى توصيف انتهاكات حقوق الإنسان وتردد الأمن أو تقاعسه فى التعامل مع هذه الانتهاكات. ويذكر هنا أن أمثلة عديدة بتواريخ وأماكن حدوثها وبالأسماء قد ذكرت خلال الجلسة، إذ لم يكن أبدًا حديث العموميات. أما د.أبو سبع، فقد قدم عرضا وافيا وناقدا لتعاملات إدارة أوباما تحديدا مع حكم مرسى والإخوان وأيضا دعمها لهم وسكوتها تجاه ممارساتهم وخطابهم التحريضى. والأخطر عدم إعلان وقوفها مع الثورة الشعبية التى أطاحت بهم. كما انتقد موقف الإعلام الأمريكى وصحف مثل «نيويورك تايمز» فى تناولها للشأن المصرى. د.مراد أبو سبع، حرص فى مداخلته على أن يذكر بأنه مصرى مسلم. وجدير بالذكر أن شهادات المشاركين لم تزد فى مدتها على عدة دقائق قليلة. إلا أنه كما جرت العادة فإن النصوص المكتوبة لشهاداتهم والتى تشمل صفحات عدة تم وضعها فى مضبطة الجلسة، وأيضا على الموقع الإلكترونى للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب للاطلاع العام. من جهة أخرى أثار النائب فرانك وولف (جمهورى من ولاية فرجينيا) أمر وقوف إدارة أوباما مع الإخوان على أساس أن هذا هو الانطباع السائد فى مصر مثلما اتضح له (كما ذكر) فى زيارته الأخيرة لمصر منذ عدة أشهر ولقائه بمجموعات مختلفة من الشعب المصرى بكل طوائفه. وقال إن أغلبهم يعتقد «أن حكومتنا هى الداعم القوى لحكومة مرسى» و«أن السفيرة آن باترسون والسفارة لم تكونا ملاذًا للحرية، بل فى الأساس مجموعة داعمة لحكومة مرسى». مضيفا «أعتقد أننا قد نفقد مصر.. إن إدارة أوباما أمامها ثلاث سنوات لتصحيح الوضع.. لأن وقتها ستكون الحكاية أن الإدارة والكونجرس فقدا مصر، لأنهما لم يقفا مع الشعب المصرى الذى كان يريد الحرية والديمقراطية ضد الإخوان المسلمين». وخلال الجلسة طالب أعضاء اللجنة بضرورة إثارة قضايا حقوق الإنسان وحماية الحريات الدينية فى الحوارات الرسمية الدائرة بين واشنطن والقاهرة وأن تكون هذه الملفات جزءًا من الأمور المثارة من جانب الدبلوماسية الأمريكية. كما رأى بعض الأعضاء أهمية ربط هذه القضايا بالمساعدات المالية المقدمة للحكومة المصرية. أما بالنسبة لتعامل السلطات المصرية مع حالات الانتهاك على الأقباط أشير فى أكثر من مداخلة إلى «عدم تدخل رجال الأمن لوقف ما يحدث» من هجوم واعتداء على الأقباط وكنائسهم وممتلكاتهم. وأكثر من عضو فى اللجنة أعرب عن قلقه تجاه تعامل الحكومة الجديدة مع قضايا حقوق الإنسان وممارساتها. وأيضا تجاه الدستور الجديد ومدى تطبيقه على أرض الواقع. كما أثير فى الجلسة موقف إدارة أوباما من حكم مرسى والإخوان وأنها لم تقف مع الشعب المصرى ومطالبه عندما رفض ذاك الحكم وخرج بالملايين إلى الشوارع.