إسرائيل ظنت أن السلام مع القاهرة برز للنور مع وفاة عبد الناصر.. والسادات خدع تل أبيب في ذكراه الثالثة شارون: قلبي يؤلمني إزاء الثمن الباهظ الذي كنا مضطرين لدفعه من أجل فرصة السلام مع مصر أفرج الأرشيف الحكومي الإسرائيلي عن وثائق جديدة تتعلق بمصادقة الكنيست وموافقتها على اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب في 28 سبتمبر 1978، سبقت توقيع المعاهدة في مارس 1979. وبعنوان "اكتملت دائرة الحروب"، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إنه في الساعة الثالثة والنصف فجر يوم 28 سبتمبر وبعد مناقشات دامت 17 ساعة داخل "الكنيست" البرلمان الإسرائيلي تم التصديق على اتفاقية السلام مع مصر، وإخلاء شبه جزيرة سيناء من المستوطنات التي أقيمت عليها خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي. ووفقًا للوثائق المفرج عنها، فإن مناحيم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها، حاول إقناع أعضاء الكنيست بالسلام مع مصر، وأعرب عن آماله في عدم نشوب حروب جديدة، الأمر الذي انتهى بموافقة 84 عضو على الاتفاقية من إجمالي 120 نائبًا ومعارضة 19 وامتناع 17 آخرين عن التصويت. ولفتت إلى أن بيجن برر رغبته في إخلاء المستوطنات من سيناء بقوله "المستوطنات عزيزة علي، كل شخص يعلم أنني أحب كل مستوطن، طوال حياتي أحببت المستوطنات، لكنني لا أرغب في نشوب حرب جديدة، لا أريد أمهات ثكالى وأبناء أيتام، لا يوجد شخص في إسرائيل يريد السلام أكثر مني، تعالوا نبني البلاد ونوقف حمامات الدماء، الفرصة في أيدينا، علينا أن نجلس ونخرج القاهرة من دائرة الحروب". وأشارت إلى أن موشي ديان وزير الخارجية حينئذ أكد في كملته خلال تلك المناقشات البرلمانية، أن "سلاما بدون شرم الشيخ، أفضل من شرم الشيخ بدون سلام"؛ موضحا أنه "إذا رفض الكنيست القرار بالسلام مع مصر، سيتحد العالم العربي ضد تل أبيب وسيتدخل الاتحاد السوفييتي في المفاوضات"، بينما تحدث عزرا فايتسامان وزير الدفاع وقتها، قائلاً: "نحن نبحث عن طريق للحياة لا للموت" معبرا عن تأييده للسلام مع مصر". وأضافت أنه من بين المؤيدين للسلام مع مصر أيضا كان أريئيل شارون الذي شارك في حرب 1973 والذي برر تأييده قائلاً قلبي يؤلمني إزاء الثمن الباهظ الذي كنا مضطرين لدفعه من أجل فرصة السلام مع مصر"، مشيرة من ناحية أخرى إلى أنه بعد التصويت لصالح الاتفاقية أعلن يجآل هوروفيتس –وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي حينئذ- عن استقالته من الحكومة، اعتراضا على الأمر. ولفتت الوثائق إلى أن أبرز المعارضين للسلام مع مصر كانت البرلمانية جيئولا كوهين –التابعة لليمين المتشدد- والتي دعت خلال المناقشات رئيس وزرائها بيجن بالاستقالة وإخراج إسرائيل من "المصيدة السياسية التي وقعت بها"، مضيفة أن البرلمانية سألت رئيس الحكومة "هل تتخلى الصهيونية عن المستوطنات؟، وهل من أجل إسرائيل يتم إرسالة الرجال إلى حبل المشنقة؟". وأشارت إلى أن الرئيس الأمريكي وقتذاك جيمي كارتر سارع بتهنئة أعضاء الكنيست، قائلا "هذا دليل على شجاعة رئيس الحكومة الإسرائيلية والبرلمانيين، لقد خلقوا الآن فرصة للشراكة مع جارتهم مصر"، مضيفة أن الرئيس المصري أنور السادات تابع ما يحدث في الكنيست حتى الساعة ال 1 فجرا وبعدها ذهب للنوم، لكن رجاله بقوا متيقظين وبعد التصويت قال المتحدث باسم الحكومة المصرية إن الحديث يدور عن انتصار لاتفاقية كامب ديفيد ومبادرة الرئيس السادات". كما احتوت الوثائق على رد الفعل الإسرائيلي على وفاة الرئيس جمال عبدالناصر والذي مرت الذكرى السنوية ال43 لوفاته أمس. ووفقا للأرشيف الحكومية الإسرائيلي فإن تل أبيب كانت تتابع ما يحدث بالجارة الجنوبية مصر بعد وفاة عبد الناصر، وكانت التقديرات أن السلام برز للنور مع وفاة عبد الناصر، على الأقل حتى تظهر قيادة جديدة في القاهرة. ولفتت إلى أنه في الذكرى الثالثة لوفاة عبد الناصر وقبل 8 أيام من نشوب الحرب في ال 6 من أكتوبر 73 ، ألقى السادات كلمة لتأبين عبد الناصر وتحدث فيها عن تخليه عن استخدام القوة ضد تل أبيب، وعلى عكس الخطابات السابقة لم يذكر السادات كلمة الحرب، وعبارة عبد الناصر المشهورة (ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة)، مضيفة "كانت تقديرات تل أبيب هو أن النخبة المصرية الحاكمة قرت تأجيل مسألة الحرب ضد إسرائيل في هذه المرحلة".