ليس لنا من خيار سوى إتمام الانتصار، كما أننا لا نملك ترف الفشل أصلا.. ففى الثلاثين من الشهر الماضى هزم شعب مصر بوعى واقتدار وبسرعة وقوة ليس لهما مثيل فى تاريخ الإنسانية، مشروع الطائفية والفاشية والخراب المستعجل الذى حاولت جماعة الشر السرية مع باقى حلف الإرهابيين والمجرمين والقتلة، تشييده على جثة هذا الوطن دولة ومجتمعا. واليوم بعد أن تشكلت وزارة (رغم أى اعتراضات أو ملاحظات على بعض من تولى حقائب فيها، خصوصا الثقافة) تضم كفاءات وقامات رائعة زيَّنتها وجعلتها تبدو الحكومة الأفضل منذ عقود طويلة، نستطيع أن نقول إننا أمسكنا فعلا وخطوْنا لأول مرة على مطلع طريق الألف ميل، كما صار من حقنا، بل من واجبنا أن نطمع ونطمح ونتطلع إلى إنجاز مهام مرحلة انتقالية رشيدة، حُرم منها المصريون عمدا وبالخداع والتدليس عندما جرى نشل ثورة 25 يناير منهم، وبدد الفاشيون المجرمون أهدافها وسحقوا أجمل أحلامها وحولوها إلى كوابيس مخيفة. اليوم لا بد وأن ندرك ونعى جميعا أن العصابة المدحورة والحلف الشيطانى الذى تقوده، يرقصون هذه الأيام رقصة الموت الأخيرة قبل الذهاب إلى الجحيم الأبدى ودفن جيفهم العفنة فى مقبرة، أو بالأحرى مزبلة التاريخ، لكنهم وهم مساقون عميانا إلى مصيرهم الأسود وقدرهم المحتوم لن يكفوا عن الأذى ولن يتوقفوا طوعا عن التهور واقتراف آيات معجزات من أسوأ وحط ممارسات البلطجة والهمجية، والتحليق بعيدا جدا فى أعلى سماوات الجنون الإجرامى.. فكما عاشوا مثل الأبالسة والشياطين سيموتون ويقبرون على الحال نفسها. بمعنى آخر، كل تلك العربدة الدموية وكل هذا التوحش والتخريب الذى تقترفه قطعان الهمج الجوالة هذه الأيام فى شوارع وساحات البلاد ليس فيه ما يدعو للدهشة والعجب، ولا يجب أن يكون مصدرا للقلق أو داعيا لليأس والقنوط أبدا، وإنما العكس تماما هو المطلوب، أى أن تزيدنا هذه الشرور والارتكابات الإجرامية صلابة وإصرارا على النجاح وإكمال طريق الانتصار وبناء وطن تمنيناه عزيزا متقدما وحرا، يزهو بالحق والعدل والخير والجمال، وليكن واضحا أننا الآن ندفع ثمن انعتاقنا وخلاصنا النهائى من عصابات لا يفوق بشاعتها وإجرامها واستعدادها الدائم للخيانة، إلا جهلها وغباوتها وظلام عقولها. صحيح أن الثمن قد يبدو غاليا ومضمخا برائحة دماء ذكية ومواكب شهداء أبرياء تنخلع قلوبنا حزنا على فراقهم، غير أن ما نشتريه ثمينا حقا ونبيلا وعظيما ويستحق.. فنحن ندفع ونضحى، لكى ننقذ وطننا ونبنى مستقبلنا ومستقبل أولادنا، ومن ثم فليس كثيرا أن نحتمل ونصبر على البلاء والسفالة والإجرام، قليلا وإلى حين. وحتى تحين ساعة الحساب ويحل موعد إقامة العدل الناجز وإنزال العقاب المناسب على الآثمين الأشرار قريبا إن شاء الله، فإن يقظتنا ووحدتنا دولة وجيشا ومجتمعا، والعض بالنواجز على أسباب تماسكنا وتعاضدنا، هو الواجب الوطنى والأخلاقى الأعظم والأهم، وهو الأولى بالعناية والرعاية، مهما اختلفت زوايا الرؤيا وتباينت العقائد والآراء.