نشرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية تقريرا عن الوضع الاقتصادي لمصر، سلطت فيه الضوء على الحملات الشعبية التي تسعى لتوفير السلع الغذائية بأسعار مخفضة، وذلك بالتزامن مع محاولات الحكومة فرض إجراءات اقتصادية جريئة من أجل تطبيق شروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض ال12 مليار دولار. التقرير، الذي حمل عنوان "الجبن الرخيص أو الجحيم، مصر في انتظار قرض الصندوق"، قال "عندما ظهر الإعلامي عمرو أديب على شاشة التلفزيون المصري يتسول لشركات الأغذية لخفض الأسعار، أخذ يردد التحذيرات المروعة، بأنه علينا أن نقف معا، وإلا المجتمع سينهار وتنتشر الفوضى، والنار سوف تأكل الجميع"، وذلك في إشارة لحملة "الشعب يأمر" التي أطلقها الإعلامي. ولفتت الوكالة إلى أن الحكومة المصرية تقيد وسائل الإعلام، لذلك فإن هذه الرسالة ربما لها دعم رسمي، "وتأكد هذا بعد يومين، عندما أعلنت مجموعة من صناع المواد الغذائية خفض الأسعار على الهواء". "بلومبرج" قالت إن الرئيس عبد الفتاح السيسى يتعرض لضغوط لاتخاذ قرارات اقتصادية كبرى من شأنها أن يكون لها تأثير عكسي تماما، وتؤدي إلى ارتفاع حاد في تكاليف المعيشة. وكان صندوق النقد الدولي، أعلن ما تحتاجه مصر لوضع اللمسات الأخيرة لقرض ال12 مليار دولار، مثل الإجراءات الخاصة بسعر الصرف والدعم وتخفيض قيمة الجنيه وإزالة القيود على أسعار الوقود. الوكالة الأمريكية أشارت إلى أن حكومة السيسى قدمت قرض الصندوق كدليل على أن مصر عادت مرة أخرى منفتحة أمام الاستثمار، بعد ست سنوات من الاضطرابات، مضيفة "ولكن أي شيء يضيف إلى مخاطر التضخم الموجود بالفعل قد يثير مزيد من الاضطرابات". عمر الشنيطي، وهو العضو المنتدب لمجموعة "مالتبيز للاستثمار"، قال إن: "هناك استياء عام من الأداء الاقتصادي للحكومة، فقد أعلنت الكثير من الوعود دون أن تؤتي ثمارها، وارتفاع التضخم يضغط الشعب بشكل غير مسبوق". وأشارت الوكالة إلى أن معدل التضخم في مصر وصل إلى 14% أو أكثر منذ شهر يونيو، وهو مستوى لم تشهده مصر منذ 10 سنوات، موضحة أنه يرجع هو جزئيا إلى انهيار العملة. الشنيطي قال إن التدابير التي يدعمها صندوق النقد الدولي قد ترفع التضخم إلى أعلى من 20%، مشيرا إلى أن "الأجهزة الأمنية للدولة قلقة على الأرجح من أن المظالم الاقتصادية سوف تندمج مع المظالم السياسية لجماعات معينة، وقد يؤدي ذلك إلى الفوضى". "بلومبرج" قالت إن السيسى في حاجة ملحة للتذكير دائما بمدى خطورة هذه المظالم، وما هي حقيقة خطر الفوضى، ولكن إذا كانت التدابير المدعومة من صندوق النقد الدولي تحمل المخاطر، فإن تأخيرها له نفس التأثير أيضا. الوكالة الأمريكية، المتخصصة في الشأن الاقتصادي، لفتت إلى الخلاف مع المملكة العربية السعودية، الأمر الذي أثار الشكوك بشأن قدرة الحكومة على تأمين مصادر أخرى للأموال، والتي يصر صندوق النقد الدولي على أن يكون مكملا للإقراض الخاصة به. وأكدت أن ذلك قد يزيد إلى حالة الاستياء العام من الحكومة، وخاصة بعد فرض ضريبة القيمة المضافة الجديدة ورفع أسعار الكهرباء بنسبة 50% تقريبا. رضوى السويفي، رئيس قسم الأبحاث في "فاروس" القابضة، قالت إن "الشركات التجارية تتهرب من ضغط الرأي العام عن طريق خفض الأسعار على بعض المنتجات الأساسية التي لا يكون لها تأثير كبير عليهم. فهم لا يستطيعون خفض الأسعار عبر محافظهم الاستثمارية"، ولذلك فإن حملة خفض أسعار المواد الغذائية يكون لها تأثير ضئيل. رضا أغا، كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا لدى "في.تي.بي كابيتال" في لندن، قال إنه حتى لو أن السيسي وكريستين لاجارد يرون الأشياء بشكل مختلف، فإن برنامج صندوق النقد الدولي سوف يتم. وذلك لأنه لا يمكن السماح لبلد، يبلغ عدد سكانه أكثر من 90 مليون نسمة، بالانهيار في حالة من الفوضى، "لا أحد يريد أن تسقط مصر".