من كثرة ما كان مرسى يقول لنا «حبوا بعض.. احضنوا بعض.. وكله بالحب» قررت الدولة أن تحاكمه يوم عيد الحب المصرى 4 نوفمبر.. علشان بس تعرف إحنا بنحبك قد إيه يا مضروووووب.. تلك كانت إحدى التعليقات من بين آلاف النكات التى أطلقها المصريون وتبادلوها على الإنترنت والتليفونات وكل وسائل الاتصال. قبلها بيوم اصطادنى زميل إخوانى فى ممرات ماسبيرو، مؤكدا بذلك اليقين الربعاوى أن محاكمة مرسى لن تتم.. لهذا فإن مجرد النجاح فى إجراء المحاكمة هو فى حد ذاته انتصار للدولة المصرية. وكما لم أهتم بفتح التليفزيون لمتابعة وقائع محاكمة مبارك، وجدت نفسى غير مهتمة بتلقف صور مرسى فى القفص أضف إلى ذلك عدم إذاعة الجلسة الأولى للمحاكمة. لكن الأحداث الجارية فى شارعنا غيّرت مخططاتى. فحرب الطوب والترهيب الذى مارسته جماعة الإخوان، ثم غلق الشارع الرئيسى، حيث أسكن من قبل أنصار المعزول جرنى إلى ممارسة مهنتى فى الإخبار بالكلمة والصورة. وعقلى يسأل لماذا تترك الشرطة تلك الحفنة القليلة تسد شارعا رئيسيا مثل شارع رمسيس، فيمنعون سيارات النقل العام والملاكى من المرور، وكما ارْتَبْتُ من موقف الشرطة، استغربت من موقف مستقلى الأوتوبيسات الذين لو نزلوا لهم لأعطوهم علقة ما اخدهاش حرامى فجامع، أما سائقو السيارات فقد اكتفوا بالالتفاف إلى الشوارع الجانبية الضيقة، حفاظا على أرواحهم وممتلكاتهم، وكذلك على أرواح أنصار المعزول.. لكن ما لبث أن ارتفعت أصوات سارينة مدرعات الأمن المركزى وشممت رائحة الغاز المسيل للدموع فهرعت لأغلق الشبابيك، وأنا ألمح أنصار المعزول وهم يفرون. حمدت الله على استسلامهم السريع مع أول قنبلة غاز، ولم يكونوا بعناد اشتباكات محمد محمود.. ولعل قلة أعدادهم كانت أحد الأسباب، مما يؤكد أن الكتلة الصلبة من مدرسة السمع والطاعة من أنصار الجماعة فضلوا الذهاب إلى أعمالهم ولم تحفزهم محاكمة رئيسهم على النزول تلبية للدعوات المنتشرة على الإنترنت وقناة «الجزيرة» القطرية وغيرها من وسائل الإعلام الإخوانية لتكدير الشعب المصرى وإرهابه يوم عيد الحب المصرى وبدء محاكمة المعزول. المثير للاهتمام وجه التشابه بين أنصار المعزول وبعض من أنصار الجيش الذين تجمعوا فى ما بعد.. حداثة السن هى الملاحظة الأولى، استخدام عبارات نابية فى الهتاف ضد كليهما واستخدام أسلوب الأولتراس فى التصفيق يمارسه الاثنان.. ولكن التباعد أو الاختلاف أن مؤيدى السيسى كانوا بلا قادة ومبتهجين، بينما أنصار الإخوان فيهم بعض كبار السن من الملتحين، وعلى الجانبين الكتلة الرئيسية من الأحياء الشعبية. ملاحظة أخيرة.. تدخّل الشرطة بالأمس حقن الدماء ليمنع تكرار مشاهد الاقتتال الأهلى التى سبق وأن عاصرتها على مدى السنوات الماضية، وعلى رأسها موقعة الاتحادية والمقطم التى يحلو لى أن أسميها «موقعة الجبل» ربما لأنى أريد أن أنساها لكثرة الدماء التى سالت فيها. وكان ختام اليوم المشحون بالبسمة أيضا.. فقد أطلق المصريون هاشتاجا قبيحا، ولكن يفطس من الضحك على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعى يهاجم دولة قطر لا أستطيع أن أنقله، فهو خارج عن حدود الأدب، ولكنه وجد تهافتا شديدا بين التويبس من غير الإخوان أو النشطاء، والذى لخصه متابع تويب سعودى بتعبير ثاقب «اتق شر المصريين إذا غضبوا».. وفسرته إحدى صديقاتى ب«كرامة المصريين أعلى من الجنيه المصرى». قد لا يوجد دلالات مشتركة تجمع كل هذه المشاهد، وقد يحمل كل منها رسالة مختلفة، ولكنها مصر التى تجمع كل هذا فى نهار من أيامها.. نهار محاكمة محمد محمد مرسى العياط.