حيويته فى الأداء التمثيلى تجعلك تتمنى أن لا يغادر الشاشة فور أن ظهرت شخصية المدعو عبد المجيد «of course»، كنا كلنا ننادى «ذات» من أمام الشاشات، أن تبتعد فورا، فهذا الرجل لا يليق بها، وسوف يرمى لها أحلامها فى أول سلة مهملات، ويرمى معها أحلامنا التى حلمناها لها. لكن للأسف أصبحت الفتاة الرقيقة الجميلة والخائفة أيضا، زوجة هذا الرجل الذى يمتلك كما هائلا من العيوب، ليس أقلها أنه يرتكب أخطاء فادحة، حيث يتحدث لغة «الإنجلش». السيد عبد المجيد لديه كرش ليس هينا، ويبدو ساذجا وكاذبا، ومخادعا، وتقليديا، ويكره التغيير، ولا يفهم شيئا عن الطموح سوى طموح المال فقط، وكل هدفه هو أن يكبت أحلام الزوجة الشابة، وكان أولها أن جعلها تترك دراستها من أجله، هو أيضا لا يفهم شيئا من ذات سوى «شكلها فقط». هذه بعض من صفات السيد «المرتاح» ماديا صاحب الشقة اللقطة رغم أنها إيجار اللى فى مصر الجديدة، والتى شهدت بداية حياته مع «ذات» فى عام 1973، لماذا بدأ عبد المجيد مستفزا إلى هذا الحد؟ ولماذا يا «ذات» هذا الرجل دون غيره؟ ولماذا لم تترك أهله له؟ كل هذه الأسئلة وأكثر فجرتها طلة باسم سمرة غير العادية فى مسلسل «بنت اسمها ذات» الذى تعرضه قنوات «دريم». العمل الذى بدا مدهشا فى تفاصيله منذ اللقطة الأولى، مع ظهور عبد المجيد زادت جرعة الكوميديا، والإثارة به، فالشخصية تثير لديك الامتعاض، والسخرية، والضحك، والحزن، وتجعلك تتحفظ على وصفه بالشرير، ولا تجرؤ أيضا أن تقول إنه راجل طيب.. لا أحد غير باسم سمرة كان يمكنه أن ينجح فى تقديم مثل هذه التركيبة. باسم سمرة ليس بحاجة إلى دورات للتدريب، كى يتعلم كيف يؤدى، وليس بحاجة إلى متابعة كل جديد فى السينما كى يظهر أداؤه بهذا الإتقان.. قد يكون هذا كلاما خاطئا، لكنه ما نشعر به حينا نشاهد هذا الرجل وهو يذوب فى أدواره، حتى يتماهى معها تماما، ليؤكد لنا أن موهبته بلا حدود، وأنه ممثل لا يوجد منه كثير. قد يكون دور عبد المجيد هو الأكثر مشاهدة لباسم سمرة هذا الموسم، لكن هذا لا يمنع أن يبدع أيضا عبر قناة «mbc» من خلال شخصية «فارس أنتيكا»، حيث يؤدى بصدق مماثل شخصية تاجر الآثار وصاحب الملهى الليلى الذى يضرب الفتيات اللاتى يعملن معه بتهور فى مشهد وفى لقطة أخرى من نفس المشهد وبعد مرور بضع ثوان، يتحول إلى عاشق، رقيق وشبه مهذب، يتحدث بهدوء وحنان، والغريب أن مشاهدى مسلسل «آسيا» ينتظرون طلة فارس أنتيكا بفارغ الصبر رغم سلبياته الكثيرة، لكن حيوية أداء باسم سمرة للشخصية تجعل الرغبة فى الاستمتاع بفن التمثيل تتفوق. عشرون عاما تقريبا هى عمر خبرة باسم سمرة بالسنوات التى يعرفها الجميع، لكن خبرته فى الأداء التمثيلى التى نلمسها بأنفسنا تتعدى أضعاف هذا العمر، فغيره يحتاج إلى أضعاف العشرين عاما هذه كى يتقن لفتة من لفتاته التى تكون دوما فى محلها، ومع ذلك قد لا ينجح. ورغم أن باسم دخل المجال الفنى منذ بداية التسعينيات وأثبت جدارته فى الأدوار التى أسندت إليه وقتها، فإن انطلاقته جاءت عام 2006 بدور عبد ربه فى فيلم «عمارة يعقوبيان». يحاول باسم من جهته أن ينوع فى أدواره لكن صناع الدراما غالبا يضعونه فى خانة معينة، فلا يوجد كثيرون منهم يعترفون بوسامة الأداء، هو مثلا لديه طلة ثالثة فى دراما هذا الموسم من خلال شخصية عسلية الابن الأكبر لسوسن بدر فى مسلسل «الوالدة باشا»، وهو يتحول تدريجيا إلى بلطجى بسبب الفقر، والحاجة، حيث لا يجد طريقة يدافع بها عن أسرته فى الحارة سوى ادعاء القوة، وممارسة العنف. تظل شخصية عبد المجيد هى الأقوى والأكثر ثراء ضمن أدوار باسم سمرة فى هذا الموسم الدرامى، وعلى صناع الدراما أن يدركوا قيمة هذا الرجل، وأن يجربوا موهبته فى مناطق أخرى غير تلك التى كاد يسجن بها.