تصوير - حسام بكير كراكيب متراصة دون فائدة زجاجات وبقايا علب وأوراق مكدسة مع صفحات الجرائد، جمعيهم ملقون دون فائدة يأخذون مساحة زائدة من كل بيت دون استغلال لها وفي النهاية يكون مصيرهم سلة المهملات، مشهد متكرر في الكثير من البيوت ليس في مصر فقط بل العالم أجمعه، قلة فقط حول العالم من يدركون أن تلك الكراكيب كنوز فعلية لمن يحسن استخدامها، كذلك هي شرين مهران واحدة من أولئك المميزين. خمس سنوات دراسة في كلية الهندسة وتلتها سنوات أخرى من العمل في قطاع الهندسة والطاقة الكهربية لكن ظل شغفها بين الحين والأخر معلق باكتشاف الاستخدامات الإبداعية لكل قطعة تحول لقطعة قمامة تحولها بلامساتها إلى قطع فنية نابضة بالبهجة والحياة دون أن تتكلف الكثير من المال، تبدع في الفكرة وتنتقل للتنفيذ كل فكرة تتفوق على سابقتها تتعلم وتطور من نفسها. وتروي المهندسة الإبداعية شيرين: "من وقت للتاني كنت بعمل حاجات إعادة تدوير وابتكارات لكن مؤخرًا الموضوع تمكن مني وبقيت بعمله بشكل مستمر بقيت حاسه إني عايزة أقضي أكتر وقت ممكن في الحاجات دي، اشتغلت فعلا بعد التخرج فترة في الهندسة بس كان دايمًا بيستهويني الحاجات الفنية أكتر والهواية دي بتلح علي من وقت للتاني وتفرض نفسها علي". طفلة صغيرة لكن عقلها عاشق للاستفادة من كل قطعة قبل التفكير في إلقاءها في سلة المهملات ببساطة، فكانت تتناول كل ما تعثر عليه من فوارغ أو معلبات وتبدأ في البحث عن تصميم ملائم لها يبدل شكلها تمامًا، وتعلق شيرين: "بدأت من الطفولة تقريبًا أي حاجة زيادة في البيت أو فوارغ أحاول استغلها وأحولها لحاجات فنية، لحد آخر كام سنة بقيت أحاول ادمج بين الهواية والشغل في بعض الحاجات رغم إن هندسة ملهاش أي علاقة باللي بعمله، وبدأت هوايتي تلح لحد ما اتمكنت مني دلوقتي". كلما وقعت في حب عملك وموهبتك، كلما اختفت الصعاب من أمامك وأصبحت موهبتك شغفك النابض القادرة على تذليل كافة الصعاب، وتقول شيرين: "مفيش عمل معين صعب لكن الفكرة هي اللي بتاخد وقت فعليًا لكن غير كده أنا بكون سعيدة جدًا وأنا شغالة فمش بحس بالصعوبة، الأصعب في حياتي من بالبداية كان القرار نفسه إني أكمل في إعادة التدوير واركز فيها بشكل رئيسي في حياتي بعد سنين الدراسة". لا تعرف أعمال شيرين حد معين من الإبداع فلا تكتفي بأفكارها الفنية فقط بل تبحث عن الأرجاء التي يمكن تطبيقها على أرض الواقع مع لمساتها الخاصة وخامات مختلفة لتخرج بنتيجة ترضى عنها، وسط دعم كامل من والدتها التي تشجعها وتجمع لها كافة الفوارغ التي قد تحتاجها لتساعدها على تطوير موهبتها بشكل أكبر.
وتشرح شيرين كيفية عملها، قائلة: "المراحل اللي بتمر بيها كل قطعة بتختلف حسب طبيعتها يعني الأزايز بتحتاج تلوين الأول ممكن اسبها فترة، وبعدين ابدأ ارسم عليها وأحيانًا بلوّنها من جوه وتتساب وقت تنشف وبعدين ابدأ شغل فعلي فيها حسب الحاجة نفسها اللي بشتغلها، وأحيانًا بستخدم أسبراي". وكانت فكرة تحويل زجاجات المياة الغازية الفارغة إلى تحف فنية محتلفة والهدايا الأكثر إقبالًا مع ازدياد طلب الجمهور عليها، وكذلك "التابلوهات الخشب والشاسيه". وتركز شيرين على تطوير مشروعها التي تحلم أن يصل لجاليري كبير معه ورشة ملحقة تقدم فيها الورش الفنية للصغار والكبار تعلمهم كيفية الاستفادة من كافة تفاصيل البيت واستغلال الفوارغ بأنواعها. البرطمانات تتحول لهدايا قيمة وتتغير هيئتها كليًا بمبالغ لا تذكر، فشيرين لم تحتفظ بفنها لنفسها فحسب بل تحاول أن تعلم كافة من تقابلهم لتغرس بداخلهم فكر إعادة التدوير وعدم إلقاء أي قطعة في البيت قبل التفكير فيما يمكن أن تستخدم فتلك رسالتها للعالم "أي حاجة قبل ما ترميها فكري ممكن تعملي بيها ايه ودوري على الإنترنت ولو الموضوع بتحبيه هيكبر معاكي وتفكيرك نفسه هيتغير، ازاي ممكن تستخدمي كل حاجة بشكل جديد ومختلف".