اختار المخرج والكاتب الهولندي من أصول جزائرية كريم طرايدية أن يكون خامس أفلامه وهو "حكايات قريتي" يروي الاستعمار الفرنسي لوطنه، يحكي من خلاله تجربته الشخصية معه، وكذلك يعرض نماذج من أسرته خلال، فالبطل محور أحداث الفيلم وهو الطفل "بشير" يجسده في صغره، ويقدم من خلاله الكثير من المواقف التي عاشها في بلده في مواجهة هذا الاحتلال، طرايدية أعرب عن سعادته البالغة بأن يكون هذا الفيلم مشاركًا في الدورة الحالية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وينافس في مسابقته الرسمية. "التحرير" التقت بكريم طرايدية وتحدثت معه عن هذه التجربة السينمائية، وكواليس تصويره لها، وأبرز الصعوبات التي واجهته، وكان معه الحوار التالي:
كيف ترى مشاركتك الأولى في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي؟ أفخر بها وسعدت عندما أبلغتني الإدارة أنه تم اختيار "حكايات قريتي" ليتم عرضه ضمن فعالياته، وليس هذا وحسب إنما أن يكون واحدًا من الأعمال المتنافسة في المسابقة الرسمية له، إذ سبق وشاركت بهذا المهرجان من خلال فيلم هولندي بعنوان "العروسة الهولندية"، وذلك في التسعينات، لكنه كان معروضًا خارج المسابقة، وتعد هذه الزيارة الثالثة لي بمصر، وأتمنى أن يحظى الفيلم بجائزة في ختام المهرجان.
ما سبب غضبك بعد عرض فيلمك بدار الأوبرا المصرية؟ التقنيات التي تم استخدامها في عرض الفيلم داخل قاعة المسرح الكبير لم تكن جيدة، ونوهت للمسؤولين بذلك، لكن لم يهتم أحد، وهو ما أصابني بالحزن الشديد، لكن هذا لا يؤثر على تقييمي واعتزازي بالمهرجان في دورته الثامن والثلاثون، فهذا رقم ليس يسير، ويؤكد على حرص واهتمام القائمين عليه على خروجه كل عام ببرنامج متميز في كل الأقسام، لذا اشعر بالامتنان من مشاركتي فيه.
لماذا لم تفكر في تقديم الفيلم قبل العام الماضي؟ لأنه كان يتطلب تكلفة كبيرة لتصويره في الجزائر، خاصة أنني أقيم في هولندا، والأموال التي جمعتها لأجل تنفيذه لم تكفي الميزانية الكاملة المطلوبة، إلى أن جاءت فرصة مسابقة أقامتها الجزائر في إطار مرور 50 عاما على الاستقلال، وأرسلت لهم الفيلم، وتم قبوله ودعمه، وكانت فرصة عظيمة سمحت بخروج الفيلم إلى النور.
ما أبرز الصعوبات التي واجهتك؟ الصعوبة الكبيرة كانت في التصوير داخل الجزائر، إذ لا نملك منتجين متدربين وواعين بمهمتهم، كثيرون هم من يحملون لقب "منتج" في الجزائر وقليلون من يدركون قدر الأهمية التي يحملها عملهم. هل كانت لك مواقف أخرى مع الاستعمار لم يتضمنها الفيلم؟ بالطبع، أذكر منها أنني ذات مرة كنت أتوجه مع جدتي لجلب الماء، إذ لم تكن متوافرة كما هي حاليًا، وشاهدت بعيني جنود الاستعمار الفرنسي يطلقون الرصاص على مجاهد فرنسي، كذلك كان هذا الاستعمار يضع سلكًا شائكًا على مبنى فرنسي يخصه، وحاولت فتاة صغيرة المرور منه، فتم تدمير وجهها بالكامل، وظلت هكذا لسنوات حتى حضر طبيب وتمكن من معالجتها، وهذا المشهد قد قمت بتصويره بالفعل، لكنني حذفته خلال المونتاج بسبب طول مدة الفيلم. هل عُرض "حكايات قريتي" في الجزائر؟ تم عرضه لمرة واحدة فقط، وذلك ضمن فعاليات مهرجان "عنابة" السينمائي، فنحن لا نملك دور عرض سوى 10 سينمات فقط في الجزائر كلها، وأذكر أنه كان عددها 453 دار عرض في عام 1962.
لماذا يقل عدد السينمات بهذه الدرجة؟ لأن الإسلاميون قاموا بتدمير دور العرض في سنوات "العشرية السوداء"، ومن جهة أخرى فإن الدولة غير مهتمة بالصناعة السينمائية، ومن جهة أخرى أصبح الجمهور الجزائري يخشى التوجه إلى دور العرض، خوفًا من أن تنفجر به خلال متابعته لأي عمل، مع ذلك فإنني سعيد أنه أصبح لدينا أفلامًا تعكس هويتنا الجزائرية، ونقدم فيها لغتنا السينمائية الخاصة.