طرح شباب حركة «تمرد» مطلبا واحدا فى فاعليات الثلاثين من يونيو الجارى، وهو قبول رئيس الجمهورية إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. قبوله بهذا المطلب كفيل بتجنيب البلاد ما لا يحمد عقباه، وإصرار الرئيس على الرفض سوف يفتح المجال أمام احتمالات كثيرة، من بينها دخول البلاد فى دوامة عنف قد تصل إلى درجة من درجات الحرب الأهلية. الجماعة تتحدى، وتصدر الأوامر بتعلية الأسوار فى «الاتحادية» والمقطم، تكثف من التدابير الأمنية، تنسق مع الجماعة الإسلامية وتيارات جهادية ليتولوا القيام بمواجهة المتظاهرين. كثرت تهديدات عناصر الجماعة الإسلامية ولا يمر يوم دون أن يطلق عاصم عبد الماجد سلسلة من التهديدات، وقد اختار أن يبدأ بالأقباط، معتقدا أنهم سوف يتراجعون أمام مثل هذه التهديدات، أو أن ممارسة الضغوط على الكنيسة سوف يجعلها تصدر تعليمات مشددة للمسيحيين المصريين بعدم النزول فى 30 يونيو، وأن رأس الكنيسة اليوم له سيطرة تامة عليهم. والحقيقة أن ما يقوله عبد الماجد وغيره من قادة التيار الجهادى، إنما يكشف عن عدم القدرة على قراءة الواقع القائم، بالإضافة إلى العجز عن استيعاب المتغيّرات الجديدة التى جرت فى المجتمع منذ الخامس والعشرين من يناير، فلا الأقباط يتحركون كالقطيع، ولا الكنيسة اليوم تتدخل فى السياسة، تقف بعيدا، تفضل ممارسة دورها الروحى، وهى ترى الأقباط وقد انخرطوا فى العمل السياسى والحزبى كمواطنين لهم الحق فى اختياراتهم الحزبية والسياسية.وسط الجدل حول ما سوف يجرى فى ثلاثين من يونيو الجارى، وهل سوف يقبل الرئيس إجراء انتخابات رئاسية مبكرة ويحتكم إلى الصندوق الذى يتحدثون عنه ليل نهار، أم أنه سوف يرفض ومن ثم تدخل البلاد فى مرحلة يصعب التكهن بها، وسط هذا الجدل طرح المستشار القانونى السابق لرئيس الجمهورية فكرة قبول الرئيس إجراء استفتاء شعبى على استكمال مدة ولايته، تماما مثلما فعل الراحل هوجو تشافيز بعد تسلمه السلطة بنحو ستة أشهر عندما تزايدت المظاهرات ضده وتصاعدت أعمال الاحتجاج إلى النحو الذى أصاب البلاد بالشلل، كانت المطالب المرفوعة هى رحيل الرئيس «الأحمر»، ليس لكونه هنديا أحمر، ولكن كناية عن أفكاره الشيوعية، تحدى تشافيز المعارضة المدعومة من رجال الأعمال والشركات الأمريكية، لا سيما العاملة فى مجال البترول، قَبلَ التحدى وقال لهم سوف أعود إلى الشعب، أسئله هل تريدنى أن أكمل مدتى الرئاسية أم أرحل اليوم بعد نحو ستة أشهر من تسلم المنصب؟ جاء الرد الشعبى نريدك أن تكمل مدتك الرئاسية وفاز بنسبة تفوق ما حصل بها على المنصب فى الانتخابات.طرح المستشار جاد الله من جانبه هذا الاقتراح كبديل لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بحيث يكون الاستفتاء على بقاء الرئيس فى موقعه من عدمه، كالعادة لم ترد الرئاسة وتجاهلت الجماعة الاقتراح وواصلت علميات تعلية الأسوار وتحصين المقرات والتلويح بيوم دموى.الفكرة لا تزال مطروحة باعتبارها حلا وسطا بين بقاء الرئيس رغم تزايد مؤشرات الفشل وتصاعد حدة المعارضة، وبين رحيله نزولا على رغبة المتظاهرين، لكن مشكلة اقتراح المستشار جاد الله أنه يمكن أن يكون سلاحا ذا حدين بمعنى أن الجماعة يمكن أن توظفه لإرباك المعارضة وشباب «تمرد» وتمزيق الشعب المصرى، كأن تواصل رفض الفكرة وكل الأفكار المطروحة للتسوية، ثم تعلن قبيل الثلاثين من يونيو مباشرة (يوم 29 مثلا) قبول الرئيس بإجراء استفتاء على استكمال مدته فى الحكم، وتبدأ فى الترويج لهذه الفكرة، فيخرج من يؤيد ويشيد داعيا حركة «تمرد» إلى الجنوح للسلم بعد أن وافق الرئيس على إجراء الاستفتاء. الهدف هنا سيكون شق الصفوف وإحداث بلبلة فى وسط المصريين وإفشال يوم ثلاثين من يونيو، وبعد أن تتمكن الجماعة من تمرير اليوم، يتراجع الرئيس عما قاله بعد أن يكون قد نال من المعارضة، وبها تبدأ الملاحقات الأمنية للنشطاء والسياسيين. السؤال هنا هل معنى ذلك أن فكرة الاستفتاء على بقاء الرئيس أو رحيله فكرة مرفوضة؟ الإجابة بالقطع لا، هى فكرة ديمقراطية ومقبولة، ولكن فى حدود إطار زمنى محدد بدقة، واقتراحى هنا أن يعلن بوضوح من «تمرد» والمعارصة أن هذه الفكرة قائمة ومقبولة حتى الخامس عشر من يونيو بحيث يمكن ترتيب الفكرة وتحديد موعد الاستفتاء قبل الثلاثين من يونيو، وإذا لم يعلن الرئيس قبوله الفكرة حتى الخامس عشر من يونيو تصبح غير واردة وغير مقبولة بعد هذا التاريخ، لأن هدفها سيكون شق صفوف المعارضة، فاحذروا الوقوع فى هذا الشرك. الرئيس أمامه حتى الخامس عشر من يونيو الجارى للقبول بإجراء استفتاء شعبى على استمراره فى المنصب، بعد هذا التاريخ لن يكون واردا التعاطى مع هذه الفكرة على الإطلاق، وسيكون التركيز على فاعليات الثلاثين من يونيو ومطلب إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.