هى أجمل العائدات إلى دراما رمضان هذا العام هذا دور لا يليق إلا بمعالى زايد التى تشبه قطعة السكر فى مسلسل يحمل كمًّا لا يستهان به من المرارة. الست «دولت» التى ترتدى الأسود كثيرًا، وفى نفس الوقت لا تتردد أبدًا فى إلقاء الإفيهات عندما يحكم الموقف، ليست متناقضة، لكنها حقيقية وصادقة وأم. معالى زايد واحدة من صف طويل من الشخصيات المهمة فى المسلسل المهم «موجة حارة»، لكنها حبّة الكريز الوحيدة.. مَن يمكنه أن ينكر ذلك؟! دولت سيدة فقدت ابنها، وتحاول أن تعطيه حقّه من خلال الحزن الأبدى الذى لا يغادر نظرة عينيها، ومن خلال الأسود الذى لا تستريح إلا عندما ترتديه ظنًّا منها أنها لو غادرت هذا اللون سوف تشعر أنها خانت الشاب الصغير، لكنها فى نفس الوقت لم تنسى أن لديها سيد ونبيل، الأول تعنّفه بحكمة عندما خان مهنته كضابط شرطة وعذّب مواطنًا، والثانى لم تتردد فى طرده من المنزل حينما خانها لسانها، واتهمته بالإلحاد. تؤدّى معالى زايد الدور وتقول للجميع مع كل ابتسامة، وكل ونظرة «هكذا يكون التمثيل»، لا مثلما يفعل هؤلاء الذين يرددون النص كأنهم يتخلّصون من حمل ثقيل، أو كأنهم فى امتحان يريدون أن ينتهوا منه سريعًا قبل أن ينسوا ما حفظوه. عزة فى مسلسل «الحاوى»، ونوسة عنبر فى مسلسل «حلم الجنوبى»، وآمال فى مسلسل «حضرة المتهم أبى»، بعض من نماذج قدمتها معالى زايد فى الدراما التليفزيونية، كانت تحوى قدرًا كبيرًا من الجدية وخفة الدم والتلقائية، إنها التركيبة التى تجيدها معالى زايد، وتخرج منها بلا مجهود، «دولت» أيضًا من الشخصيات التى ستعيش كثيرًا، شاهدها وهى تسخر من شاهندة زوجة ابنها سيد، كانت تجيد حركات ونبرة صوت الزوجة الأرستقراطية الشابة بطريقة ربة منزل، حياتها موزعة بين الصالون والمطبخ، فخرج المشهد القصير ضمن الحلقة العاشرة من المسلسل بطريقة كوميدية بسيطة وممتعة، وشاهدناها كثيرًا فى البيوت المصرية الحقيقية، وليست تلك الطريقة التى صدّرتها لنا الدراما المتسهلكة على مدار سنوات. الأمومة والأنوثة والشراسة والعصبية والحنان والشخصية القيادية التى تتحمل مسؤولية بلد بحاله لا بيت فقط، إنها الصفات التى تميّزت بها معالى زايد، والتى استغلها المخرجون جيدًا منذ أواخر السبعينيات وحتى منتصف تسعينيات القرن الماضى، حيث كان العصر الذهبى لمعالى زايد فى السينما، وقدمت مجموعة من أبرز الشخصيات الكوميدية والرومانسية.. والغاضبة دومًا، صاحبة الخلق الضيق، الذى سرعان ما يتسع بعد أول كلمة حلوة تسمعها. كان يمكن للمخرج محمد ياسين أن يستسهل ويستعين بممثلة أخرى من الوجوه المحفوظة لدور أم سيد ونبيل العجاتى، لكن اختياره معالى جعل الجمهور يلتفت إلى «دولت» ويتابع تصرفاتها، بدلًا من أن يمر الدور مرور الكرام، فتركيبة الأم لهذين الرجلين كان ينبغى أن تكون شخصية عقلانية، وأن تكون ذات قوة وإصرار، كى تستطيع السيطرة على الشابين بعد وفاة الوالد. معالى زايد التى قدمت ما يزيد على الثمانين عملًا على مدار تاريخها واحدة من العائدات لدراما رمضان هذا العام، وهى فى الحقيقة من أجملهن، فالشاشة كانت تفتقدها فى مثل هذه النوعية من الأدوار، فدولت لا تظهر كثيرًا ضمن الحلقات، لكن ذلك الظهور العزيز، هو ما يجعلنا نتعلق بالشخصية أكثر، فهى واحدة من الممثلات القلائل اللاتى يسهمن فى الارتقاء بالمشهد، وفى الارتقاء بالممثل الذى يتشارك معهن الحوار، إذن فختم الجودة تحمله معالى زايد معها أينما حلّت، هى باختصار ممثلة ليس على أدائها غبار، فمهما كان مستوى الأعمال التى تختارها فأنت تضمن أداءها فى التمثيل الذى اختبرته كثيرًا، فما بالك لو كانت هى ضمن فريق عمل جيد ومختلف مثل «موجة حارة».. إذن فلا مفر من المشاهدة، فمَن سيقاوم ضحكة معالى زايد؟!