هل كان لا بد أن نرى بوادر الخلل فى توفير البنزين والسولار، حتى نتحرك ويتم استبعاد رئىس هيئة البترول وعدد من قياداتها، ولنبدأ التحقيق فى ما إذا كان التقصير متعمدًا فى هذه الظروف؟! وهل كان لا بد أن تقع مأساة رجال الشرطة فى أسوان حتى نكتشف الخلل هناك، ونبعد مدير الأمن، ونبدأ فى معالجة الموقف الخطير هناك؟! أعرف أن الظروف صعبة، ولكننا فى ظروف حرب لا ينبغى أن نكون فيها قابعين فى دائرة الفعل، ولا ينبغى أن نحارب وظهرنا مكشوف ومعرض للطعن من عناصر ما زال ولاؤها للنظام الفاشى الذى أسقطه الشعب. لا نتحدث هنا عن انتقام أو حتى تطهير، بل نتحدث عن تأمين للأوضاع تضمن حماية الوطن ونحن نحارب معركتنا الفاصلة ضد الإرهاب، ونتحدث عن تصحيح لأخطاء وجرائم ارتكبها حكم الإخوان فى سعيه المجنون للسيطرة على مؤسسات الدولة، وأظن أننا ما زلنا نذكر حديث الإخوة فى حزب «النور» عن أكثر من 13 ألف كادر إخوانى تم زرعهم فى الوظائف الأساسية بالدولة خلال بضعة أشهر. أعرف أن هناك جهودًا تبذل لمعالجة الموقف، ولكنها تحتاج إلى دفعة أكبر، خصوصا أن البيانات متوفرة، والجرائم التى تمت بهذا الصدد فى كل المجالات واضحة، والظروف لا تسمح لدولة فى حالة حرب أن تترك ظهرها مكشوفًا. لقد كانت عملية «الأخونة» من الفجور، بحيث جعلت الجميع يدركون حجم الخطر على كيان الدولة إذا استمر النظام الفاشى، ولولا المقاومة الشجاعة من كل فئات الدولة لكانت الكارثة أعظم، ومع ذلك فإن ما وقع بالفعل كان مروعًا، وحين يقول وزير التربية والتعليم قبل أيام إن «الإخوان» استطاعوا فى عام حكمهم البائس الإجهاز على 20٪ من العملية التعليمية، فعلينا أن ندرك حجم الجريمة التى وقعت، وحجم الكارثة التى كانت ستحدث لو استمر هذا الحكم الفاشى لشهور أخرى وليس لسنوات!! نعرف جيدًا كيف كانت السيطرة الكاملة على القضاء والإعلام فى مقدمة أهدافهم، وكيف حاولوا تطويع الشرطة والتسلل إلى القوات المسلحة، ونعرف كيف كانوا يخططون لتجميع عصابات الإرهاب فى جهاز تحت سيطرتهم لفرض الفاشية والتخلص من كل المعارضين.. بنفس الطريقة «السلمية!!» التى تتبعها هذه العصابات الإرهابية وهى تقتل الجنود والمدنيين فى سيناء وفى أنحاء مصر تحت أعلام القاعدة السوداء، وبمباركة الراعى الأمريكى وحلفائه الأوروبيين وأذنابه فى تركيا وقطر!! الوقاحة التى تمت بها عمليات «الأخونة» تسهل عملية الإصلاح وتتطلب الإسراع بها، لقد رأينا مساعدى ميكانيكية يديرون شركات ويتولون مسؤوليات!! ورأينا «المقاولون العرب» تنتقل من كفاءة بوزن إبراهيم محلب إلى واحد كل مؤهلاته أنه كان صديقًا للمشلوح مرسى!! ورأينا منابر المساجد يحتلها الجهلة والمتطرفون بعيدًا عن الأزهر الشريف وعلمائه الأجلاء!! ورأينا كوادر التنظيم الإرهابى يتحولون إلى مستشارين يملؤون الوزارات ويحتلون المواقع الأساسية فى المحليات، ويرتكبون من الفساد ما تجاوز فساد النظام الأسبق فى عشرات السنين!! تصفية ما تم من عملية «الأخونة» أمر مهم وضرورى، وبالأمس رأينا التشكيل الجديد للمجلس القومى لحقوق الإنسان برئاسة المناضل الكبير الأستاذ محمد فايق، وعضوية نخبة ممتازة نثق فى أنها ستؤدى دورها على أكمل وجه فى هذه المرحلة الحاسمة، ولا شك أن ذلك يذكرنا بالتشكيل السابق للمجلس، والذى يكفى وحده لإيداع المشلوح مرسى السجن بتهمة إهانة مصر وإهانة حقوق الإنسان فى وقت واحد!! لا نريد الانتقام بل التصحيح، ولا نريد إلا أن نضمن أن ظهورنا غير مكشوفة ونحن نخوض حربنا الحاسمة ضد إرهاب يريد تدمير الوطن.