"منيا الفولي"، هكذا عُرفت محافظة المنيا، نسبة إلى مسجد الشيخ أحمد الفولي، والذي يقع ضريحه ومسجده، وسط المدينة بشارع كورنيش النيل، والذي مر على إنشائه أكثر من 400 عام، وسط توافد المحبين والمُريدين عليه، يوميًا، من أجل زيارته والتبرك به. هو علي بن محمد بن علي، ولد عام 990 هجرية، جاء من اليمن إلى مصر، وتلقى العلوم بالأزهر وسار على المذهب الشافعي على يد الشيخ سيدي محمدين يحيى الجركسى، وقام بالتدريس بجامع إسكندر، واحترف بيع الفول وتزوج من أهل المنيا وعرف بالمدينة "بأبي أحمد الفولي".
ذاع صيته لما عرف عنه من تصوف وصلاح وزهد واستقامة وتبحر في علوم الشريعة اللغوية والصوفية الشاذليه عاش في المنيا نحو 57 عاما قضاها في الإرشاد لأبنائها الوافدين عليه من أرجاء الصعيد وله تفاسير لبعض آيات القرآن وله مخطوط مؤلفه تعرف باسم "تحفه الأكياس في حسن الظن بالناس". وعندما توفى عام 1076 هجريًا أي بعد عمر يناهز 85 عاما دفن في ضريح خاص بزاوية التي أنشأها في حياته على شاطئ النيل الغربي ثم أسس المسجد بعد استمرار توافد الزائرين .
وفى عام 1875 كان الخديو إسماعيل في رحله بالنيل قاصدا زيارة الأقصر وتوقف يخته أمام زاوية قطب الصعيد العارف بالله أحمد الفولي فلمح مزاره وأمر بالتوجه نحوه ثم نزل إليه وزاره وأمر عبد الحميد عبد الحق وزير الأسبق ببناء جامع كبير له وضريح يليق بمقامه على 100 فدان من أجود الأراضي الزراعية على الطراز الأندلسي وهو طراز فريد في مصر وتم نقل جثمانه إلي هذا الضريح في احتفال رائع .
ويحتفلون أهالي المنيا بيوم مولده وهو 27 من رجب في كل عام تقام الاحتفالات بالمسجد قاصدين التبرك والدعاء حتى أن بعض المرضى وأصحاب الحاجة يقومون بزيارة المقام وقراءة الفاتحة والمسح بالشال الموجود على الضريح كبركه لهم .
وقال ناصر نعنوس، مسؤول التسجيل الآثري الإسلامي بالمنيا إن المسجد يبلغ ارتفاع جدرانه من الخارج 12 مترا ومن الداخل 9.20 متر، ومنارته بالهلال ارتفاعها 38 مترا، كما ترتفع أرضه عن الشوارع المحيطة به 1.50 متر، وحوائط المسجد جميعها مبنية بالطوب الأحمر ومكسوة من الخارج بالحجر الصناعي، وأسقفه من الخرسانة المسلحة، وسلالم المدخل وأرضيه من الموزايكو، والقبلة والجزء الأسفل من الحوائط الداخلية بارتفاع 1.20 متر مغطاة بالموزايكو المزخرف بحليات عربية، ونقشت الأسقف بزخارف عربية دقيقة بألوان متعددة، وأعمدته من الخرسانة المسلحة المغلفة بالموزايكو.
وأضاف مسؤل التسجيل الأثري الإسلامي، أن الأبواب الرئيسة للمسجد والضريح صنعت من الخشب على الطراز العربي بحشوات بسيطة من وجه ومكسوة بزخارف عربية دقيقة من النحاس من الوجه الآخر، والشبابيك من الخشب المخروط المعروف بالخرط الصهريجى ، وبالضريح شبابيك من الجص المفرغ المحلى بالزجاج الملون، أما المنبر وكرسي السورة فمصنوعان من خشب نقي معشق بحشوات من خشب الزان ومجمعة بحليات وأشكال هندسية، والمدخل الرئيس عبارة عن بهو مستطيل تتكون وجهته من ثلاثة عقود محمولة على عمودين وتنتهي بمظلة مغطاة بالقرميد الأحمر، ويقع باب المسجد أمام منتصف العقد الأوسط ، أما العقدان الجانبيان فيتوسطهما شباكان من الخرط الصهريجى، ولهذا المدخل درج من الموزايكو عرضه بكامل فتحات العقود.