حدّد وزير الدفاع البريطانيّ السابق، ليام فوكس، موعدًا أقصاه 1 يناير 2019، ليكون هو الموعد النهائي لخروج بريطانيا نهائيًا من الاتّحاد الأوروبي في حالة تولّيه منصب رئيس الوزراء البريطاني. وقال "فوكس" في حواره مع صحيفة "صانداي تليجراف" اليوم الأحد: إنه "إذا تم انتخابه رئيسًا قادمًا للوزراء فسوف يعمل على زيادة شُحنات الأسلحة الدفاعية، ودعم البحرية البريطانية". وتابع الوزير السابق الذي كان من أشد المؤيدين لحملة خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي "يجب علينا أن ننفق أكثر على أمننا القومي، ولذلك فنحن نحتاج لأن نشتري ضمانات في هذا العالم الخطر الذي نعيش فيه، فأنا أرغب في زيادة النفقات على المنظومة الدفاعية، وسوف يكون لهذا الأولوية لي". وأكد فوكس الذي يقبع في المركز الثالث بعد كل من تيريزا ماي وأندريا ليدسوم في سباق التنافُس على رئاسة حزب المُحافظين، "أن استفتاء الاتّحاد الأوروبي غيَّر من جميع القواعد"، واصفًا إيّاه "بزلزالٍ" في أنظمة بريطانيا السياسية، وكانت تيريزا ماي وزيرة الداخلية في حكومة المحافظين البريطانية، هي الأقرب حتى الآن لخلافة كاميرون في رئاسة الحزب وتولّي منصب رئيس الوزراء، حيث حصلت (ماي) على تأييد أكثر من سبعين نائبًا من نوّاب الحزب في مجلس العموم بمن فيهم الوزراء كريس جرايلينج وجاستين غرينينغ وديفيد مونديل ووزير الدفاع مايكل فالون ووزير النقل باتريك ماكلوفلين. بالإضافة إلى أندريا ليدسوم وزيرة الطاقة البريطانية، وستيفن كراب وزير العمل والمعاشات البريطاني، ومايكل غوف وزير العدل البريطاني، الذين يتنافسون على منصب رئيس حزب المحافظين. وللمرشحين الخمسة مهلة تنتهي يوم الثلاثاء المقبل لشحذ أكبر قدر ممكن من التأييد من النواب المحافظين ال329 في مجلس العموم قبل إجراء الجولة الأولى من التصويت التي ستشهد خروج المرشح الذي يفوز بأقل عدد من الأصوات، وهكذا حتى لن يبقى إلا مرشحين اثنين، وعند ذلك يأتي تصويت يشارك فيه أعضاء الحزب في كل أرجاء البلاد، على أن يُعلن اسم المُرشح الفائز في التاسع من سبتمبر. يأتي هذا بعد أن أعلنت بريطانيا نتيجة استفتاؤها الذي جرى يوم الخميس الموافق 23 يونيو، وفاز فيه معسكر الخروج من الاتّحاد الأوروبي بنسبة 52% تقريبًا. وكان ديفيد كاميرون أعلن بعد نتيجة الاستفتاء نيّته تقديم استقالته من منصب رئيس الوزراء بحلول شهر أكتوبر المُقبل، وأوضح في إفادة أمام البرلمان البريطاني، أن بريطانيا لن تلجأ إلى استخدام المادة 50 من معاهدة لشبونة حول بدء المفاوضات بشأن الخروج من الاتّحاد الأوروبي في الوقت الحالي. وقال "كاميرون": "قبل اللجوء إلى المادة 50 علينا أن نحدد ما هي العلاقة التي نريد أن تربطنا بالاتّحاد الأوروبي، ونحنُ لدينا وقتٍ كافٍ لتحليل هذا الموقف ومن ثم اللجوء إلى مثل هذه المادة". ولكن ماذا تعني المادة 50 من معاهدة لشبونة؟ تحدد "المادة 50" من معاهدة لشبونة سبل انسحاب إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشكل طوعي ومن طرف واحد "وفقًا للمتطلبات الدستورية الخاصة بها"، وهو حقٌ للأعضاء لا يتطلب استخدامه تقديم أي تبرير له، كما هو الحال الآن بالنسبة لبريطانيا التي قررت -بناءً على استفتاء شعبيّ نظّمته يوم الخميس الموافق 23 يونيو - الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وفي حالة بريطانيا الآن، ورغم وجود المادة 50 التي تُمثل إطارًا قانونيًا لترتيب الانفصال بين الاتّحاد الأوروبي وأحد أعضائه، فإنّ عدم تطبيقها عمليًا من قبل يثير أسئلة كثيرة حول المفاوضات المطلوب إجراؤها لتحديد علاقة جديدة بين الاتحاد وبريطانيا، ومن تلك الأسئلة مثلًا، هل يتعين تحديد هذه العلاقة الجديدة منذ اتفاق الانسحاب؟ أم يجدر إجراء المفاوضات على مسلكين منفصلين؟ ويعتقد كثيرٌ من المراقبين أنّ إقامة علاقات تجارية جديدة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي ستستغرق وقتًا طويلًا، ويخشون أن يشوب التعقيد ترتيب هذه العلاقات مما سيعطّل ملفات الاقتصاد والشؤون الأوروبية على مختلف الأصعدة. ماذا بعد الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي؟ بشأن سيناريوهات ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد، يشير المراقبون إلى أن السيناريو الأسهل يقضي بانضمامها إلى آيسلندا أو النرويج، كعضو في "الفضاء الاقتصادي الأوروبي"، مما سيمنحها منفذًا إلى السوق الداخلية، لكن ذلك سيُحتم على لندن احترام قواعد هذه السوق الملزمة دون أن تكون شاركت في صياغتها، كما سيُرتب عليها تسديد مساهمة مالية كبيرة. ومن الخيارات الأخرى المطروحة أمام لندن اتباع النموذج السويسري في العلاقة مع الاتحاد، أو إبرام اتفاق تبادل حر بينهما، أو إقامة وحدة جمركية معه على غرار ما فعلته تركيا. وعلى كلٍ، ينبغي على الطرفين أن يتفاوضا بشأن وضع حوالي مليوني بريطاني يقيمون أو يعملون في دول الاتحاد، ولا سيما حقوقهم في التقاعد وحصولهم على الخدمات الصحية في هذه الدول، وتقول الحكومة البريطانية: إن "التفاوض بشأن هذه الحقوق سيتم على قاعدة المعاملة بالمثل لرعايا الاتحاد الأوروبي في بريطانيا". أمّا بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فإنه يحتاج للمسارعة بسد فجوة حجمها سبعة مليارات يورو في ميزانيته السنوية البالغة 145 مليار يورو حتى عام 2020، وهو موعد فقده مساهمات بريطانيا التي سيوفرها من المبالغ التي يحصل عليها البريطانيون من حسابات الاتحاد. وسيحتاج الاتحاد أيضًا إلى أن يوضح في أقرب وقت ممكن- وضع الشركات والأفراد الذين يستخدمون حقوقهم بموجب العضوية فيه للتجارة والعمل والعيش على جانبي الحدود الجديدة بين بريطانيا والاتحاد، كما سيسعى زعماء الاتحاد إلى استعراض سريع للوحدة في مواجهة المشككين في جدوائية عضويته من أبناء الدول الأعضاء الأخرى، والذين ستدفعهم نتائج استفتاء بريطانيا للمطالبة باستفتاءات مشابهة. يُشار إلى أن الحكومة البريطانية ستعرض نتيجة استفتاء الانسحاب من الاتحاد الأوروبي على برلمان بلادها لرفضها أو قبولها، ونظريًا بإمكان النواب رفضها، لكن هذا الخيار يبقى صعبًا على مستوى التطبيق لأنه سيعتبر معارضًا للإرادة الشعبية.