المحكمة: لا يحق لغير النيابة اتهام الموظف العام منعًا للكيدية والضغينة حتى لو زالت عنه صفته الأسباب: اتصال المحكمة بالقضية معدوم.. وهناك أمر ضمنى بألا وجه لإقامة الاتهام لسابقة حفظه أودعت محكمة جنح القاهرة الجديدة، برئاسة المستشار هيثم الصغير، وأمانة سر ناصر عبد الرازق، حيثيات حكمها برفض دعوى تتهم المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات السابق، بإهدار 46 مليون جنيه من مخصصات الجهاز، بما يعد إهدار مال عام، والقضاء برفض الدعويين المدنية والجنائية لرفعهما بغير الطريق الذى رسمه القانون. وقالت حيثيات الحكم، فى الدعوى التى تحمل رقم 548 لسنة 2016 جنح ثاني القاهرة الجديدة، إنه بعد مطالعتها الأوراق، رأت أن الجريمة المنسوبة إلى المتهم، وقعت أثناء تأدية وظيفته وبسببها، وأن الدعوى الجنائية رفعت بمقتضى الادعاء المباشر، بما يخالف نص المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية، دون أن يأذن بذلك النائب العام أو المحامى العام أو رئيس النيابة العامة، وفقًا لما جرى على نص الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية. وأشارت المحكمة إلى أن الدعوى أقيمت على المتهم ممن لا يملك حق رفعها قانونًا، وعلى خلاف ما تقضى به المادتان 63 و232 من قانون الإجراءات، ومن ثم فإن اتصال المحكمة بالدعوى يكون معدومًا قانونًا، ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها، وهذا القيد يكون عند تحريك الدعوى وليس أثناء نظرها أمام المحكمة، ولا يزول هذا القيد عن المحكمة حتى لو زالت صفة الموظف العام عن المتهم، طالما أن التهمة بمناسبة وأثناء تأدية وظيفته. وأكدت المحكمة أن القانون الذى تقيدت به، يعد حماية للوظيفة العمومية والقائم بها، فإذا زالت عن القائم بها ظل القيد حماية للوظيفة، الأمر الذى يكون معه الدفع المبدى من وكيل المتهم قد صادف صحيح الواقع والقانون، وتقضى معه المحكمة بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية لرفعهما بغير الطريق الذى رسمه القانون، لتعلقهما بإجراءات التقاضي، ولهذا حكمت المحكمة بحكمها المتقدم. ورفضت الحيثيات طلب المدعيين بتوقيع أقصى عقوبة على المتهم طبقًا للمادة 116 من قانون العقوبات، مع إلزامه بتعويض مدنى مؤقت 10 آلاف جنيه وإلزامه بالمصروفات، وردت المحكمة على الدفع بأن الدعوى تخالف المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية التى تتطلب ندب قاضى تحقيق طبقًا للمادة 64 من ذات القانون، ويتولى قاضى التحقيق مباشرة الموضوع بموجب المادة 199 وما بعدها، علاوة على مخالفة المادة 123 من قانون العقوبات بشأن تنظيم التحقيق مع الموظف العام، وعدم جواز تحريك دعوى ضده إلا بقرار من النيابة العامة. وأضافت المحكمة أنه لا يجوز للمدعى بالحقوق المدنية، رفع الدعوى إلى المحكمة بتكليف خصمه المباشر بالحضور أمامها، إلا فى حالتين، أولاهما إذا صدر أمر قاضى التحقيق أو النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى، ولم يستأنف المدعى بالحقوق المدنية فى الميعاد، أو استأنف فأيدته محكمة جنح المستأنف المنعقدة بغرفة المشورة، وثانيًا إذا كانت الدعوى موجهة ضد موظف أو مستخدم عام وقعت منه الجريمة أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ولم تكن من الجرائم المشار إليها فى المادة 23 من قانون العقوبات. واختتمت المحكمة حيثيات حكمها، بأن الغرض من تلك القوانين، هو حماية الموظفين العموميين من كيد الأفراد لهم، ونزعتهم الطبيعية للشكوى منهم، وبناء عليه أوجب المشرع عرض موضوع الدعوى قبل تقديمها إلى القضاء على جهة عليا تستطيع بخبرتها تقدير الأمر وبحثه بمزيد من العناية والاحتياط قبل رفع الدعوى الجنائية، دون أن يعد ذلك قيدًا يحول بين النيابة واتخاذ جميع إجراءات التحقيق قبل الحصول على إذن مسبق من النائب العام. كان موظفان بالجهاز المركزى للمحاسبات، قد أقاما الدعوى عن طريق الادعاء بالجنحة المباشرة، قالا فيها إنه بتاريخ 21 يوليو 2012 صدر قرار من رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات بتخصيص مبلغ 46 مليون و300 ألف جنيه من موازنة الجهاز تحت بند "لغرض مزايا عينية أخرى"، ولم يوضح القرار ماهية تلك المزايا وأنواعها وكيفية حسابها ولمن صرفت وأسبابها، مما اعتبراه إهدارًا للمال العام، وعبثا بمقدرات الدولة. وأوضح المدعيان، أنهما تقدما ببلاغ إلى النائب العام بشأن الواقعة، ببلاغ رقم 1083 بتاريخ 20 يناير 2014، وتم حفظه وبناء عليه أقاما دَعْوَاهُما الراهنة. كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد أمر يوم الإثنين الماضى الموافق 28 مارس، بعزل المستشار هشام جنينة، من منصبه كرئيس للجهاز المركزى للمحاسبات، بموجب القرار بقانون الصادر في 11 يوليو من العام الماضي، وينص على منح رئيس الجمهورية حق عزل رؤساء الهيئات الرقابية والأجهزة المستقلة، وتم تمرير القانون بعد مراجعته من قسم التشريع بمجلس الدولة، وإقراره قبل انتخاب مجلس النواب الحالي. وجاء عزل "جنينة" على خلفية أزمة تصريحه فى نهاية شهر ديسمبر الماضي، بأن التقارير الرقابية تشير إلى أن الفساد داخل مؤسسات الدولة خلال عام 2015 تجاوز ال600 مليار جنيه، وبناء على ذلك التصريح تم تشكيل لجنة تقصي حقائق برئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية وعضوية ممثلين عن وزارات (التخطيط والمالية والداخلية والعدل) والمستشار هشام بدوى نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، لتقصى الحقائق ودراسة ما جاء في هذه التصريحات. وانتهت اللجنة إلى أن جنينة أصدر بيانات مغلوطة عن تقارير فساد مؤسسات الدولة، وتمت إحالة الواقعة إلى نيابة أمن الدولة نهاية يناير الماضي للتحقيق. وأصدرت نيابة أمن الدولة العليا بيانًا، قالت فيه إن تصريح "جنينة" يتسم بعدم الدقة، وإن الأرقام والبيانات التي قدمتها اللجنة المشكلة من الجهاز حول قيمة الفساد، غير منضبطة، وتتضمن وقائع سابقة على عام 2012 وتكرارًا في قيمة الضرر. وذكرت النيابة أنها استمعت إلى أقوال رئيسة قسم الحوكمة بوزارة الدولة للتنمية الإدارية والمشرفة والمنسقة للجهات الخمس المعنية بإعداد التقرير الفني، في شأن دراسة الجهاز المركزي، التي أكدت أن الفترة الزمنية لهذه الدراسة تم تحديدها ما بين عام 2008 وحتى عام 2012، كما أن الدراسة كان يجب أن تكون في إطار مفهوم الفساد المقرر بالاتفاقيات الدولية النافذة في مصر، والتي تقتصر على الجرائم العمدية. وأكدت رئيسة قسم الحوكمة، حسب بيان النيابة، أن الجهاز المركزي للمحاسبات غير معني بتحديد الفساد، وأن البيانات الواردة من اللجنة المشكلة من الجهاز، "غير منضبطة"، مشيرة إلى أن تصريح رئيس الجهاز بشأن تكلفة الفساد في مصر خلال عام 2015، يتسم "بعدم الدقة"، وهو الأمر الذي قرره أيضا أعضاء اللجنة المشكلة من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات. وقالت النيابة إن تحريات هيئة الرقابة الإدارية، أكدت "قيام جنينة بجمع المستندات والتقارير والمعلومات والاحتفاظ بصورها وبعض من أصولها مستغلا في ذلك صلاحيات منصبه، وبناء عليه قررت النيابة استدعاءه للتحقيق، وفى ليلة إصدار البيان صدر القرار الرئاسى بعزل "جنينة"، وتكليف المستشار هشام بدوى قائمًا بأعماله.