«بعد احتجاجات قوضت تراث الزعيم التركى الداخلى الذى سعى لبنائه طوال السنوات الماضية.. أردوغان يحول انتقاداته إلى أوروبا»، هكذا استهلت مجلة «التايم» الأمريكية تحليلها للأوضاع فى تركيا، عقب موجة احتجاجات وصفتها بالعارمة. وقالت «التايم»: «عندما أطاح رئيس الوزراء التركى فى 2011 بكل معارضيه واحدا تلو الآخر، بدعوى الاقتصاد المزدهر والأسرع نموا بعد الصين، كان يحظى بدعم الشعب الكبير فى الداخل والصورة الوردية على الساحة العالمية، مما جعله يطيح بكل سهولة بمجموعة واسعة من الجنرالات، نتيجة لانقلاب مزعوم». وتابعت قائلة «تحدث أردوغان فى 2011 فى خطاب شهير للرئيس المصرى قائلا إنه بشر وغير مخلد فى الحكم، وإنه عليه أن يترك وراءه ذكريات جميلة ويستمع لنبض شعبه، ولكنه تناسى كل نصائحه تلك فى 2013، وتفرغ للخروج بتشريعات تحد من حرية الشعب، ووجه انتقادات فى أكثر من مناسبة إلى الصحافة وحتى إلى التليفزيون سواء على مقال أو مسلسل، مما خلق شعورا دفينا بأنه يتجه رويدا رويدا ليصبح ديكتاتورا جديدا». واستمرت قائلة «وأسفر هذا كله عن أكثر تحد تواجهه حكومته، وتهاوى إرثه الذى بناه طوال السنوات العشر الماضية، التى لم يدرك حتى إنها تتهاوى وتعامل بطريقة متعالية زادت من غضب الشارع، الذى سيكون واهما إذا ما اعتقد أن القمع سيجعله يصمت إلى الأبد». ونقلت عن سولى أوزيل، أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة إسطنبول: «ما لا يدركه أردوغان أن آثار تلك الاحتجاجات ستظهر بعد فترة، خصوصا فى المدن الكبرى، التى يتعاظم فيها شعور دفين بالإحباط، سرعان ما سينفجر، خصوصا بعدما قسم هو المجتمع إلى مجموعة مناصرين لأسلمة المجتمع، وآخرين مدافعين عن الدولة العلمانية». وبعدما شعر أن إرثه الداخلى آخذ فى التهاوى، بدأ فى محاولة حثيثة لتحويل انتباه الجمهور، والقول ل«التايم»، بدخوله فى معركة وحرب كلامية مع ألمانيا، حول مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى. ومن جانبها، قالت «الفاينانشيال تايمز» البريطانية إن محاولة أردوغان إحياء مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى، محاولة للتعامل مع فورة الغضب الوطنى تجاه تطلعاته الاستبدادية. وقالت الصحيفة البريطانية: «الاتحاد الأوروبى الذى كان عليه أن يسير على خيط رفيع فى التعامل مع سلوكيات أردوغان المفعمة بجنون العظمة وغير المتسامحة، ولكنها يبدو أنها اصطدمت بمحاولات أخرى من رئيس الوزراء غير القادر ثقافيا على التعامل مع تركيا، بتحويل انتباه شعبه عن شأنه الداخلى بإدخاله فى صراع أوروبى». وكانت حدة التوتر بين تركيا والاتحاد الأوروبى بشكل عام، وألمانيا بشكل خاص، أن استدعت ألمانيا السفير التركى فى برلين للاعتراض على التصريحات النارية التى أطلقت بحق المستشارة أنجيلا ميركل، والأمر ذاته فعلته أنقرة. وكان وزير الشؤون الأوروبية التركى أجمان باغيس، قد قال إن ألمانيا تعرقل انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبى، مضيفا «لسنا مثل أى بلد آخر، وأحذر ميركل من أن تبحث عن مادة للسياسية الداخلية من أجل الفوز بالانتخابات، من أن تلك المادة لن تكون تركيا»، والأمر ذاته قاله وزير الخارجية أحمد داود أوغلو فى ما يظهر أنه سياسة متبعة من حكومة أردوغان لتحويل الانتباه، بحسب الصحيفة. فى ما يبدو أن أحد الأسباب الرئيسية لهجوم أردوغان على ألمانيا وميركل تحديدا، والقول ل«الفاينانشيال تايمز»، بسبب وقوفها إلى جانب الاحتجاجات، خصوصا بعدما أبدت انزعاجها من التعامل العنيف لقوات الأمن مع المعتصمين فى ميدان تقسيم، وتحذير رئيس حزبها من دفع الحكومة للجيش، مشيرا إلى أنه تصعيد خطير وقد يتسبب فى تعليق مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى. وتابعت الصحيفة بقولها «يبدو أن رفض ألمانيا انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى، قد يتسبب فى دق المسمار الأخير فى نعش الصورة الوردية التى يقدمها أردوغان لشعبه».