ربما يكون الأخ مرسى وأهله وعشيرته وحلفاؤه سعداء بالمذبحة الوحشية التى شهدتها «أبو النمرس» فى محافظة الجيزة، والتى راح ضحيتها عدد من المواطنين المصريين الشيعة فى مشهد مأساوى رهيب! ربما يكون الأخ مرسى وأهله وعشيرته سعداء بهذا المشهد على أمل أن يكون ذلك شهادة جديدة يقدمونها للراعى الأمريكى ليقولوا له إنهم ينفذون المطلوب، ويؤدون دورهم فى مخطط إشعال الحرب المذهبية التى يراد لها أن تعصف بالعالمين العربى والإسلامى لمئات السنين القادمة!لكن ما يسعد مرسى وأهله وعشيرته هو «كارثة حقيقية» عند شعب مصر الذى لا يعرفونه. هذا الشعب الذى يتمسك بإسلامه الرائع الذى لا يعرف التطرف والذى يتخذ من اعتدال الأزهر الشريف ووسطيته دليلا على مر العصور. هذا الشعب الذى عرف التعددية وتمسك بالتسامح وآمن على الدوام بأن للدماء حرمة، ورفض كل محاولات الفتنة المذهبية والطائفية. هذا الشعب العظيم يدرك فداحة ما حدث فى «أبو النمرس» ويعرف أنه يفتح الباب لأنهار من الدم، يتحمل مسؤوليتها دعاة الفتنة الذين لم يتوقفوا عن التحريض المذهبى، ويتحمل مسؤوليتها حكم هيأ المناخ لكى يسود التطرف. ويتحمل مسؤوليته -قبل من قاموا بالقتل- حاكم وقف مزهوا وسط جماعات من الإرهابيين يصفون المعارضين بأنهم كفار يستحقون القتل، كما يستحقه «الأنجاس» و«الرافضة» من المسلمين الشيعة! لو أخلص مرسى وأهله وعشيرته لله وللدين الحنيف لوقفوا فى وجه هذه اللعبة القذرة. ولو كان لديهم أدنى إحساس بمعنى الوطن وضرورة الحرص عليه لما ساروا فى هذا الطريق الذى يبدأ بالباطل، ولا ينتهى إلا بالدمار والخراب وأنهار الدماء. يتذكر المرء فى هذه الأيام السوداء شيخنا العظيم الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت وجهاده العظيم فى التقريب بين المسلمين من أهل السنة والشيعة، لكنه كان زمانا آخر كانت مصر فيه تسير فى طريق التقدم وهى تتسلح بالعلم والمعرفة، وتنحاز للحرية والاستقلال والعدالة، وتقود أمتها العربية على طريق الوحدة. وكانت الشعوب العربية كلها تلتف حول قيادة عبد الناصر. وكانت الحركة القومية تجمع العرب أجمعين.. مسلمين ومسيحيين، سنة وشيعة، دروزا وعلويين.. إلخ. إنها الستينيات «وما أدراك ما الستينيات» قبل أن تبدأ رحلة الانقضاض على الثورة ومقاومة العروبة، لنصل إلى ما نحن فيه، حيث نواجه مخطط تقسيم ما سبق تقسيمه على أسس طائفية ومذهبية، وحيث تعطى أمريكا دعمها لمن ينفذون مخططاتها فى تجزئة الأوطان وفى إشعال الحرب المذهبية بين السنة والشيعة.. لصالح الأمريكان ولضمان أمن «الصديق الوفى» الإسرائيلى! لكنهم يخطئون العنوان.. شعب مصر يرفض السير فى هذا الطريق. شعب مصر لا يعرف القتل على الهوية ولا الذبح المذهبى. شعب مصر يرفض العنف حقيقة وليس بطريقة مرسى وأهله وعشيرته التى تقول إنها ستقتل المصريين لمنع العنف! شعب مصر يعرف أنهم يسعون للدم لا من أجل الإسلام بل من أجل الحكم، ويدرك جيدا أن نظاما يشارك فى التحريض على قتل الشعب لا يستحق أن يبقى لحظة واحدة! مذبحة «أبو النمرس» بدأت فى الصالة المغطاة! وهى لن تنتهى بمقتل أربعة أو خمسة يضافون إلى العشرات من الضحايا فى ظل حكم مرسى، ولكنها تفتح الأبواب لأنهار من الدم إذا استمر هذا الحكم القائم على الكراهية والعنف والإرهاب. فى 30 يونيو لا نستعيد فقط الثورة وننقذ الدولة، بل الأهم أننا سنستعيد وجه مصر التى نعرفها وطنا للتسامح والمحبة والإسلام الصحيح.. وطنا لكل أبنائه لا مكان فيه للإرهاب ولا للمتاجرين بالدين.