دائماً وأبداً دراسة المنافس قبل مواجهته تصنع الفارق.. نظرة عامة على مباريات سموحة السابقة مع حلمي طولان وقبله ميمي عبد الرازق، كان من الممكن أن تفيد مارتن يول كثيراً في تحضيراته للمباراة.. للتذكير فقط.. جوزيه بيسيرو سقط بثلاثية نظيفة في مواجهة سموحة بالدور الأول، ولكن هل كان بإمكان مارتن يول تفادي نفس المصير على الأقل في الشوط الأول؟. يركز حلمي طولان المدير الفني لسموحة على الشق البدني في تدريباته بشكل كبير لتنفيذ فكره في الضغط العالي على المنافس لأطول فترة ممكنة تصل أحياناً لعشرين دقيقة متواصلة من زمن كل شوط في المباراة. الجانب الفني في تدريبات الفريق السكندري يمتد لفترات طويلة كذلك.. التقسيمة الأخيرة قبل المباريات قد تمتد أحياناً لساعة زمنية كاملة من أجل الوصول باللاعبين لأعلى معدلات الأداء البدني والفني معاً.. طريقة اللعب التي يعتمد عليها الفريق 4-1-2-2-1 ويطبقها بالاعتماد على كل اللاعبين المتواجدين في القائمة تقريباً دون الشعور بفارق كبير في المستوي بين لاعب أساسي وأخر بديل. على سبيل المثال تألق لاعب الوسط المهاجم أحمد تمساح منذ انضمامه للفريق فيما كان بديله إسلام محارب على القدر نفسه من التألق كذلك أمام الأهلي حتى خروجه من الملعب. يتميز فريق سموحة بالسرعات والمهارات العالية في الشق الهجومي خاصة من لاعبي وسط الملعب المهاجمين مما يتيح له حرية اختيار أسلوب اللعب الذي يفضله في مباراة بعينها، سواء كان سيتبع سياسة الاستحواذ والمبادرة أو سيفضل الاعتماد على الهجمات المرتدة ورد الفعل بحسب ظروف المباراة والمنافس. يلعب سموحة بأسلوب ضاغط بطول وعرض الملعب من بداية أي مباراة ولا يعتمد على الارتكان للدفاع في وسط ملعبه وتعد تلك من أهم ميزات الفريق.. ولكنها تلك الميزة التي تُظهر أهم نقاط ضعف الفريق.. يؤدي أسلوب الضغط العالي بطول وعرض الملعب لظهور المساحات خلف الظهيرين، وكذلك ضعف التكوين الدفاعي للفريق في عمق الملعب إذا ما تباعدت المسافة بين خطي الوسط والدفاع نتيجة للضغط العالي والدفاع المتقدم. الصورة السابقة توضح المتوسط الحركي لتمركز لاعبي سموحة خلال شوطي المباراة على حدة بإضافة البدلاء في الشوط الثاني وفيه تظهر بوضوح مظاهر القوة ونقاط الخلل في الفريق السكندري ومن أبرزها على سبيل المثال المساحات الكبيرة خلف الظهيرين نتيجة للدفاع المتقدم والمسافة الكبيرة بين قلبي الدفاع. ما سبق كان نظرة عامة على الفريق السكندري.. دعونا نستعرض ذلك بشكل أكثر تفصيلاً بتطبيقه على الحالتين الدفاعية والهجومية للفريق في مواجهة الأهلي. الحالة الدفاعية دفاع ضاغط من كل لاعبي سموحة في أقل مساحة ممكنة من الملعب وتتركز أغلبها في الثلث الأوسط.. في الشوط الأول من مباراة الأهلي نجح سموحة في تنفيذ أسلوب الضغط العالي لمدة 35 دقيقة. يضغط ثلاثي الهجوم على رباعي الدفاع الأهلاوي بإغلاق زوايا التمرير.. ثنائي الوسط المتقدم يضغطان على ثنائي ارتكاز المنافس غالي وعاشور فيما يقترب لاعب الوسط الثالث من صانع الألعاب عبد الله السعيد وبالتالي تمت محاصرة الأهلي تماماً بسبب اعتماده علي طريقة لعب 4-2-3-1. الحالة الهجومية يقوم طرفي الهجوم إسلام محارب ومحمود سيد بالخروج لأطراف الملعب لإجبار ظهيري الأهلي على الابتعاد عن القلب فيما يقوم لاعب الارتكاز أحمد حُمُّص بتولي عملية بناء الهجمة بمساعدة لاعبي الوسط المتقدم عمرو المنوفي وأحمد نبيل لتشكيل زيادة عددية هجومية على المنافس الذي مازال معتمداً على طريقة لعب 4-2-3-1. يقوم سموحة كذلك بالاعتماد على عدة تركيبات وتنويعات هجومية مختلفة.. يعتمد الفريق السكندري على تحول لاعب الجناح من الطرف إلى العمق بصورة مفاجئة لاستلام الكرة خلف خط وسط المنافس الذي يقوم بالخروج من مناطقه الدفاعية للضغط على ثلاثي وسط سموحة. أسوأ ما يمكن التعرض له أمام سموحة هو مواجهتهم بثنائي وسط ملعب فقط لا غير دون وجود واجبات دفاعية لثلاثي الوسط الهجومي.. في أغلب الأحوال ستجد نفسك دائماً في موقف دفاعي بأربعة لاعبين في مواجهة أربعة آخرين من سموحة. عمرو المنوفي هو اللاعب الحر في وسط ملعب سموحة، قد تجده لاعب الوسط الثالث أو المهاجم الرابع كما في بعض الأحيان المدافع الخامس.. اللاعب نفسه هو مفتاح التحولات الهجومية في وسط سموحة حيث يجيد الاختراق الهجومي سواء بالكرة أو من غيرها كما يتميز بالتسديد من مسافات بعيدة كذلك. كيف اخترق الأهلي سموحة بعد التأخر لمدة 35 دقيقة؟ عند فقدان الكرة يقوم فريق سموحة بالضغط على الأهلي مثلما سبق التوضيح في شرح الحالة الدفاعية.. ولاختراق تلك المنظومة قام مارتن يول بتعديل خطوطه بعد 35 دقيقة من الشوط الأول. الشكل السابق يوضح الفارق في تركيبة خط وسط الأهلي فيما بين شوطي اللقاء بحساب المتوسط الحركي للاعبي الفريق الأحمر خلال كل شوط على حدة بإضافة البدلاء خلال أحداث الشوط الثاني بالطبع. تغيرت طريقة اللعب إلى 4-3-2-1 بإنضمام عبد الله السعيد للثنائي غالي وعاشور في منتصف الملعب على أن يلعب أمامهم الثنائي وليد سليمان ومؤمن زكريا كلاعبي وسط مهاجم يقتربان أكثر من قلب الملعب وليس كجناحين. بناء على تلك التعديلات التكتيكية امتلك الأهلي الكرة ومنطقة وسط الملعب تماماً.. وتنوعت اختراقات لاعبيه لدفاعات سموحة بعدة طرق وتركيبات هجومية نفصلها في النقاط التالية. - دخول أحد الطرفين (وليد سليمان) لعمق الملعب بجانب ثلاثي الوسط من أجل تشكيل زيادة عددية على ثلاثي وسط سموحة مكنت الأهلي من الحفاظ على الكرة تحت الضغط. - تحرك رأس الحربة (ماليك إيڤونا) للجناح مكان اللاعب الذي تحرك للعمق لإجبار ظهير سموحة على الوقوف وعدم الخروج خلف الجناح المتحول لقلب الملعب. - يقوم لاعب الطرف الاخر (مؤمن زكريا) بالتوغل في عمق دفاع سموحة لإجبار لاعبي قلب الدفاع على الوقوف وعدم التفكير في مساندة لاعب الارتكاز. - ينطلق الظهير (أحمد فتحي) خلف لاعب الطرف المتحول لمركز رأس الحربة للتوغل في مناطق سموحة الدفاعية لاستلام الكرة القُطرية. - ينطلق أحد ثلاثي الوسط (عبد الله السعيد) في عمق دفاع سموحة لاستلام التمريرة المباشرة خلف لاعب الارتكاز. النقاط السابقة ظهرت واضحة للغاية في هدفي الأهلي الأول والثالث.. الهدف الأول صنعه إيڤونا من مركز الجناح وسجله عبد الله السعيد من قلب منطقة الجزاء معتمداً على انطلاقته السريعة من خط الوسط. هدف الأهلي الثالث كذلك.. تواجد مؤمن زكريا فيما بين خطوط سموحة بلا رقابة جعله اختيار لاعبي الأهلي الأمثل للتمرير إليه.. الفراغ الذي تواجد فيه مؤمن قبل استلام الكرة حدث بسبب مبالغة خط وسط سموحة في الضغط المتقدم دون وجود التفاهم اللازم مع خط الدفاع لتقليل تلك الفجوة. لو كنت مديراً فنياً للأهلي كنت سأطلب من اللاعبين تنفيذ التركيبات السابقة بسرعة كبيرة وبالتبادل بين طرفي الملعب كذلك لإرباك لاعبي سموحة وإجبار جناحي الهجوم على التراجع للمساندة الدفاعية مما يؤدي في النهاية لإجهاد كليهما وتقليل خطورتهما في الهجمات المرتدة. فكرة خارج الصندوق ومشكلة الظهيرين : بالدراسة الفنية المتأنية لفريق سموحة توجد هناك عدة حلول تكتيكية وفنية أخري لضرب خطوطه، ربما لم يسعي مارتن يول لتنفيذها وربما لم يتمكن من أن يدركها كلها في مباراة واحدة بسبب عدة عوامل مثل ضغط المنافسة وضيق الوقت كذلك. بمجرد الاستحواذ على الكرة يتراجع لاعب الوسط المهاجم أو صانع الألعاب (عبد الله السعيد) لطرف الملعب ويسحب معه رقيبه.. في نفس الوقت يتحول لاعب الطرف الهجومي (مؤمن زكريا) ومعه رقيبه لعمق دفاع سموحة. ينطلق الظهير المدافع (صبري رحيل) للأمام مباشرة في نفس الوقت الذي يتم فيه التحركين السابقين.. لا يشترك لاعبا الارتكاز في بناء الهجمة ويكتفيان فقط بإشغال لاعبي الوسط المتبقيين في سموحة.. فيما يقوم لاعب قلب الدفاع (أحمد حجازي) بإرسال التمريرة الطويلة المباشرة للظهير المنطلق.. ذلك الحل التكتيكي السابق لا يملك الأهلي الأدوات اللازمة لتنفيذه بسبب ضعف إنتاجية مركز الظهير الأيسر في الأهلي وقد أحسن مارتن يول عملاً بعدم الاعتماد على الظهيرين كثيراً حتى تدعيم صفوف الفريق.. صبري رحيل على وجه التحديد لم يرسل أي عرضية سليمة من أصل محاولتين فقط لا غير طوال المباراة فيما كان أحمد فتحي أسوأ حالاً بفشله في إيصال أي عرضية سليمة لزملائه من أصل أربع محاولات خلال 90 دقيقة.