قررت الدائرة الأولى فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، بمجلس الدولة، برئاسة المستشار الدكتور عبد الفتاح أبو الليل، نائب رئيس مجلس الدولة، نظر أولى جلسات الطعن المقام من الحكومة، الأحد المقبل، 26 يونيو، على بطلان حكم محكمة القضاء الإدارى بعدم الاعتداد باتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، واستمرار السيادة المصرية على جزيرتي صنافير وتيران، والقضاء مجددا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا واحتياطيا برفض الطعن. وتقدم المستشار، رفيق عمر الشريف، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة،اليوم الخميس، رسميًا بصفته وكيلًا عن رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، ووزير الدفاع، ووزير الخارجية، والداخلية، بصفتهم بطعن أمام المحكمة الإدارية العليا واختصم فيه خالد علي، وعلي أيوب، ومالك عدلي، المحامين، و179 آخرين. حمل الطعن رقم 74236، لسنة 62 قضائية عليا، وذكر أن محكمة القضاء الإدارى أصدرت حكمها بمخالفة صريحة للقانون خاصة أن الدعويين اختصما رئيس مجلس النواب، ومن حيث أن رئيس مجلس النواب لا صفة له فى الدعويين ومن ثم يتعين عدم قبول الدعويين فى مواجهته وتكتفى المحكمة بالإشارة إلى ذلك فى الأسباب دون المنطوق. وجاء فى الطعن: "أنه بتاريخ 9 ابريل 2016 أعلن عن توقيع أتفاق مبدئى بين حكومتى جمهوية مصر العربية والمملكة العربية السعودية والتى تنص على إعادة جزيرتى تيران وصنافير إلى المملكة السعودية بناء على ما انتهت إليه محادثات كثيرة بين لجان متخصصة والحكومات بين البلدين، واستقرو على أن عودة الجزيرتين لا تحدث إلا من خلال اتفاقية جديدة لإعادة ترسيم الحدود بين الدولتين والذى تطرق إلى تحديد إحداثيات إعادة الترسيم وأوقف على ضرورة موافقة مجلس النواب عليه شرطا لازما لإعماله سابقا على تصديق رئيس الجمهورية عليه لبدء تطبيقه". وأضاف الطعن أن المطعون ضدهما قاما باللجوء إلى القضاء لإلغاء الاتفاقية على الرغم من أنه اتفاق مبدئى غير متكامل، ولكون الخصومة قد تم عقدها على خلاف ما يوجبه القانون من شروط لقبول الدعوى أمام مجلس الدولة، فضلا عن تعليق موضوعهما بعمل من أعمال السيادة التى تخرج من اختصاص المحكمة ولائيا التى أقيمتا أمامهما. وقد قامت هيئة قضايا الدولة بالدفع بعدم اختصاص المحكمة فى إحدى جلسات المرافعة، واستشدت بحكم سابق صادر من ذات المحكمة عام 2015، والخاص باتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص بأن محاكم القضاء قد استقرت على أن أعمال السيادة هى تلك الأعمال التى تباشرها الحكومة باعتبارها سلطة حكم فى نطاق وظيفتها السياسية. وأوضح الطعن، أن هذه الأعمال لا تمتد اليها الرقابة القضائية لأن ضوابط ومعايير الفصل فى مشروعيتها لا يتهيأ للسلطة القضائية، ولما كان هذا الاتفاق ينظم علاقة البلاد مع قبرص الأمر الذى يندرج فيه أعمال السيادة التى استقر إليها القضاء فلا ينعقد له اختصاص بنظر النزاعات المتعلقة بها، وبذلك فى النزاع الماثل يخرج من نطاق الاختصاص الولائى للمحكمة. وأكد الطعن، أن الدستور والقانون ألزم القضاء بعدم التدخل فى أعمال السيادة خاصة وأنه أوكل إلى رئيس الجمهورية إبرام الاتفاقيات والمعاهدات وباختصاص مجلس النواب بمراجعتها وقبولها أو رفضها، وتعد هذه الاتفاقيات والمعاهدات من أعمال السيادة التى تخرج من نطاق القضاء نهائيا، ونبهت هيئة قضايا الدولة المحكمة بحظر اختصاص مجلس النواب أو استباقة فى الفصل فى المسألة محل النزاع. وقالت الهيئة فى طعنها، أن المحكمة اخطأت فى تطبيق القانون فيما يتعلق بنفى صفة الخصومة فى الدعويين عن رئيس مجلس النواب بصفته حيث تنص المادة "151" من الدستور على أن: "يمثل رئيس الجمهورية فى علاقتها الخارجية ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب"، حيث أن المشروع الدستورى وبموجب صريح النص الدستورى قد أوكل إلى مجلس النواب وحده دون غيره من سلطات الدولة مناقشة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى تبرمها الدولة، ومن ثم إبداء الموافقة عليها أو رفضها وهو اختصاص قصرى ومانع على مجلس النواب على الرغم من صراحة النص الدستورى فى هذا الصدد، إلا أن الحكم المطعون فيه قد فاجئ الجميع مقررا من ضمن أسبابه أن رئيس مجلس النواب لا شأن له ولا صفة فى الدعويين الصادر فيها ذلك الحكم. واضافت الهيئة: "أن هناك عوار صارخ وظاهر فى نفس الحكم بصفة الخصومة عن رئيس مجلس النواب بصفته فى الدعويين فإن ذلك العوار قد شابه الحكم أيضا فى عدم بيانه الأساس القانونى ونفى تلك الصفة إذ اكتفى الحكم بأن رئيس مجلس النواب لا صفة له فى الدعويين ومن ثم يتعين عدم قبول الدعويين". وأوضحت هيئة قضايا الدولة حقائق حول ماهية النزاع وجوانبه وبيانا كافيا بكافة القواعد التى تحكمه فى إطار التزامها بأحكام القانون والدستور، وقد قدمت الهيئة مذكرة بالدفاع بجلسة 29 مايو 2016 أمام هيئة مفوضى الدولة، كما قدمت أثناء فترة الحجز للتقرير 2 يونيو2016 مذكورة، وبجلسة 14 يونيو 2016 مرافعة ومذكرة رابعة أثناء حجز الدعوى للحكم بتاريخ 15 يونيو 2016. وأكدت المحكمة، أن الحكم المطعون فيه قد أعرض عن بيان ما تضمنته تلك المذكرات من ردود الحكومة على طلبات الدفاع والمحكمة، ولكن المحكمة اعتصمت الصمت وتمرست خلف الدفع الذى أبدته لمنع المحكمة من سماع الدعوى، وما استطردت إليه أسباب الحكم من تقرير بأن ذلك لا يليق بجهة الإدارة بأنها لا تقوم على شأن شخصى، ويتعين أن يكون رائدها الصالح العام وليس على هذا النحو تهدر المحكمة عمل هيئة قضائية جلبت على رعاية وصون الصالح العام. وأشارت الهيئة، أن المحكمة عابت التزام هيئة قضايا الدولة بالأحكام المنشورة بالمحكمة الدستورية العليا، والمؤكدة أن محل الدعوى من أعمال السيادة الخارجة عن اختصاص محاكم مجلس الدولة، خاصة أن المحكمة قد طاب لها المضى فى مخالفة القانون وأوردت في أسباب حكمها تفسيرا للفقرة الأخيرة بالماده 151 من الدستور جعلت بموجبه العمل المعيب على ضوء ذلك الحكم عملا ماديا وفاتها فى ذلك أن قضاء مجلس الدولة عرفت تميزا واضحا فى خصوص ما يصدر من جهة الدارة بين ما يمد منها قرارا إداريا، وبين ما يكون منها عملا ماديا ومن ولاية اختصاصه. وأوضحت الهيئة أن محكمة القضاء الإدارى قد خالفت نص المادة 11 من قانون مجلس الدولة رقم 74 لسنة 1972 على أنه لا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر فى الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة بالإضافة إلى نص المادة 17 من قانون السلطة القضائية على أنه ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فى أعمال السيادة وباستقرار هاذين النصين يتضح أن المشرع أخرج الأعمال التى تتصل بسيادة الدولة الداخلية والخارجية. وطالب الطعن بإلغاء الحكم الذى خالف القانون والدستور، لاستناده إلى خرائط ومكاتبات ومستندات لم تتثبت المحكمة من صحتها، فضلا على عدم اختصاص المحكمة ولائيًا لنظر الطعن باعتبار أن الاتفاقية محل الدعوى من الأمور السيادية التى تخرج عن ولاية القضاء. وأكد الطعن أنه يستند لتجاهل الحكم كل الدفوع المقدمة من الدولة فى القضية، فلايوجد حتى الآن قرار إدارى نهائى بإتمام الاتفاقية، حيث سيتم عرضها على البرلمان لنظرها وإقرارها، وبعدها ستعرض على رئيس الجمهورية للتصديق عليها.