أزمة مالية طاحنة وأسعار "الدولار" وراء تأخر وصول شحنات "البوتاجاز" كشفت الأزمة الحالية في إسطوانات البوتاجاز ونقصها بعدة محافظات عن مشكلة متفاقمة يحاول مسئولي البترول التغاضي عنها وعدم الإفصاح أو الإدلاء بأي تصريحات، خوفًا من رد فعل الرأي العام، وذلك بعد عجز هيئة البترول عن سداد مستحقات شحنات الغاز "البوتاجاز" المستوردة من الخارج، بالإضافة لعدم وجود سيولة مادية كافية في ظل ارتفاع أسعار الدولار بالسوق. وخوفًا من تفاقم الأزمة الحالية، لجأت شركات تعبئة البوتاجاز لاستخدام المخزون الإستراتيجي بمستودعات وفناطيس التخزين بالإسكندرية والسويس، لحين الاتفاق مع إحدى الدول المُصدرة لغاز البوتاجاز على توريد شحنات إضافية مع جدولة المستحقات وأبرزها السعودية وروسيا والجزائر. في حين لجأ البعض لشراء الإسطوانات من السرِّيحة الذين استغلوا الأزمة في بيع الإسطوانة الواحدة ب80 جنيه في ظل تواطؤ مسئولي التموين والجهات الرقابية عن آداء دورها. وعلى مدار نصف ساعة، عقد المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء اجتماعًا مُغلقًا مع المهندس طارق الملا وزير البترول، طالبه بضرورة القضاء على مشكلة نقص البوتاجاز في أقرب وقت ممكن، قائلًا: "مش هسمح بأي شكوى أو نقص في البوتاجاز". وعلى الرغم بعلم رئيس الوزراء بالأزمة المالية الطاحنة التي تعاني منها هيئة البترول في الوقت الحالي، والتي تعتبر أحد الأسباب الرئيسية في عدم وصول شحنات البوتاجاز من الدول المُصدرة للغاز البوتاجاز لعدم سداد قيمة المستحقات المطلوبة على البترول لصالح هذه الجهات، إلا أن تصريحاته لم تغير من الوقاع شيئًا، حيث عاودت أزمة البوتاجاز للظهور بتوحش خلال الفترة الحالية حتى أصبحت الأنبوبة حلمًا يستحيل على الكثيرين الوصول إليه - الأمر الذي يحتم معه إيجاد حلول جذرية للأزمة، خاصة وأن تجار السوق السوداء يحققون أرباحًا تصل إلى أكثر من مليار جنيه سنويًا في ظل تواطؤ عدد من المسئولين والأجهزة الرقابية. وتأتي أيضًا انتهاء الفترة الزمنية التي حددتها كلا من (الإمارات والسعودية) لتأمين احتياجات مصر من البوتاجاز أيضًا ضمن الأسباب الرئيسية للأزمة، والتي وصلت بها نسبة العجز على مستوى الجمهورية إلى20%، وذلك بعد زيادة كميات الضخ اليومي إلى مليون و200 ألف إسطوانة بوتاجاز. يذكر أن مصر تستورد 50% من احتياجاتها من البوتاجاز سنويًا، ويبلغ الدعم المخصص للبوتاجاز سنويًا نحو20 مليار جنيه سنويًا. من جانبه قال المهندس طارق الحديي رئيس الهيئة العامة للبترول: إن "قطاع البترول مستمر في ضخ مليون و100 ألف إسطوانة بوتجاز يوميًا للسوق في جميع المحافظات"، مضيفًا أن هناك متابعة على مدار الساعة بناءً على توجيهات المهندس طارق الملا، لكل المناطق والدفع الفوري بسيارات مُحملة بالإسطوانات للسيطرة على الاختناقات. ونفى "الحديدي" في تصريحاته ل"التحرير" وجود أزمة مالية بالهيئة، والتي أدت إلى لوقف وصول شحنات غاز البوتاجاز للموانئ، مؤكدًا أن هناك انتظامًا في الإنتاج المحلي، والشحنات المستوردة من الخارج، مشيرًا إلى أن المخزون الإستراتيجي في المستوى الآمن ويكفي فترات طويلة. وأشار رئيس الهيئة العامة للبترول إلى أن ما تم ضخه خلال ال10 أيام الماضية يزيد عن الخطة المقررة يوميًا، منوهًا إلى أن مصانع التعبئة الخاصة بالبوتاجاز ستعمل طوال فترة العيد لتلبية جميع احتياجات المحافظات. وفي سياق متصل اتهم المهندس عادل الشويخ، رئيس شركة بتروجاس، عناصر تابعة لجماعة الإخوان المسلمين من أصحاب مستودعات البوتاجاز بمناطق كرداسة وصفط اللبن وبولاق الدكرور وأرض اللواء وعين الصيرة والمرج، بأنهم وراء تفاقم الأزمة بعد قيامهم ببيع الإسطوانات للسريحة والسوق السوداء لتحقيق أرباح ومكاسب عالية. وأكد "الشويخ" في تصريحات صحفية له، أن جميع مصانع التعبئة تعمل بكامل طاقتها خلال الفترة الحالية، وأنه تم وضع خطة مع اللجنة الرباعية المشكلة مع وزارة التموين لمواجهة الأزمة الحالية والتغلب عليها، لافتًا إلى أنه تم الدفع بسيارات إضافية مُحملة بالإسطوانات للمناطق سالفة الذكر.