اختتمت مساء أول من أمس (الخميس) 7 أحزاب ألمانية حملاتها الإعلامية الشرسة، استعدادا لتوجه الناخبين يوم الأحد المقبل لمراكز الاقتراع لانتخاب أعضاء البرلمان الثامن عشر. ويشارك فى هذه الانتخابات عديد من المهاجرين من أصول عربية، سواء كناخبين أو كمترشحين، ومن بين أولئك المترشحين للفوز بمقعد داخل البرلمان الألمانى (بوندستاج)، هالة كندلبيرجار، ذات الأصول المصرية، وبنيامين فايس ذو الأصول التونسية، وعلى الديلانى ذو الأصول اليمنية. ولفد وُلدت هالة كندلبيرجار ودرست فى مصر لتهاجر عام 1998 إلى ألمانيا لتلتحق بزوجها الألمانى. قررت كندلبيرجار خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة كمرشحة باسم حزب الخضر فى مدينة بوتسدام، بعد تجربة كبيرة فى مجال الاندماج والاهتمام بقضايا المهاجرين. وترغب هالة فى «خدمة قضايا المهاجرين خصوصا فى ما يتعلق بدروس تعلم اللغة الألمانية وفرص العمل»، كما قالت فى حوار معها. وتحظى كندلبيرجار بدعم من زوجها ومن العديد من الأصدقاء الذين نصحوها بالدخول إلى حزب سياسى لمواصلة المشاريع التى أسهمت فى إطلاقها على رأس برلمان الأجانب فى مدينة بوتسدام. ويبلغ بنيامين فايس، 28 عاما، وهو مرشح باسم حزب الخضر، وعن الأسباب التى دفعته إلى خوض هذه التجربة يقول فايس: «قررت الترشح لأننى أظن أن ألمانيا فى حاجة إلى تغيير خصوصا فى ما يتعلق بالعدالة الاجتماعية التى يجب دعمها بشكل أكبر، كما يجب رفع الأجور المتدنية التى يحصل عليها عديد من العمال، وهدفى هو تحقيق تلك الأمور». رغم أن السياسى الشاب فايس ينحدر من أصول مهاجرة، فإن البرنامج الذى يسعى لتحقيقه لا يقتصر على المهاجرين فقط، لأنه «منفتح على كل الثقافات ومع المساواة فى الفرص للجميع بغض النظر عن أصولهم خصوصا فى مجال التعليم» على حد تعبيره. وأما على الديلانى، البالغ من العمر 32 عاما، فإن اتخاذه خطوة المشاركة فى الانتخابات البرلمانية القادمة كمرشح باسم حزب اليسار أملتها عديد من الدوافع، وفى هذا الصدد يقول: «جئت إلى ألمانيا قبل ثمانى سنوات رفقة أسرتى كلاجئين سياسيين، فتجاربى كابن لرجل سياسة ومعاناتى فى سوق الشغل فى ألمانيا هى التى دفعتنى إلى الانضمام إلى حزب سياسى يسارى ألمانى». وعلى عكس بنيامين فايس فالديلانى يسعى بالدرجة الأولى إلى تحقيق بعض المكاسب للألمان من أصول مهاجرة تماما كهالة كندلبيرجار، ويرى بأن الألمان من أصول مهاجرة «يتحتم عليهم التعبير عن آرائهم السياسية والمشاركة فى العملية السياسية بشكل فعال». وفى حوار مع سيلفيا لورمان وزيرة التعليم والتكوين فى ولاية وستفاليا شمال الراين حول أهمية المشاركة السياسية للمهاجرين فى ألمانيا، تدافع الوزيرة من حزب الخضر على حق مشاركة المهاجرين فى الانتخابات للمساهمة فى تدبير شؤونهم. وبدورها تشدد الباحثة فى العلوم السياسية فى جامعة برلين الحرة، هدى صلاح، على أهمية مشاركة الألمان من أصول عربية فى الانتخابات الألمانية كمنتخبين أو كمترشحين «لأنهم جزء من المجتمع الألمانى ومن خلال مشاركتهم فى العملية السياسية يؤدون حقهم وواجباتهم تجاه دولة ألمانيا» على حد تعبيرها. ولكن عدد الألمان من أصول مهاجرة بشكل عام ومن الأصول العربية بشكل خاص، قليل جدا داخل الأحزاب السياسية الألمانية، وهو ما يُرجعه السياسى الشاب على الديلانى إلى «الاعتراف المتأخر بالمهاجرين كمواطنين ألمان». فالمجتمع الألمانى والأحزاب السياسية كانوا ينظرون إلى المهاجرين ك«زائرين» سيرجعون إلى بلدانهم الأصلية بعد نهاية عقود عملهم. أما هالة كندلبيرجار فتُرجع ذلك إلى عدة عوامل. فى هذا السياق تقول: «أولا الجالية العربية فى ألمانيا قليلة مقارنة مع الأتراك، إضافة إلى ذلك فغالبية العرب منشغلون بالحياة اليومية الخاصة وليس بالسياسة التى تحتاج إلى طاقة كبيرة وتضحية وصبر». وتنتقد هالة كندلبيرجار «ضعف ثقافة العمل التطوعى لدى الهاجرين من أصول عربية»، وأيضا «تشبع العديد منهم بالثقافة السلطوية التى تعتمد على الآخر دون أخذ المبادرة». ولا تقتصر أهداف السياسيين الألمان من أصول عربية على خدمة المجتمع الألمانى، بل تشمل أيضا بلدانهم الأصلية. فالمهاجرون العرب حسب هالة كندلبيرجار يمكنهم إفادة بلدانهم الأصلية بتجاربهم والمساهمة فى تقدمها عبر إنشاء مشاريع مشتركة. فبلدان كمصر وتونس التى لا تزال على وقع التحولات السياسية بعد الربيع العربى فى حاجة إلى دعم السياسيين الأوروبيين بشكل عام والألمان من أصول عربية بشكل خاص، كما يرى بنيامين فايس، وهى نفس الفكرة التى يتقاسمها معه كل من هالة كندلبيرجار وعلى الديلانى اللذين يركزان على أهمية التضامن مع شعوب العالم الثالث. ومن بين الوجوه الألمانية من أصول مهاجرة التى لفتت الانتباه مؤخرا فى الساحة السياسية الألمانية الشاب الألمانى المغربى الأصل يونس وقاس الذى تم انتخابه عام 2012 فى الهيئة القيادية للحزب الديمقراطى المسيحى، كما يشرف على التنظيم الطلابى لذلك الحزب فى ولاية تيرينغن. كما يعرف نفس الحزب مشاركة أول مرشحة مسلمة من أصول تركية تخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة باسم ذلك الحزب، وهو ما اعتبره العديد من المهاجرين كمؤشر إيجابى على نجاح سياسة الاندماج. كما يحظى السياسى الألمانى من أصول يمنية طارق محمد الوزير بشعبية كبيرة فى الساحة السياسية الألمانية، ويتقلد العديد من المسؤوليات داخل حزب الخضر.