أفرج الأرشيف الحكومى الإسرائيلى عن وثائق جديدة تتعلق بمصادقة «الكنيست» وموافقته على اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب، وهى المصادقة التى تمت فى ال28 من سبتمبر 1978، أى قبل 35 عاما، وسبقت توقيع المعاهدة فى مارس 1979. وبعنوان «اكتملت دائرة الحروب» قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية إنه فى الساعة الثالثة والنصف فجر يوم ال28 من سبتمبر وبعد مناقشات دامت 17 ساعة داخل البرلمان الإسرائيلى تم التصديق على اتفاقية السلام مع مصر، وإخلاء شبه جزيرة سيناء من المستوطنات التى أقيمت عليها خلال فترة الاحتلال الإسرائيلى. ووفقا للوثائق المفرج عنها فإن مناحيم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلى -وقتها- حاول إقناع ال120 عضوا من أعضاء الكنيست بالسلام مع مصر، وأعرب عن آماله فى عدم نشوب حروب جديدة، الأمر الذى انتهى بموافقة 84 على الاتفاقية ومعارضة 19 وامتناع 17 آخرين عن التصويت. ولفتت إلى أن بيجن برر رغبته فى إخلاء المستوطنات من سيناء بقوله «المستوطنات عزيزة علىّ، كل شخص يعلم أننى أحب كل مستوطن، طوال حياتى أحببت المستوطنات، لكننى لا أرغب فى نشوب حرب جديدة، لا أريد أمهات ثكالى وأبناء أيتام، لا يوجد شخص فى إسرائيل يريد السلام أكثر منى، تعالوا نبنى البلاد ونوقف حمامات الدماء، الفرصة فى أيدينا، علينا أن نجلس ونخرج القاهرة من دائرة الحروب». وأشارت إلى أن موشى ديان -وزير الخارجية حينئذ- ألقى كلمة خلال تلك المناقشات البرلمانية مؤكدا أن «سلاما بدون شرم الشيخ، أفضل من شرم الشيخ دون سلام»؛ موضحا أنه «إذا رفض الكنيست القرار بالسلام مع مصر، سيتحد العالم العربى ضد تل أبيب وسيتدخل الاتحاد السوفييتى فى المفاوضات»، بينما أشار عزرا فايتسامان -وزير الدفاع وقتها- قائلا «نحن نبحث عن طريق للحياة لا للموت» معبرا عن تأييده للسلام مع مصر. وأضافت أنه من بين المؤيدين للسلام مع مصر أيضا كان إريل شارون -الذى شارك بحرب 73- والذى برر تأييده قائلا «قلبى يؤلمنى إزاء الثمن الباهظ الذى كنا مضطرين لدفعه من أجل فرصة السلام مع مصر»، مشيرة من ناحية أخرى إلى أنه بعد التصويت لصالح الاتفاقية أعلن يجآل هوروفيتس -وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلى حينئذ- عن استقالته من الحكومة، اعتراضا على الأمر. ولفتت الوثائق إلى أن أبرز المعارضين للسلام مع مصر كانت البرلمانية جيئولا كوهين -التابعة لليمين المتشدد- التى دعت خلال المناقشات رئيس وزرائها بيجن إلى الاستقالة وإخراج إسرائيل من «المصيدة السياسية التى وقعت بها»، مضيفة أن البرلمانية سألت رئيس الحكومة «هل تتخلى الصهيونية عن المستوطنات؟ وهل من أجل إسرائيل يتم إرسال الرجال إلى حبل المشنقة؟». كما أشارت إلى أن رئيس الولاياتالمتحدة الأمريكى جيمى كارتر سارع بتهنئة أعضاء الكنيست، قائلا «هذا دليل على شجاعة رئيس الحكومة الإسرائيلية والبرلمانيين، لقد خلقوا الآن فرصة للشراطة مع جارتهم مصر»، مضيفة أن الرئيس المصرى أنور السادات تابع ما يحدث فى الكنيست حتى الساعة ال1 فجرا، وبعدها ذهب للنوم، إلا رجاله بقوا متيقظين وبعد التصويت قال المتحدث باسم الحكومة المصرية إن الحديث يدور عن انتصار لاتفاقية كامب ديفيد ومبادرة الرئيس السادات. كما احتوت الوثائق على رد الفعل الإسرائيلى على وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، الذى مرت الذكرى السنوية ال43 لوفاته أمس، ووفقا لأرشيف الحكومة الإسرائيلية فإن تل أبيب كانت تتابع ما يحدث بالجارة الجنوبية مصر بعد وفاة عبد الناصر، وكانت التقديرات أن السلام برز للنور مع وفاة عبد الناصر، على الأقل حتى تظهر قيادة جديدة فى القاهرة. ولفتت إلى أنه فى الذكرى الثالثة لوفاة عبد الناصر وقبل 8 أيام من نشوب الحرب فى ال6 من أكتوبر، ألقى السادات كلمة لتأبين عبد الناصر وتحدث فيها عن تخليه عن استخدام القوة ضد تل أبيب، وعلى عكس الخطابات السابقة لم يذكر السادات كلمة الحرب، وعبارة عبد الناصر المشهورة «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة»، مضيفة «كانت تقديرات تل أبيب هو أن النخبة المصرية الحاكمة قرت تأجيل مسألة الحرب ضد إسرائيل فى هذه المرحلة».