ربما ظهر الرئيس الأمريكى باراك أوباما منتصرا فى حرب سقف الدين والميزانية الأمريكية التى بدت وكأنها معركة الجمهوريين لخفض التمويل لبرنامج إصلاح نظام الرعاية الصحية للرئيس، ولكن من الواضح أن التهديد الحقيقى لقانون الرعاية «ميسور التكلفة» لا يأتى من الجمهوريين أنفسهم، ولكن من قلب «أوباماكير» بعد فشل الإدارة فى الطرح العام لمبادلات الرعاية الصحية عبر الإنترنت. وهكذا لم يعد فقط مستقبل كاثلين سيبيليوس، وزيرة الصحة، التى عملت على صياغة وتطبيق قانون أوباما الطموح، على المحك، ولكن هناك أيضا جدل مثار حول ما يسمى ببند «الالتزام الفردى» فى قانون حماية المريض والرعايا، الذى شهد نزاعا شديدا أمام المحكمة العليا التى ترى أن كل أمريكى يجب أن يكون مؤمَّنا العام القادم وإما سيواجه عقوبة ضريبية. وبينما حاول الجمهوريون التخلص من «الالتزام الفردى»، مؤخرا من خلال إغلاق الحكومة، فإن المشكلات الفنية تتيح للنواب المحافظين أولى فرصهم لإثارة قضايا عملية، بدلا من تلك الأيديولوجية، حيث يقول الناقد القانونى والخبير فى مجال الرعاية الصحية روبرت لاسزوسكى: «أنا متأكد من أنهم سيهاجمون الالتزام الفردى الآن، لأنهم سيقولون (الأمريكيون لا يمكنهم الاشتراك)». إذا وافقت الإدارة على تأخير الالتزام، الذى ينظر إليه على أنه من المستبعد جدا، فإن ذلك سيكون له «بالغ الأثر» على شركات التأمين الصحى التى توفر الخطط الصحية ، كما يقول لاسزوسكى، لأن المنطق وراء «الالتزام» هو أنه يجبر الناس من الشباب والأصحاء على شراء التأمين، وليس فقط المرضى الذين يحتاجون إلى ذلك، وبالتالى إبقاء الأسعار منخفضة. ومن جانبه يقول مسؤول جمهورى فى لجنة مجلس النواب للطاقة والتجارة: «كيف يمكننا أن نتوقع من الشعب الأمريكى شراء التأمين الصحى، ليس بإمكان الإدارة فى الواقع جعله متاحا لهم بسبب افتقارها إلى الإعدادات». مستوى التهديد السياسى الذى تواجهه الإدارة بدا واضحا عندما استهدفت السخرية اللاذعة للإعلامى جون ستيوارت المتعاطف بوجه عام مع البيت الأبيض مشكلة الطرح العام، حيث قال خلال مقابلة أجراها مع وزيرة الصحة سيبيليوس إن كمبيوتره المحمول يحاول الدخول إلى موقع «أوباماكير». ومضى فى سخريته ضاحكا: «سوف نقوم بالتحدى.. أنا سأحاول تحميل كل الأفلام التى تمت صناعتها فى تاريخ السينما، وأنت ستحاول الاشتراك فى (أوباماكير) وسنرى من سينجح أولا». وقد أعطت هذه الحلقة دفعة جديدة لمحققى الكونجرس فى مجلس النواب الذين يطالبون بأجوبة حول مشكلات سيبيليوس، بينما لم يصدر البيت الأبيض حتى الآن أى معلومات مؤكدة حول سبب المشكلات، وحجم هذه القضية، ومتى يمكن حلها. وفى سياق متصل، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أن الدين العام قفز فوق 17 تريليون دولار لأول مرة فى التاريخ، حيث وصل إجمالى الدين بعد أن رفع الكونجرس سقفه إلى 17.075 تريليون دولار. وكان حجم الدين قد بلغ الأربعاء الماضى 16.7 تريليون دولار، وهو رقم ظل ثابتا بواسطة وزير الخزانة جاكوب ليو، إذ استخدم تدابير صارمة كى يبقيه تحت هذا الحد منذ مايو الماضى. ومن المتوقع أن تستأنف المعركة مرة أخرى، إلا إذا توصل الجمهوريون والديمقراطيون إلى اتفاق قبل السابع من فبراير المقبل.