(1) دونالد ترامب الملياردير الأمريكى الجمهورى المحافظ. مشهور فى الأوساط الأمريكية بثرائه الفاحش، ومرافقته الجميلات، وتقديمه البرامج الواقعية. فى صيف 2015 ترشح ترامب فى الانتخابات الداخلية للحزب الجمهورى لنيل ترشيح الحزب فى السباق الرئاسى 2016. تعامل المحللون الأمريكيون مع ترشح ترامب باعتباره نكتة سخيفة من ملياردير مدلل لا يهتم سوى بالشهرة وإثارة الجدل. كانت كفة المحللين السياسيين ترجح حظوظ كريس كريستى حاكم نيوجيرسى، وجيف بوش الابن الأصغر لعائلة بوش الرئاسية، وتيد كروز ممثل (تى بارتى- مجموعة الشاى). السباق الداخلى لنيل ترشيح الحزب الجمهورى شهد مفاجآت عديدة، وأهما تحقيق دونالد ترامب العديد من الانتصارات غير المنطقية. (2) كيف لهذا المهرج أن يحظى بفرصة لتمثيل الحزب الجمهورى (حزب لينكولن)....! (3) منذ عدة أيام نجح ترامب وملايين من مؤيديه فى حسم السباق الداخلى للحزب الجمهورى ونيل ترشيحه للرئاسة. حقق ترامب المستحيل فى السياسة الأمريكية، واستولى على زعامة الحزب الجمهورى. سقوط الجمهوريين فى مستنقع ترامب، دفع العديد من القيادات التاريخية للحزب وهما جورج بوش الاب والابن إلى إعلان عدم دعمهما ترامب رئيسًا أمام مرشح الديمقراطيين. موقف بول راين -الجمهورى صاحب المنصب الأرفع حاليا- رئيس الكونجرس الأمريكى أعلن عن عدم دعمه لترامب، وهو ما فتح الباب لإزالة الحرج عن العديد من أعضاء الكونجرس ومجلس الشيوخ من الجمهوريين الذين لا يؤيدون دونالد ترامب لكارثيته على الحزب ومستقبله واستحالة وصوله إلى منصب الرئيس فى المستقبل القريب. (4) لماذا لا تريد مؤسسة الحزب الجمهورى ترشيح دونالد ترامب؟ ترامب ممثل واضح للأصوات المتطرفة التى تقف ضد المهاجرين والأقليات وقيم المجتمع العلمانية وداعمة للنفوذ الدينى المتطرف. تلك الأصوات المتطرفة قادرة على حسم التصويت الداخلى للحزب الجمهورى، لكنها فى مجتمع أمريكى لا يصبح البيض أغلبية عرقية، وصعود الأقليات الأخرى على المشهد السياسى، إلى أن وصل أول رئيس ديمقراطى أسود للبيت الأبيض بدعم قوى من الأقليات والشباب. تلك التركيبة التصويتية الجديدة لأمريكا لا تسمح للحزب الجمهورى بقيادة مهرج مثل دونالد ترامب أن يصل إلى عموم الناخبين وتضمن أفضلية للجمهوريين على الديمقراطيين. القيادة الحالية للحزب الجمهورى الممثلة فى بول راين -رئيس الكونجرس الأمريكى- تريد أن تحول الحزب الجمهورى إلى نسخة شبيهة من الحزب الديمقراطى، بأن يكون تحالفًا واسعًا على أرضية أمريكية محافظة، وليس بكونه حزبًا مكونًا من مجموعات مصالح متناقضة ومتحاربة، وهو ما أدى إلى ظهور ترامب بتلك الصورة المريعة. (5) كيف وصل دونالد ترامب إلى ترشيح الحزب الجمهورى؟ السبب الرئيسى لنجاح ترامب ومؤيديه، هى سياسات الرئيس الأسبق جورج بوش الابن الذى لا يدعم ترامب للترشح للرئاسة عن الحزب الجمهورى. فى أعقاب أحداث 11 سبتمبر، وسقوط رمز الحلم الأمريكى الاقتصادى والسياسى والأمنى، بسقوط برجى التجارة فى نيويورك، والهجوم على مقر وزارة الدفاع (البنتاجون). 11 سبتمبر مثلت صدمة مروعة لرجل الشارع العادى. استخدم الرئيس بوش الابن ونائبه ديك تشينى خطاب الخوف، بإخافة المجتمع من الغرباء. كان المسلمون والعرب مستهدفين من السلطات الأمريكية. أعطى بوش للمجتمع العدو، وقام بشن حرب ضروس على أفغانستان والعراق، وخلفت الآلاف من القتلى والمصابين والمعتقلين. تمكن خطاب الخوف من إعادة انتخاب جورج بوش فى انتخابات الرئاسة لعام 2004 أمام المرشح الديمقراطى جون كيرى وزير الخارجية الحالى للرئيس أوباما. شهدت حقبة بوش الابن توغلا للفكر الأمنى وعقيدة الخوف فى عقل المجتمع الأمريكى. صعود أوباما لهرم السلطة كرئيس للولايات المتحدةالأمريكية، لم يكن كفيلًا بإعادة التوازن للمجتمع الأمريكى الواقع تحت تأثير خطاب الخوف. ظهرت الدولة الإسلامية للعراق والشام (داعش) وعملياتها الوحشية واستهدافها للأجانب، وقدرتها على التهام أجزاء من دول كسوريا والعراق ووصولها إلى عمق أوروبا (باريس وبروكسل)، وحتى الولاياتالمتحدةالأمريكية. كانت داعش سبب رئيسيًّا لإعادة إنتاج خطاب الخوف عن طريق المتطرفين فى أوساط الحزب الجمهورى. كان دونالد ترامب المتطرف الأكثر تأهيلا لتمثل خطاب الخوف وحشد وتعبئة المواطن الأمريكى الأبيض لمواجهة العدو غير المعلوم والمجهول، لكن على الرجل الأبيض الإيمان بمشروع ترامب الملتزم بمواجهة هذا العدو وردعه. (6) كيف ستتعامل القيادات الحالية مع كارثة ترشح ترامب باسم الحزب الجمهوري؟ يبدو أن القيادات الحالية للحزب الجمهورى متأرجحة بين طريقين. فريق بول راين سيعمل بشكل واضح وصارم على إخضاع الحزب الجمهورى بالعمل على إسقاط ترامب من سباق الترشيح للرئاسة. جاء ذلك بشكل مباشر من إعلان بول راين عن عدم تأييده لرشيح ترامب للرئاسة فى سابقة تاريخية. لكن ردود الفعل المتوقعة داخل أصوات من مؤيدى دونالد ترامب التى ترى فى عدم دعم مؤسسة الحزب الجمهورى لدونالد ترامب خيانة للحزب ولأصوات الناخبين. تلك الظروف تضع بول راين وفريقة أمام مأزق خروج القواعد الحزبية عليهم. ذكرت السى إن إن على لسان أحد مصادرها عن لقاء جمع بين المرشح الجمهورى للسباق الرئاسى فى 2012 ميت رومنى ووليام كريستول من أجل مناقشة إمكانية إيجاد مرشح حزب ثالث لمواجهة ترامب وهيلاري. وليام كريستول أكد مساعيه لإيجاد مرشح ثالث فى الانتخابات الرئاسية وأن ميت رومنى يساعده فى ذلك الاتجاه.