بعنوان "35 عاما على اتفاق السلام مع مصر..الكشف عن الاتصالات السرية"، قالت القناة الثانية الإسرائيلية في تقرير لها أمس إن "لا مزيد من الحرب لا مزيد من سفك الدماء" هذا ما أعلنه مناحين بيجن –رئيس حكومة تل أبيب الأسبق- في نهاية عام 1977، لافتة إلى أنه بعد 35 عاما تم الكشف عن شهادات ووثائق بروتوكولية لأرشيف الدولة بتل أبيب،يتعلق بالاتصالات التي جرت استعداد للزيارة التاريخية للرئيس السادات للقدس، وهي الزيارة التي أدت إلى اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب، والتي تبدو اليوم ذات صلة بما يحدث.
ولفتت القناة الإسرائيلية إلى أن رئيس الحكومة الأسبق مناحيم بيجن أصدر تلك التصريحات بعد يومين من إعلان الرئيس السادات المفاجئ أنه مستعد لزيارة القدس وإلقاء خطاب بالكنيست، مشيرة إلى أنه بمناسبة الذكرى ال35 لزيارته التاريخية لإسرائيل، يتم نشر شهادات ووثائق تكشف تفاصيلا جديدة تتعلق بالاتصالات السرية بين الدولتين بمناسبة التوقيع على اتفاقية السلام.
ووفقا للوثائق –قالت القناة- إنه في نهاية أغسطس 1977 قام بيجن بزيارة لرومانيا والتقي الرئيس تشاوشيسكو، وخلال اللقاء طلب بيجن نقل رسالة للرئيس المصري بموجبها تل أبيب مهتمة بالسلام، وفي لقاء أخر بين الاثنين قال تشاوشيسكو لبيجن إن السادات وافق على إدارة اتصالات مباشرة مع إسرائيل.
وأضافت القناة أنه بعد لقاء بيجن مع الرئيس الروماني، سافر وزير الخارجية موشى ديان للمغرب متخفيا وهو يرتدي شعرا مستعارا وشاربا وعوينات شمسية داكنة، والتقي ديان مع ملك المغرب وحكى له على الصعوبات المتعلقة بإدارة اتصالات الخاصة بالمفاوضات مع عدد من الدول العربية في المقابل وطلب منه المساعدة في تنظيم لقاء على المستوى السياسي بين تل أبيب والقاهرة، وبعد 5 أيام جاء الرد بالإيجاب من المصريين الذين وافقوا على لقاء بين ديان وبين نائب رئيس حكومة القاهرة الدكتور حسن تهامي.
وقالت إنه في اللقاء بين ديان وتهامي، زعم الأخير أن الرئيس السادات يشعر كما لو كان جنديا احتلت بلاده وأضاف أن إذا عادت له بلاده سيوافق على إجراء لقاء والتناقش مع بيجن على باقي المشاكل التي على جدول الأعمال، وحاول ديان أن يستفسر هل الحديث يدور فعلا عن شروط للقاء بين بيجن والسادات لكن إجابة تهامي لم تكن واضحة.
وأضافت القناة أنه في بيان للصحف قام بإصداره مكتب بيجن في ال10 من نوفمبر 1977، تم الإعلان أنه إذا قرر السادات زيارة القدس فسيقابل بكل الاحترام الجدير برئيس جمهورية، وبعد 5 أيام بعث بيجن دعوة رسمية للسادات، وفي نفس اليوم وصل الخطاب إلى الجهة المرسل إليها بواسطة سفير الولاياتالمتحدة في القاهرة، وجاء في الخطاب "باسم حكومة إسرائيل يشرفني أن أقدم دعوتي الحارة لك للمجئ إلى القدس وزيارة وطننا".
وذكرت أنه في ال17 من نوفمبر قبل تلقي الرد من السادات، تم تمرير برنامج زيارة السادات بواسطة سفير واشنطن صموئيل لويس، وطلب السادات أن يصل ليلة السبت ال19 من نوفمبر ووفقا للبرنامج، وصلت إلى إسرائيل طائرة مصرية مع رئيس مكتبه حسن كمال.
واختتمت القناة تقريرها بالقول إن الاستعدادات لاستقبال الرئيس المصري أطلق عليها اسم " عملية البوابة"، وبعد وقت قصير من حلول يوم السبت 19 نوفمبر هبطت طائرة السادات في إسرائيل وقوبل بترحاب جماهيري شديد، وذهب كل من الرئيس الإسرائيلي وقتها افرايم قاتسير ورئيس حكومته بيجن ووزراء الحكومة والنخبة السياسية إلى المطار لاستقباله، كما تم دعوة رؤساء الحكومات السابقين يتسحاق رابين وجولدا مائير، وكان السادات سعيدا بشكل خاص للقاء جولدا، كما وصل 3000 صحفي، ومذيع إلى إسرائيل لتغطية الزيارة، كما تم بث الحدث بثا مباشرا في الولاياتالمتحدةالأمريكية.
وبعنوان" 35 عاما على الزيارة، بيجن أمر بعمل كل شئ في العالم كي يكون السادات مبسوطا، كما دعا الأسد للزيارة"، قالت صحيفة "هاآرتس" إن أرشيف الدولة نشر وثائق سرية تصف الاتصالات السرية والانفعالات التي سبقت الزيارة التاريخية للرئيس المصري للقدس عام 77".
ووفقا للوثائق فإن رئيس الحكومة الأسبق مناحيم بيحن قال خلال جلسة أجريت في 4 سبتمبر 77 إن الرئيس الروماني تشاوشيسكو أبلغ أن السادات مستعد لإجراء لقاء بين ممثلي مصر وإسرائيل، وأنه سأله هل الحديث يدور عن لقاء بينه –بيجن- وبين الرئيس المصري"، مضيفا أن "الإجابة كانت أنه في هذه المرحلة الحديث يدور عن لقاء بين ممثلين إسرائيليين ومصريين".
وأضافت الصحيفة العبرية أن تصريحات بيجن جاءت في بروتوكول الجلسة التي تم تصنيف محتواها تحت فئة "سري للغاية"، والتي أجريت قبل شهرين من زيارة السادات التاريخية لإسرائيل، مضيفة أن البروتوكول تم الكشف عنه للمرة الأولى الثلاثاء، بعد مرور 35 عاما على الزيارة التي أجريت في 20 نوفمبر وأدت إلى اتفاق السلام مع القاهرة.
وقالت إن أرشيف الدولة قام بنشر حوالي 40 وثيقة تاريخية إضافية تتعلق بالموضوع، وتكشف عن المفاوضات التي سبقت الزيارة، والاتصالات السرية مع القاهرة، والتجهيزات لها والمحادثات.
ولفتت إلى أن زيارة بيجن لرومانيا الدولة الشيوعية الوحدية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، أجريت نهاية أغسطس 77، وكان لرومانيا علاقات طيبة مع العالم العربي وحاولت تل أبيب أن توسطها لإقامة علاقات مع القاهرة، وفي لقاء ثنائي بين بيجن والرئيس الروماني، الطاغية نيقولاي تشاوشيطو وقبل إعدام الأخير ب12 عاما، سمع بيجن أن السادات وافق على لقاء مباشر بين ممثلين مصريين وإسرائيليين.
وذكرت أنه بجانب الرسالة من السادات التي تم نقلها عبر رومانيا، استغلت تل أبيب علاقاتها مع المغرب والملك حسن الثاني للسعي من أجل إجراء لقاء على مستوى سياسي بين ممثلين مصريين وإسرائيليين، وفي ال9 من سبتمبر جاء الرد إيجابيا وهو أن المصريين مستعدون للقاء، وفي ال 16 من سبتمبر سافر موشي ديان سرا للمغرب والتقي مع نائب رئيس حكومة القاهرة حسن تهامي.
ولفتت إلى أنه في تقرير قام بإعداده جهاز الموساد الإسرائيلي تم وصف اللقاء تفصيلا، مضيفة أن هذا التقرير تم الكشف عنه الثلاثاء للمرة الأولى، وجاء فيه " عند وصوله، تم استضافة الضيوف من قبل الملك حسن الثاني".
وأشارت إلى أن تهامي توجه لديان قائلا " كل تلك السنوات اعتقدت أنني سأقبلك في ميدان المعركة أو في هزيمة سياسية، وها نحن الاثنان نبحث عن السلام بفضل جهود الملك ولثقة السادات في بيجن وفيك، أنتم قادة أقوياء وشجعان ونحن نثق أنكم ستتخذوا قرارات مصيرية من أجل سلام كامل وعادل"، لافتة إلى أن تهاني أضاف قائلا "السادات جاد جدا فيما يتعلق بالسلام" كما أكد أن المحادثات في هذه المرحلة تجرى بدون علم الولاياتالمتحدة.
وذكرت أنه في النهاية قال تهامي إن السادات وافق على إدار حوار مع إسرائيل وأنه يثق في حكومة بيجن، لكن يشترط الموافقة على الانسحاب من المناطق المحتلة قبل اللقاء، لافتة في تقريرها إلى أن اللقاء استمر 4 ساعات وتضمن وجبة عشاء وتوزيع هدايا".
وذكرت هاآرتس أن أرشيف الدولة نشر الثلاثاء للمرة الأولى بروتوكول الجلسة الخاصة بلجنة الخارجية والأمن بتاريخ 18 نوفمبر 77، والتي جاء قبل يومين من زيارة السادات لإسرائيل، وظهرت به حالة الانفعال الشديد لبيجن وأعضاء الحكومة بسبب الزيارة، ونقلت عن بيجن قوله خلال الجلسة " نحن سنفعل كل ما في العالم كي يخرج هذا الرجل –يقصد السادات –من القدس مبسوطا".
ولفتت الصحيفة العبرية إنه خلال الجلسة تم دعوة الرئيس السوري حافظ الأسد لزيارة القدس، موضحة أن بيجن قال " الأمر صعب مع الأسد، لقد دعوته للكنيست، أنا مستعد للقاءه في مكان محايد، لا يجب أن ينتابنا اليأس".